موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة غافر (40)

 

 


الآيات: 17-19 من سورة غافر

الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (17) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ (18) يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ (19)

أي يعلم أنها خيانة وكيف هي خيانة ، ولم يقل : يعلم ما أشارت به الأعين وما أومأت ، فإن المشار إليه يعلم ذلك فلا يكن مدحا ، ولكن لا يعلم كل أحد أنها خيانة إلا من أعلمه اللّه بذلك ، فهي في الخير خيانة محمودة ، وفي الشر خيانة مذمومة ، وما زالت عن كونها خيانة في الحالين ، وخائنة الأعين لا يسلم منها ، وغاية أن يسلم منها من سلم في الشر ، وأما في الخير فإنهم ربما اتخذوها في الخير طريقا محمودة ، فيومئ الكبير في حق الحاضر إلى بعض من يمتثل أمره أن يجيء إليه بخلعة أو بمال يهبه لذلك الحاضر ، يكون ذلك إيماء بالعين لا تصريحا باللفظ ، من غير شعور من يومئ في حقه بذلك الخير ، وإنما سميت خائنة عين


لأن الإفصاح عما في النفس إنما هو صفة الكلام ، ليس هو من صفة العين ، وإن كان في قوة العين الإفصاح بما في النفس بالإشارة ، ولكن إنما لها النظر ، والذي عندها من صفة الكلام إنما هو أمانة بيدها للكلام ، فإذا تصرفت في تلك الأمانة بالإيماء والإشارة لمن تومئ إليه في أمر ما ، فقد خانت الكلام فيما أمنها عليه من ذلك ، فلهذا سميت خائنة الأعين ، فوصفت بالخيانة ، والخيانة التصرف في الأمانة ، فإن الأمانة ليست بملك لك ، وإنك مأمور بأدائها إلى أهلها ، فإذا اقتضى الحال الأمر بخير أو شر في حق شخص ، وفي قوة العين الإفصاح عن ذلك لمن يشير إليه به ، فعلمت أن ذلك صفة الكلام فلم تفعل ، وردت تلك الأمانة إلى اللسان فنطق ، فقد أدت هذه العين الأمانة إلى أهلها ولم تخن فيها ، قيل للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم في فتح مكة ، لما وقف بين يديه رجل ممن كان النبي صلّى اللّه عليه وسلّم يريد قتله ، فلما قضى حاجته منه وانصرف ،

قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم : [ لم لم تقتلوه حين وقف بين يدي ؟

[ فقال له أصحابه ] هلا أومأت إلينا بطرفك [ فقال صلّى اللّه عليه وسلّم ] ما كان لنبي أن تكون له خائنة عين ]

ولا تقع خائنة العين في الخير وإن كان خيرا من نبي ، وسببه أن لا تعتاده النفس ، فربما تستعمله في الشر لاستصحابها إياه في الخير ، إذا كانت النفس من طبعها أن تسترقها العادة ، وبعد أن بينا لك هذا الأمر ، فتحفظ من خائنة الأعين ما استطعت أن تفعلها مع الحضور ، فإنك لست بمعصوم ،

فإن قلت : قد أشارت من شهد لها بالكمال ، ومنعت من الكلام ، وهي مريم إلى عيسى عليه السلام أن يسألوه عن شأنه ؛ قلنا : بعد ذلك نالت الكمال لا في ذلك الوقت ، ألا ترى زكريا عليه السلام قيل له : (آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً)

والرمز ما يقع بالإشارة ، فإن الإشارة صريحة في الأمر المطلوب ، بل هي أقوى في التعريف من التلفظ باسم المشار إليه في مواطن يحتاج المتكلم فيها إلى قرينة حال ، حتى لو قال شخص لآخر : كلم زيدا بكذا وكذا ، وزيد حاضر ، احتمل أن يفهم السامع زيدا آخر غير هذا ، والمتكلم إنما أراد الحاضر ، فإذا ترك التلفظ باسمه وأشار إليه بيده أو بعينه فقال : كلّم هذا ، مشيرا إليه ، كان أفصح وأبعد من الإبهام والنكر ، والحرف إنما هو لفظ مجمل يحتمل التوجه فيه إلى أمور .


المراجع:

(19) الفتوحات ج 2 / 611

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!