موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الشورى (42)

 

 


الآية: 20 من سورة الشورى

مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (20)

«مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ» وهو النصيب الأخروي وأجرها «نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ» فنوفقه للعمل الصالح ، فلا يزال ينتقل من خير إلى خير في خير ، فمن حسنة إلى حسنة ، فإذا كسب الآخرة نال ما اقتضاه العمل ، والزيادة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، فينال في الآخرة جميع أغراضه كلها ، وزيادة ما لم يبلغه غرضه ، والآخرة هنا هي الجنة ومن دخلها ، والحسنة هي حرث الآخرة في الدنيا ، فإن الدنيا منزل لا يمكن أن ينال أحد فيه جميع أغراضه ، بل يؤتيه اللّه منها ، وأما الآخرة وهي الجنة فهي منزل ينال السعيد فيها جميع أغراضه كلها وزيادة من غير توقف «وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا» وهي فانية ، وفرح بها وآثر نصيب الدنيا على نصيب الآخرة لاستيلاء الغفلة عليه ، فمن أراد حرث الدنيا فما يجني إلا ثمرة غرسه لا غير ، فقال تعالى : «نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ»

[ اعتبار ووصية : نزّه نفسك عن الدنيا وأوضاره: ]

-اعتبار ووصية -نزّه نفسك عن الدنيا وأوضارها ، واجعلها خادمة لك ولرعيتك ، أي جوارحك وقواك ، وما الدنيا إلى جانب منصبك الذي أهلك اللّه إليه ، المقدس عن تعلق الكونين به ؟ !

فكيف عن الدنيا التي مقتها اللّه تعالى ، وما نظر إليها من حين خلقها ؟ !

وناهيك من تشبيه النبي صلّى اللّه عليه وسلّم إياها بالجيفة والمزبلة ، مع إخباره أنها لا تساوي عند اللّه جناح بعوضة ، وأنها ملعونة ملعون ما فيها إلا ما كان من ذكر اللّه ، فيجمل بهمة خليفة مثلك ، قد خلقه اللّه نورا ، جوهرة يتيمة ، أن يلحظ ببصره أو بطرفه إلى جيفة أو مزبلة أو يتكالب عليها ؟ !

وقد قال تعالى : يا دنيا اخدمي من خدمني ، واستخدمي من خدمك ، فالدنيا وفقك اللّه تطلبك حتى توفيك ما قدّره لك من استخلفك ، من جاهك ورزقك وأرزاق رعيتك ، فأجمل في الطلب ، واسع في تخليص رعيتك وتخليص نفسك باشتغالك بما كلفك من استخدمك من الأوامر والنواهي والحدود ، فعليك بالإعراض عن الدنيا تأتيك خادمة راغمة ، والذي يصل إليك منها وأنت مقبل عليها ، هو الذي يصل إليك وأنت معرض عنها ، ذكر كعب الأحبار أن اللّه تعالى ذكر في التوراة : يا ابن آدم إن رضيت بما قسمت لك أرحت


قلبك وبدنك ، وأنت محمود ، وإن لم ترض بما قسمت لك ، سلطت عليك الدنيا ، حتى تركض فيها ركض الوحوش في البرية ، وعزتي وجلالي لا تنال منها إلا ما قدّرت لك وأنت مذموم ؛ فعلّق الراحة بالقلب مع البدن ، إذ لا يصح طلب شيء من غير إرادة ، إذ هي المحركة للباحث على البحث والتفتيش ، والإرادة من خاصتك المصرفة لعامتك ، فإن تصرفت في المضمون تصرفا كليا ، لم تتهيأ لامتثال أوامرك عليها ، وعند عدولها عن ذلك كنت لئيما على رعيتك ، على ما يرد في داخل الباب ، فاللّه اللّه ، اجهد أن لا تتعلق لك إرادة إلا بمراد محبوبك من جهة ظاهر الأمر ، وباطن الإرادة بعد وقوع المراد ، المؤدي إلى العلم بأن ذلك الواقع لولا ما سبق في العلم على ذلك ، وتعلقت به الإرادة لما وقع على ذلك الوصف ، مع جواز تبدله في نفسه في وقوعه على غير ذلك ، وهل خلقت الدنيا إلا من أجلك ؟ وخلقك سبحانه من أجله ، فأوجدك له وأوجد الأشياء لك ، أنزل في التوراة : يا ابن آدم ، خلقت الأشياء من أجلك وخلقتك من أجلي فلا تهتك ما خلقت من أجلي فيما خلقت من أجلك ؛

قال اللّه تعالى في القرآن العظيم :

(وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ، ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ ، وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ)

وقال : (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ)

وقال تعالى : (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ ،وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها) إلى أمثال هذا مما لا يحصى في القرآن كثرة .


المراجع:

(20) الفتوحات ج 1 / 751">751 - ج 4 / 180 - ج 1 / 751">751 - ج 3 / 353 - كتاب التدبيرات الإلهية

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!