موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الشورى (42)

 

 


الآيات: 26-27 من سورة الشورى

وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ (26) وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27)

اعلم أن السخاء هو العطاء على قدر الحاجة من غير مزيد ، لمصلحة يراها المعطي ، إذ لو زاد على ذلك ربما كان فيه هلاك المعطى إياه ، ولذلك قال تعالى : «وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ» وهو الثابت الواقع ، ولا حكم لأداة (لو) ، فإن كلمة (لو) لو زرعت ما نبت عنها شيء ويخسر البذر ، فمتى سمعت (لو) حيث سمعتها فلا تنظر إلى م

84


تحتها ، فإن ما تحتها لا يوجد ، فلا تخف منها ولا من دلالتها ، وليكن مشهودك الواقع خاصة ، فإنه لو وجد البغي عن البسط لم تقم الحجة عليهم ، ولكنه تعالى قال (لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ) لأنهم يضعفون عن القيام بما يستحقه بسط الرزق من الشكر ، وليس في قوة الإنسان إلا البغي به والكفر والأشر والبطر «وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ»

يعني الرزق ، وله موازين ، فإنه لو بسط اللّه الرزق لعباده لبغوا في الأرض ، فأنزل بقدر ما يشاء ، فيمنع بحق وحكمة ، ويعطي بحق وحكمة ، فهو الموصوف بالمعطي والمانع ، وهو بكل شيء عليم ، فما أنزل شيئا إلا بقدر معلوم ، ولا خلق شيئا إلا بقدر ، فإذا وجد البغي مع القدر قامت الحجة على الخلق ، فإن القدر ما يقع بوجوده في موجود معين المصلحة المتعدية منه إلى غير ذلك الموجود ، فمنع الغير مما بيده مع حصول الاكتفاء فما زاد فيعلم أنه لمصلحة غيره «إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ» فيعلم على من يبسط رزقه ، وعلى من يقبض عنه ذلك القدر الذي بسطه على غيره فبغي به ، ولذلك ما ذكر إلا عموم البسط في العباد كلهم ، وأضاف البغي للكل ، لأنه قد بسط للبعض فوقع منهم البغي فيما بسطه له ، لأنه شغله عن حاجة نفسه الضرورية بحاجة نفسه التي هي غير ضرورية . ولما كانت الدنيا تجري لأجل مسمى وينقضي أمدها ، فتكون الأشياء فيها تجري إلى أجل مسمى ،

قال تعالى : «وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ» لأجل ذلك الأجل ، فينزل مالكها فيها بقدر معلوم مساو لمدة الأجل ، والآخرة بخلاف ذلك ، فإنها لا ينتهي أمدها ، ألا ترى إلى قوله تعالى في خلق هذه الأرض الأولى (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها) فجعلها ذات مقدار ، فالرزق مقسوم ومنزل بقدر معلوم ، ولا ينقص ولا يزيد بسؤال العبيد .

طلب المزيد في الجبلة في كل ملة ، كيف لا يظهر بالافتقار من حكم عليه الاضطرار ، وبقي الحكم للأقدار ، فكل شيء عنده بمقدار ، وهذه الآية دليل على أن البسط لا يكون إلا لرفيع المنزلة رفيع الدرجات ، فينزل بالحال إلى حال من هو في أدنى الدرجات ، فلما تمكن هذا البسط في قلوب العباد أثر في قلوبهم بغيا فتعدوا منزلتهم ،

فقالوا : (إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ) حيث نزل الحق إليهم في البسط بقوله : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ)

[ إشارة : استدامة تجلي التوحيد يؤدي إلى تعطيل الأحكام: ]

-إشارة -نبه الحق بهذه الآية على مقام القبض ، فإن إظهار التوحيد - أي توحيد الأفعال - للّه تعالى ، يوما ما أو في نازلة ما ، لا في كل يوم ، ولا في كل النوازل ، لأن استدامة هذا التجلي يؤدي إلى تعطيل الأحكام والديانات ، وإذا كان ذلك خرب الملك عاجلا أو آجلا ، فاللّه اللّه ولا لمحة بارق من التوحيد .



المراجع:

(27) الفتوحات ج 1 / 586 - ج 4 / 426 - ج 3 / 112 ، 229 - كتاب الأعلاق - إيجاز البيان - الفتوحات ج 4 / 224 - ج 3 / 529 ، 112 ، 529 ، 102 - ج 4 / 351 - ج 2 / 511 - كتاب التدبيرات الإلهية

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!