موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة محمد (47)

 

 


الآيات: 18-19 من سورة محمد

فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ (18) فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ (19)

[ «فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ. . .» الآية - العلم بتوحيد اللّه تعالى :]

كل علم يوصلك إلى حيث متعلقه ، والشغف من العالم بالمتعلق لا بالعلم ، ولهذا العلم بالذات الإلهية لا يصح أصلا ، لأنه لا يوصلك إليها لعزتها ، وإنما تصل إليها على قدرك في علمك بها ، فالتوحيد هو المطلوب من كل موجود ، ونهانا الشارع أن نتفكر في ذات اللّه ، إذ من ليس كمثله شيء ، كيف يوصل إلى معرفة ذاته ؟ وما منعنا من الكلام في توحيد اللّه ، بل أمر بذلك فقال آمرا بالعلم بتوحيده «فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ» وهي المعرفة الواجبة بتوحيد اللّه في ألوهيته ، وذلك بأن نعلم أن النفي ورد على أعيان المخلوقات لما وصفت بالألوهية ونسبت إليها وقيل فيها آلهة ، ولهذا تعجب من تعجب من المشركين لما دعاهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى اللّه الواحد ، فأخبر اللّه عنهم أنهم قالوا : (جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ) فسموها آلهة ، وهي ليست بهذه الصفة ، فورد حكم النفي على هذه النسبة الثابتة عندهم إليها ، لا في نفس الأمر ، لا على نفي الألوهية ، فكأنه يقول للمشرك : هذا القول الذي قلت لا يصح ، أي ما هو الأمر كما زعمت ، ولا بد من إله ، وقد انتفت الكثرة من الآلهة بحرف الإيجاب الذي هو قوله «إِلَّا» وأوجبوا هذه النسبة إلى المذكور بعد حرف الإيجاب وهو مسمى «اللَّهُ» فقالوا : «لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ» فلم تثبت نسبة الألوهة للّه بإثبات المثبت ، لأنه سبحانه إله لنفسه ، فأثبت المثبت بقوله «إِلَّا اللَّهُ» هذا الأمر في نفس من لم يكن يعتقد انفراده سبحانه بهذا الوصف ، ومن جهة أخرى فقوله تعالى : «فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ» يقول اعلم من إخباري الموافق لنظرك ليصح لك الإيمان علما ، كما صح لك العلم من غير إيمان الذي هو قبل التعريف ، فمن أجل هذا الأمر - على نظر بعض الناس ورأيه


فيه - نظرنا من أين نتوصل إلى معرفته ؟ فنظرنا على حكم الإنصاف وما أعطاه العقل الكامل بعد جده واجتهاده الممكن منه ، فلم نصل إلى المعرفة به سبحانه إلا بالعجز عن معرفته ، لأنا طلبنا أن نعرفه طلب معرفة الأشياء كلها من جهة الحقيقة التي هي المعلومات عليها ، فلما عرفنا أن ثمّ موجودا ليس له مثل ، ولا يتصور في الذهن ، ولا يدرك ، فكيف يضبطه العقل ؟

هذا ما لا يجوز ، مع ثبوت العلم بوجوده ، فنحن نعلم أنه موجود واحد في ألوهته ، وهذا هو العلم الذي طلب منا ، غير عالمين بحقيقة ذاته التي يعرف سبحانه عليها ، وهو العلم بعدم العلم الذي طلب منا ،

لما كان تعالى لا يشبه شيئا من المخلوقات في نظر العقل ، ولا يشبهه شيء منا ، وفي ذلك قال الصدّيق : العجز عن درك الإدراك إدراك ، فجعل العلم باللّه هو لا دركه ، من جهة كسب العقل كما يعلمه غيره ، ولكن دركه من جوده وكرمه ووهبه ،

أما من جهة الدليل فلا يعرف أبدا إلا معرفة الوجود ، وأنه الواحد المعبود لا غير ، فالحق تعالى هو الموصوف بالوجود المطلق ، لأنه سبحانه ليس معلولا لشيء ولا علة لشيء ، بل هو موجود بذاته ، والعلم به عبارة عن العلم بوجوده ، ووجوده ليس غير ذاته ، مع أنه غير معلوم الذات ، لكن يعلم ما ينسب إليه من الصفات ،

أعني صفات المعاني ، وهي صفات الكمال ، وأما العلم بحقيقة الذات فممنوع ، لا تعلم بدليل ولا برهان عقلي ، ولا يأخذها حد ، فإنه سبحانه لا يشبه شيئا ولا يشبهه شيء ، فكيف يعرف من يشبه الأشياء من لا يشبهه شيء ولا يشبه شيئا ؟

فمعرفتك به إنما هي أنه ليس كمثله شيء ، ويحذركم اللّه نفسه ، وقد ورد المنع من الشرع في التفكر في ذات اللّه ، فلا يعلم من اللّه إلا وجوده ، وتعلم أفعاله وصفاته بضرب من الأمثلة ، ولذلك فإن التوحيد الذي يؤمر به العبد أن يعلمه أو يقوله ، ليس هو التوحيد الذي يوحد الحق به نفسه ، فإن توحيد الأمر مركب ، فإن المأمور بذلك مخلوق ، ولا يصدر عن المخلوق إلا ما يناسبه ، وهو مخلوق عن مخلوق ، فهو أبعد في الخلق عن اللّه الذي وجد عنه هذا التوحيد ، فكيف يليق بالجناب العزيز ما هو مضاف إلى الخلق ؟

وإن كنا تعبدنا به شرعا ، فنقرره في موضعه ، ونقوله كما أمرنا به على جهة القربة إليه ، مع ثبوت قدمنا فيما أشهدنا الحق من المعرفة به ،

من كونه لا يعرف في (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) وفيما ذكره في سورة الإخلاص ، وفي عموم قوله بالتسبيح الذي هو التنزيه (رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ)

والعزة تقتضي المنع أن يوصل إلى معرفته ، فالأمر هنا الأمر


بالتقليد في التوحيد ، لأن الأمر لا يتعلق بمن يعطيه الدليل ذلك ، إلا أن يكون متعلق الأمر الاستدلال ، لا التعريف على طريق التسليم ، أو الاستدلال بالتنبيه على موضع الدلالة ، مثل قوله : (إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ)

وكقوله : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا)

لذلك نقول : إن العلم باللّه له طريقان : طريق يستقل العقل بإدراكه قبل ثبوت الشرع ، وهو يتعلق بأحديته في ألوهته ، وأنه لا شريك له ، وما يجب أن يكون عليه الإله الواجب الوجود ، وليس له تعرض إلى العلم بذاته تعالى ، ومن تعرض بعقله إلى معرفة ذات اللّه فقد تعرض لأمر يعجز عنه ، ويسيء الأدب فيه ، وعرّض نفسه لخطر عظيم ،

وهذا الطريق هو الذي قال فيه الخليل إبراهيم عليه السلام لقومه

(أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَلا تَعْقِلُونَ ؟)

فنبههم على أن العلم باللّه من كونه إلها واحدا في ألوهته من مدركات العقول ، فما أحالهم إلا على أمر يصح منه أن ينظر ، فيعلم بنظره ما هو الأمر عليه ، والطريق الآخر طريق الشرع بعد ثبوته ، فأتى بما أتى به العقل من جهة دليله ، وهو إثبات أحدية خالقه وما يجب له عزّ وجل ، والمسلك الآخر من العلم باللّه العلم بما هو عليه في ذاته ، فوصفه بعد أن حكم العقل بدليله بعصمته فيما ينقله عن ربه من الخبر عنه سبحانه مع (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) وأن لا يضرب له مثل ، بل هو الذي يضرب الأمثال ، لأنه يعلم ونحن لا نعلم ، فنسب إليه تعالى أمورا لا يتمكن للعقل من حيث دليله أن ينسبها إليه ،

ولا يتمكن له ردها على من قام الدليل العقلي عنده على عصمته ، فأورثه ذلك حيرة ، فمن العقلاء من تأول تأويل تنزيه وتأييد ، وعضد تأويله ب (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) و (ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ)

ومن العقلاء من سلم علم ذلك إلى من جاء به أو إلى اللّه ، ومن العقلاء من أهل اللسان من شبّه ، وعذر اللّه كل طائفة ، وما طلب من عباده في حقه إلا أن يعلموا أنه إله واحد ، لا شريك له في ألوهته لا غير ،

وأن له الأسماء الحسنى بما هي عليه من المعاني في اللسان ، وقرن النجاة والسعادة بمن وقف عندما جاء من عنده عزّ وجل في كتبه وعلى ألسنة رسله عليهم السلام ، ولا شك أن للّه عبادا عملوا على إيمانهم ، وصدقوا اللّه في أحوالهم ،

ففتح اللّه أعين بصائرهم وتجلى لهم في سرائرهم ، فعرفوه على الشهود ، وكانوا في معرفتهم تلك على بصيرة وبينة بشاهد منهم ، فعليك بعبادة اللّه التي جاء بها الشرع وورد بها السمع ، ولا تكفر بما أعطاك دليلك المؤدي إلى تصديقه ،

ومن أراد أن يعرف لباب التوحيد فلينظر في الآيات الواردة في التوحيد في


الكتاب العزيز الذي وحّد بها نفسه ، فلا أعرف من الشيء بنفسه ، فلتنظر بما وصف نفسه ، وتسأل اللّه تعالى أن يفهمك ذلك ، فستقف على علم إلهي لا يبلغ إليه عقل بفكره أبد الآباد ، ولتعلم أن المراد بتوحيد اللّه الذي أمرنا بالعلم به أنه توحيد الألوهية له سبحانه ، لا إله إلا هو ، فإنه تعالى لم يقل : فاعلم أنه لا تنقسم ذاته ، ولا أنه ليس بمركب ، ولا أنه مركب من شيء ، ولا أنه جسم ، ولا أنه ليس بجسم ؛ بل قال في صفته أنه (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)

ولما لم يتعرض الحق سبحانه إلى تعريف عباده بما خاضوا فيه بعقولهم ، ولا أمرهم اللّه في كتابه بالنظر الفكري ، إلا ليستدلوا بذلك على أنه إله واحد أي أنها لا تدل إلا على الوحدانية في المرتبة ، فلا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد ، فزادوا في النظر وخرجوا عن المقصود الذي كلفوه ، فأثبتوا له صفات لم يثبتها لنفسه ، ونفت طائفة أخرى تلك الصفات ، ولم ينفها عن نفسه ولا نص عليها في كتابه ولا على ألسنة أنبيائه ، ثم اختلفوا في إطلاق الأسماء عليه ، فمنهم من أطلق عليه ما لم يطلقه على نفسه وإن كان اسم تنزيه ، ولكنه فضول من القائل به والخائض فيه ، ثم أخذوا يتكلمون في ذاته وقد نهاهم الشرع عن التفكر في ذاته جل وتعالى ، فانضاف إلى فضولهم عصيان الشرع ، بالخوض فيما نهوا عنه ،

فمن قائل :هو جسم ، ومن قائل : ليس بجسم ، ومن قائل : هو جوهر ،

ومن قائل : ليس بجوهر ، ومن قائل : هو في جهة ، ومن قائل : ليس في جهة ،

وما أمر اللّه أحدا من خلقه بالخوض في ذلك جملة واحدة ، لا النافي ولا المثبت ، ولو سئلوا عن تحقيق معرفة ذات واحدة من العالم ما عرفوها ، فالعاقل يشغل نفسه بالنظر في الأوجب عليه لا يتعداه ، فإن المدة يسيرة ، والأنفاس نفائس ، وما مضى منها لا يعود ، فاعلم أن اللّه إله واحد ، لا إله إلا هو ، مسمى بالأسماء التي يفهم منها ومن معانيها أنها لا تنبغي إلا له ، ولمن تكون هذه المرتبة له ، ولا تتعرض يا ولي للخوض في الماهية والكمية والكيفية ، فإن ذلك يخرجك عن الخوض فيما كلفته ،

[نصيحة خالصة :الزم طريقة الإيمان بالإلهيات ]

والزم طريقة الإيمان والعمل بما فرض اللّه عليك ، واذكر ربك بالغدو والآصال ، بالذكر الذي شرعه لك من تهليل وتسبيح وتحميد ، واتق اللّه ، فإذا شاء الحق أن يعرفك بما شاءه من علمه ، فأحضر عقلك ولبك لقبول ما يعطيك ويهبك من العلم به ،

فذلك هو النافع ، وهو النور الذي يحيى به قلبك ، وتمشي به في عالمك ، وتأمن فيه من ظلم الشبه والشكوك ، فإن ظلم الشبه والشكوك ، تطرأ في العلوم التي تنتجها الأفكار


للمتكلمين في ذات اللّه والخائضين فيه ، من الأشاعرة والمعتزلة ، وكذلك الفلاسفة في مقالاتهم في اللّه وفيما ينبغي أن يعتقد ، ولا يزالون مختلفين ، حتى يختلفوا في أصول المذهب الذي يجمعهم ، ولا نرى الرسل والأنبياء قديما وحديثا - من آدم إلى محمد وما بينهما عليهم الصلاة والسلام - قط اختلفوا في أصول معتقدهم في جناب اللّه ،

بل كل واحد منهم يصدق بعضهم بعضا ، ولا سمعنا عن أحد منهم أنه طرأ عليه في معتقده وعلمه بربه شبهة قط ، فانفصل عنها بدليل ، ولو كان لنقل ودوّن ونطقت به الكتب ، كما نقل سائر ما تكلم فيه من ذلك ممن تكلم فيه ،

ولا سيما والأنبياء تحكمت في العامة في أنفسها وأموالها وأهليها ، وحجّرت وأباحت ، ولم يكن لغيرها هذه القوة من التحكم ، فكانت الدواعي تتوفر على نقل ما اختلفوا فيه في جانب الحق ، لأنهم ينتمون إليه ويقولون : إنه أرسلهم ، وأتوا بالدلائل على ذلك من المعجزات ، ولا نقل عن أحد منهم أنه طرأت عليه شبهة في علمه بربه ،

ولا اختلف واحد منهم على الآخر في ذلك ، والناظر بفكره في معتقده لا يبقى على حالة واحدة دائما ، بل هو في كل وقت بحسب ما يعطيه دليله في زعمه في وقته ، فيخرج من أمر إلى نقيضه ، وما دخل على المتكلمين والنظار ما دخل إلا من الفضول ،

ولهذا وقع الخلاف ولعبت بهم الأفكار والأهواء ، فلو وقفوا حتى يكون الحق هو الذي يعرفهم على لسان رسوله بما ينبغي أن يضاف إليه ويسمى به أفلحوا ، وإنما الإنسان خلق عجولا ،

ورأى في نفسه قوة فكرية ، فتصرف بها في غير محلها ، فتكلم في اللّه بحسب ما أعطاه نظره ، والأمزجة مختلفة ، والقوة المفكرة متولدة من المزاج ، فيختلف نظرها باختلاف مزاجها ، فيختلف إدراكها وحكمها فيما أدركته ، فاللّه يحول بيننا وبين سلطان أفكارنا فيما لم نؤمر بالتفكر فيه ،

فمعرفة اللّه بطريق الخبر أعلى من المعرفة باللّه من طريق النظر ، فإن طريق الخبر في معرفة اللّه إنما جاء بما ليست عليه ذاته تعالى من علم الناظر ، فالمعرفة بالأدلة العقلية سلبية ، وبالأدلة الخبرية ثبوتية وسلبية في ثبوت ، ولا يبلغ العقل في تنزيه الحق مبلغ الشرع فيه ،

فأمرنا اللّه أن نعلم أنه لا إله إلا هو بقوله : «فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ» فأمرنا أن نعلم أن اللّه واحد في ألوهيته ، فهو واحد في المرتبة ، وما تعرض للذات جملة واحدة ، فإن أحدية الذات تعقل ، فالمعرفة به من كونه إلها ، والمعرفة بما ينبغي للإله أن يكون عليه من الصفات ، التي يمتاز بها عمن ليس بإله وعن المألوه ، هي المأمور بها شرعا «وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ» وهو هنا ما يخطر


لمن نظر في توحيد اللّه من طلب ماهيته وحقيقته ، وهو معرفة ذاته التي ما تعرف ، وحجر التفكر فيها لعظم قدرها ، وعدم المناسبة بينها وبين ما يتوهم أن يكون دليلا عليها ، فلا يتصورها وهم ولا يقيدها عقل ، بل لها الجلال والتعظيم ،

[ التوحيد الثاني والثلاثون في القرآن وهو توحيد الذكرى: ]

واعلم أن هذا هو التوحيد الثاني والثلاثون في القرآن ، وهو توحيد الذكرى ، وهو توحيد اللّه ، فإن الإنسان لما جبله اللّه على الغفلات - رحمة به- فيغفل عن توحيد اللّه بما يطالعه في كل حين من مشاهدة الأسباب ، التي يظهر التكوين عندها ، وليس ثمة إدراك يشهد به عين وجه الحق في الأسباب التي يكون عنها التكوين ، وهو لاستيلاء الغفلة وهذا الغطاء يتخيل أن التكوين من عين الأسباب ، فإذا جاءته الذكرى - على أي وجه - علم بمجيئها أنها تدل لذاتها على أنه لا إله إلا اللّه ، وأن تلك الأسباب لولا وجه الأمر الإلهي فيها ، أو هي عين الأمر الإلهي ، ما تكوّن عنها شيء أصلا ، فلما كان هذا التوحيد بعد ستر رفعته الذكرى ، أنتج له أن يسأل ستر اللّه للمؤمنين والمؤمنات ، فقال تعالى : «وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ» فهي من منن اللّه على عبده ، واعلم أن التلفظ بشهادة الرسالة المقرونة بشهادة التوحيد فيه سر إلهي ، وهو أن الإله الواحد الذي جاء بوصفه ونعته الشارع ، ما هو التوحيد الإلهي الذي أدركه العقل ، للصفات التي لا يقبلها توحيد العقل المجرد عن الشرع ، فهذا المعبود ينبغي أن تقرن شهادة الرسول برسالته بشهادة توحيد مرسله ، ولهذا يضاف إليه

[ إشارة وتحقيق : الأكابر يلزمون في الذكر (لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ (]

-إشارة وتحقيق -الأكابر يلتزمون في الذكر (لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ) على غير ما يعطيه النظر العقلي ، أي الوجود هو اللّه ، والعدم منفي الذات والعين بالنفي الذاتي ، والثابت ثابت الذات والعين بالإثبات الذاتي ، وتوجه النفي على النكرة وهو «إِلهَ» وتوجه الإثبات على المعرفة وهو «اللَّهُ» وإنما توجه النفي على النكرة وهو «إِلهَ» لأن تحتها كل شيء ، وما من شيء إلا وله نصيب من الألوهة يدعيه ، فلهذا توجه عليه النفي ، لأن الإله من لا يتعين له نصيب ، فله الأنصباء كلها .


المراجع:

(19) كتاب الأعلاق - الفتوحات ج 1 / 476 - ج 3 / 90 - ج 1 / 271">271 ، 612 ، 328 ، 92 ، 93 ، 95 ، 118 - ج 2 / 580 ، 579 - ج 3 / 310 - ج 1 / 92 - ج 3 / 81 - ج 1 / 681 - ج 4 / 294 - ج 1 / 271">271 - ج 3 / 90 - ج 2 / 419 - ج 1 / 328 - ج 4 / 89

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!