موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة محمد (47)

 

 


الآية: 31 من سورة محمد

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ (31)

«وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ» [ «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ . . .» الآية : ]

مع علمه بما يكون منهم ، وهو العليم سبحانه ، فآنسهم تعالى بقوله «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ» ففيه حكم إيمان يعتض به من يسمع ممن لا يعرف اللّه ، قولهم : إن اللّه لا يعلم الجزئيات ، وإن كانوا قصدوا بذلك التنزيه ، وهذه مسئلة لا يمكن تحققها بالعقل ، ما لم يكن الكشف بكيفية تعلق العلم الإلهي بالمعلومات ، وأنه ليس في حق الحق ماض ولا آت ، وأن آنه لم يزل ولا يزال ، لا يتصف آنه بأنه لم يكن ثم كان ، ولا بانقضاء بعد ما كان ، فبهذا يعلم أن اللّه يعلم الجزئيات علما صحيحا ، غاب عنه من قصد التنزيه بنفيه عن جناب الحق ، ومع أنه سبحانه العالم بما يكون ، ولكن الحال يمنع من إقامة الحجة له سبحانه علينا ، فأنبأ عن حقيقة لا تردّ ، تعليما لنا بما هو الأمر عليه ، وأن الحكم للأحوال ، فلم يبق بالابتلاء لأحد حجة على اللّه ، فحسم بذلك الابتلاء احتمال قولهم :

لو حكم بعلمه فيهم ، أن يقولوا : لو بلوتنا وجدتنا واقفين عند حدودك ؛ وهذا يسمى علم الخبرة ، وهو الاسم الخبير في قوله تعالى : (عَلِيماً خَبِيراً)

فقال تعالى : «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ» أي إذا ظهر منكم عند الابتلاء بالتكليف ما يكون منكم ، من مخالفة أو طاعة ، يتعلق العلم مني عند ذلك به ، كان ما كان ، فإن العلم لا حكم له في التقليب على الحقيقة ، وإنما التقليب لموجد عين الفعل ، ويتعلق العلم بذلك الانقلاب والمنقلب إليه ، ولولا الاشتراك في الصورة في قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم :[ خلق اللّه آدم على صورته ]

ما حكم الحق على نفسه بما حكم لخلقه من حدوث تعلق العلم ، وهذا غاية اللطف في الحكم والتنزل الإلهي ، فنزل مع خلقه في العلم المستفاد ، إذ كان علمهم مستفادا ، كما شرّك نفسه تعالى مع خلقه في الأحكام الخمسة ، فمع علمه بما يكون من خلقه قال : «حَتَّى نَعْلَمَ» وأعلم


من اللّه لا يكون ، ومع ذلك أنزل نفسه في هذا الإخبار منزلة من يستفيد بذلك علما ، وهو سبحانه العالم بما يكون منهم في ذلك قبل كونه ، فمن المنزهة في زعمهم من يقول :

إن اللّه لا يستفيد من ذلك علما ، فإنه لا يعلم الأمر من حيث ما هو واقع من فلان على التعيين ؛ فرد كلام اللّه وتأوله ، إذ خاف من وقوع الأذى به لذلك ، ومن الظاهرية من التزم أنه يعلم بذلك الاختبار وقوفا عند هذا اللفظ ، ومن الناس من صرف ذلك إلى تعلق العلم به عند الوقوع ، فالعلم قديم والتعلق حادث ، ومن المؤمنين من سلّم علم ذلك إلى اللّه وآمن به من غير تأويل معين ، وهذا هو أسلم ما يعتقد ، وهذا كله ابتلاء من اللّه لعباده الذين ادعوا الإيمان به بألسنتهم «الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ» المجاهدة مشقة وتعب ، وبها سمي الجهاد جهادا ، والمجاهدة حمل النفس على المشاق البدنية ، المؤثرة في المزاج وهنا وضعفا ، وأعظم المشاق إتلاف المهج في سبيل اللّه ، وهو الجهاد في سبيل اللّه ، فابتلاهم أولا بما كلفهم ، واستخدمهم بما ابتلاهم حتى يعلم المجاهدين من عباده والصابرين ، ويبلو أخبارهم بقوله : «وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ» فإذا عملوا ابتلى أعمالهم ، هل عملوها لخطاب الحق أو عملوها لغير ذلك ؟ فجعل الحق الابتلاء سبب حصول هذا العلم ، وما هو سبب حصول العلم ، وإنما هو سبب إقامة الحجة ، حتى لا تكون للمحجوج حجة يدفع بها . واعلم أن البلاء في الدنيا نعمة معجلة من اللّه تعالى على عباده المؤمنين ، والبلاء على قدر المراتب عند اللّه تعالى ، وجاء في الأثر عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال :[ ما ابتلى اللّه أحدا من الأنبياء بمثل ما ابتليت به ] .


المراجع:

(31) الفتوحات ج 2 / 537 - إيجاز البيان آية 22 - الفتوحات ج 2 / 146 - ج 1 / 657 - ج 2 / 534 - ج 3 / 111 - ج 2 / 423 - ج 3 / 249 - ج 2 / 146 - ج 4 / 52 - ج 3 / 334 ، 134- كتاب الكتب

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!