The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الفتح (48)

 

 


الآية: 2 من سورة الفتح

لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً (2) «لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ»

[ «لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ . . .» الآية ]

فيسترك عما يستحقه صاحب الذنب من العتب والمؤاخذة ، «وَما تَأَخَّرَ» يسترك عن عين الذنب حتى لا يجدك فيقوم بك ، فإنه ليس للمغفرة متعلق إلا أن يسترك من الذنب أو يسترك من العقوبة عليه ، فما تقدم لا يعاقب عليه ، وما تأخر لا يصيبه صلّى اللّه عليه وسلّم ، وهذا إخبار من اللّه بعصمته صلّى اللّه عليه وسلّم ، فأعلمنا بالمغفرة في الذنب المتأخر أنه معصوم بلا شك ، ويؤيد عصمته أن جعله اللّه أسوة يتأسى به ، فلما بشر صلّى اللّه عليه وسلّم بالمغفرة العامة - وقد ثبتت عصمته فليس له ذنب يغفر - لم يبق إضافة الذنب إليه إلا أن يكون هو المخاطب والقصد أمته ، كما قيل : إياك أعني فاسمعي يا جارة ، وهو صلّى اللّه عليه وسلّم معصوم من الذنوب ، فهو المخاطب بالمغفرة ، والمقصود من تقدم من زمان آدم إلى زمانه ، وما تأخر من الأمة من زمانه إلى يوم القيامة ،

فإن الكل أمته حيث قال : [ كنت نبيا وآدم بين الماء والطين ] وهو سيد النبيين والمرسلين ، فإنه سيد الناس ، وهم من الناس ،

فبشر اللّه محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم بقوله : «لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ» بعموم رسالته إلى الناس كافة بالنص ، فبشره اللّه بالمغفرة لما تقدم من ذنوب الناس وما تأخر منهم ، فكان هو المخاطب والمقصود الناس ، فيغفر اللّه للكل ويسعدهم ، وهو اللائق بعموم رحمته التي وسعت كل شيء ، وبعموم مرتبة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم حيث بعث إلى الناس كافة ، ولم يقل : أرسلناك إلى هذه الأمة خاصة ، ولا إلى أهل هذا الزمان إلى يوم القيامة خاصة ، لكن ثمّ مغفرة في الدنيا ، وثمّ مغفرة في القبر ، وثمّ مغفرة في الحشر ، وثمّ مغفرة في النار بخروج منها وبغير خروج ، لكن يستر عن العذاب أن يصل إليه بما يجعل له من نعيم في النار مما يستعذبه ، فهو عذاب بلا ألم «وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ» بأن يعطيها خلقها ، فأخبره بهذه الآية أن نعمته التي أعطاها محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم مخلقة ، أي تامة الخلقة «وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً» وهو صراط ربه الذي هو عليه ، فالشرائع كلها أنوار ، وشرع محمد صلّى اللّه عليه وسلّم بين هذه الأنوار كنور الشمس بين أنوار


الكواكب ، فإذا ظهرت الشمس خفيت أنوار الكواكب واندرجت أنوارها في نور الشمس ، فكان خفاؤها نظير ما نسخ من الشرائع بشرعه صلّى اللّه عليه وسلّم مع وجود أعيانها ، كما يتحقق وجود أنوار الكواكب ، ولهذا ألزمنا في شرعنا العام أن نؤمن بجميع الرسل وجميع شرائعهم أنها حق ، فلم ترجع بالنسخ باطلا ، ذلك ظن الذين جهلوا ، فرجعت الطرق كلها ناظرة إلى طريق النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ، فلو كانت الرسل في زمانه لتبعوه ، كما تبعت شرائعهم شرعه ، فإنه أوتي جوامع الكلم ، فمن عرف نعم اللّه عليه أوجب عليه هذا العلم الشكر ، فشغل نفسه بشكر اللّه تعالى كما فعله رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين نزلت عليه هذه الآية ، وبشر الحق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بذلك فقام حتى تورمت قدماه شكرا للّه تعالى على هذه النعمة ، فما فتر ولا جنح إلى الراحة ، ولما قيل له في ذلك وسئل في الرفق بنفسه قال صلّى اللّه عليه وسلّم : [ أفلا أكون عبدا شكورا ]

وذلك لما سمع اللّه يقول : (سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) وأتى بفعول وهو بنية المبالغة ، فكثر منه الشكر لما كثرت النعم ، فطلبت كل نعمة منه الشكر للّه عليها ،

ورد في الحديث الثابت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في صيام يوم عرفة : [ أحتسب على اللّه أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده ] خرّجه مسلم ، فمن صام هذا اليوم أخذ بحظ وافر مما أعطى اللّه نبيه صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله : «لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ» فلم يزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عمره كلّه في الحكم حكم الصائم يوم عرفة .


المراجع:

(2) الفتوحات ج 4 / 491 - ج 3 / 153 - ج 2 / 138 - ج 3 / 153 ، 152 - ج 4 / 454 - ج 1 / 503 - ج 3 / 152 - ج 1 / 636

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!