موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة آل عمران (3)

 

 


الآية: 14 من سورة آل عمران

زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14)

لما قبلت الحضرة الخيالية المعاني صورا قال اللّه فيها «زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ» فصوّر الحب صورة ، زينها لمن شاء من عباده ، فأحبها بنفسها ما أحبها بغيرها ، لأنه تعالى ما زيّن له إلا حب الشهوة فيما ذكره ، فالحب المطلق زين له ، ثم علقه بالشهوة فيما ذكره ، وعلقه لمن شاء في الشهوة أيضا في أمر آخر ، وإنما ذكر الشهوة لأنها صورة طبيعية ، فإنّ الخيال حضرته الطبيعة ، ثم يحكم عليها الخيال فيجسدها إذا شاء ، والشهوة هي آلة النفس تعلو بعلو المشتهى وتسفل باستفال المشتهى ، والشهوة إرادة الالتذاذ بما ينبغي أن يلتذ به ، ولا يلتذ إلا بالمناسب ، والتذاذ الإنسان بكماله أشد الالتذاذ ، برهان ذلك أن الإنسان لا يسري في كله الالتذاذ ، ولا يفنى في مشاهدة شيء بكليته ، ولا تسري المحبة والعشق في طبيعة روحانيته إلا إذا عشق جارية أو غلاما ، وسبب ذلك أنه يقابله بكليته لأنه على صورته ، وكل شيء من العالم جزء منه ، فلا يقابله إلا بذلك الجزء المناسب ، فلذلك لا يفنى في شيء يعشقه إلا في مثله ، ولذلك بدأ بالنساء فقال «مِنَ النِّساءِ» أي في النساء ، فحنين الرجل إليهن حنين الكل إلى جزئه ، كاستيحاش المنازل لساكنيها التي بهم حياتها ، ولأن المكان الذي في الرجل الذي استخرجت منه المرأة عمره اللّه بالميل إليها ، فحنينه إلى المرأة حنين الكبير ، وحنوه على الصغير ، وكذلك كما كان الإنسان محلّ التكوين ، وكان الإنسان بالصورة يقتضي أن يكون فعالا ، ولا بدّ له من محل يفعل فيه ، ويريد لكماله أن لا يصدر عنه إلا الكمال ، ولا أكمل من وجود الإنسان ، ولا يكون ذلك إلا في النساء اللاتي جعلهن اللّه محلا ، والمرأة جزء من الرجل بالانفعال الذي انفعلت عنه ، حبب إلى الكامل النساء ، ولما كانت المرأة عين ضلع الرجل ، فما كان محل تكوين ما كون فيها إلا نفسه ، فما ظهر عنه مثله إلا في عينه ونفسه ، ثم ذكر فتنة الولد والمال ، وهذه الفتن تضم الأمهات الثلاث للبلاء والاختبار : وهي فتنة النساء والولد والمال ، وأما فتنة الولد فلكونه سر أبيه وقطعة من كبده ، وألصق الأشياء به ، فحبه

حب الشيء نفسه ، ولا شيء أحب إلى الشيء من نفسه ، فاختبره اللّه بنفسه في صورة خارجة عنه سماه ولدا ، ليرى هل يحجبه النظر إليه عما كلفه الحق في إقامة الحقوق عليه ، يقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم في حق ابنته فاطمة ومكانتها من قلبه المكانة التي لا تجهل : [ لو أن فاطمة بنت محمد سرقت قطعت يدها ] وجلد عمر بن الخطاب ابنه في الزنا فمات ، ونفسه بذاك طيبة. فما من فتنة أعظم عند الرجال من فتنة الولد ، والمال ، الولد مجهلة مجبنة مبخلة ، والمال مالك ، وصاحبه بكل وجه ، وإن فاز هالك ، إن أمسكه أهلكه ، وإن جاد به تركه ، وما سمي مالا إلا لكونه يمال إليه طبعا ، فاختبر اللّه به عباده حيث جعل تيسير بعض الأمور بوجوده ، وعلّق القلوب بمحبة صاحب المال وتعظيمه ، ولو كان بخيلا ، فإن العيون تنظر إليه بعين التعظيم ، لتوهم النفوس باستغنائه عنهم ، لما عنده من المال ، وربما يكون صاحب المال أشد الناس فقرا إليهم في نفسه ، ولا يجد في نفسه الاكتفاء ولا القناعة بما عنده ، فهو يطلب الزيادة مما بيده ، ومن أراد أن يعتصم من التزيين ، فليقف عند ظاهر الكتاب والسنة ، لا يزيد على الظاهر شيئا ، فإن التأويل قد يكون من التزيين ، فما أعطاه الظاهر جرى عليه ، وما تشابه منه ، وكل علمه إلى اللّه ، وآمن به ، فهذا متبع ليس للتزيين عليه سبيل ، ولا يقوم عليه حجة عند اللّه . «وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ» الإنسان يتردد بين ثلاثة أحكام : حكم ذاتي له منه عليه وهو المباح ، وحكمان قرنا به مما قرن به من الأرواح الطاهرة الملكية وغير الطاهرة الشيطانية ، وله القبول والردّ بحسب ما سبق به الكتاب ، وقضى به الخطاب ، فمنهم شقي وسعيد ، كما كان من القرناء مقرب وطريد ، فهو لمن أجاب ، وعلى اللّه تبيان الخطأ من الصواب ، وغاية الأمر «أن اللّه عنده حسن المآب» وما قرن اللّه قط بالمآب إليه سوءا تصريحا ، وغاية ما ورد في ذلك في معرض التهديد في الفهم الأول. (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) .


المراجع:

(14) الفتوحات ج 3 / 508 - ج 2 / 189 - ج 3 / 508 - ج 2 / 189 - ج 3 / 505 - ج 4 / 454 ، 341 ، 454 - ج 2 / 494 - ج 3 / 390

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!