موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الرحمن (55)

 

 


الآية: 3 من سورة الرحمن

خَلَقَ الْإِنْسانَ (3)

[ ترتيب الخلائق من العقل إلى الإنسان : ]

فعين له الصنف المنزل عليه . اعلم أن اللّه كان ولا شيء معه ، لم يرجع إليه من إيجاد العالم صفة لم يكن عليها ، بل كان موصوفا لنفسه ، ومسمى قبل خلقه بالأسماء التي يدعونه بها خلقه ، فلما أراد وجود العالم وبدأه على حد ما علمه بعلمه بنفسه ، انفعل عن تلك الإرادة المقدسة بضرب تجل من تجليات التنزيه إلى الحقيقة الكلية ، انفعل عنها حقيقة تسمى الهباء ، هي بمنزلة طرح البناء الجص ليفتح فيها ما شاء من الأشكال والصور ، وهذا هو أول موجود في العالم ، ثم أنه سبحانه تجلى بنوره إلى ذلك الهباء ، والعالم كله فيه بالقوة والصلاحية ، فقبل منه تعالى كل شيء في ذلك الهباء على حسب قوته واستعداده ، كما تقبل زوايا البيت نور السراج ، وعلى قدر قربه من ذلك النور يشتد ضوؤه وقبوله ، فلم يكن أقرب إليه قبولا في ذلك الهباء إلا حقيقة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم المسماة بالعقل ، فكان سيد العالم بأسره ، وأول ظاهر في الوجود ، فكان وجوده من ذلك النور الإلهي ، ومن الهباء ومن الحقيقة الكلية ، وفي الهباء وجد عينه ، وعين العالم من تجليه ، ثم انتهى ترتيب نضد العالم وإيجاده إلى الإنسان ، فهو آخر المولّدات ، وهو نظير العقل الأول وبه ارتبط ، لأن الوجود دائرة ، فكان ابتداء الدائرة وجود العقل الأول الذي ورد في الخبر أنه أول ما خلق اللّه العقل ؛ فهو أول الأجناس وانتهى الخلق إلى الجنس الإنساني فكملت الدائرة ، واتصل الإنسان بالعقل كما يتصل آخر الدائرة بأولها ، فكانت دائرة ، وما بين طرفي الدائرة جميع ما خلق اللّه من أجناس العالم ، بين العقل الأول الذي هو القلم أيضا ، وبين الإنسان الذي هو الموجود الآخر ، ولما كانت الخطوط الخارجة من النقطة التي في وسط الدائرة إلى المحيط الذي وجد عنها ، تخرج على السواء لكل جزء من المحيط ، كذلك نسبة الحق تعالى إلى الموجودات نسبة واحدة فلا يقع هناك تغيير البتة ، كانت الأشياء كلها ناظرة إليه ، وقابلة منه ما يهبها ، نظر أجزاء المحيط إلى النقطة ، واعلم أن اللّه ما خلق العالم الخارج عن الإنسان إلا ضرب مثال للإنسان ، ليعلم

أن كل ما ظهر في العالم هو فيه ، فكل مولد يجمع حقائق ما فوقه حتى ينتهي إلى الإنسان ، وهو آخر مولد ،[ الإنسان الكامل إنسان عين الوجود : ]

فتجمع فيه جميع قوى العالم والأسماء الإلهية بكمالها فسمي إنسانا لعموم نشأته وحصره الحقائق كلها ، وهو للحق بمنزلة إنسان العين من العين الذي يكون به النظر ، وهو المعبر عنه بالبصر ، فلهذا سمي إنسانا ، فإنه به نظر الحق سبحانه إلى خلقه فرحمهم ، فلا موجود أكمل من الإنسان الكامل ، ومن لم يكمل في الدنيا من الأناسي فهو حيوان ناطق ، جزء من الصورة ، لا يلحق بدرجة الإنسان ، بل نسبته إلى الإنسان نسبة جسد الميت إلى الإنسان ، فهو إنسان بالشكل لا بالحقيقة ، فالإنسان هو العين المقصودة ، وهو مجموع الحكم ، ومن أجله خلقت الجنة والنار ، والدنيا والآخرة ، والأحوال كلها والكيفيات ، وفيه ظهر مجموع الأسماء الإلهية وآثارها ، فهو المنعّم والمعذّب ، والمرحوم والمعاقب ، ثم جعل له أن يعذب وينعم ويرحم ويعاقب ، وهو المكلف المختار ، وهو المجبور في اختياره ، وله يتجلى الحق بالحكم والقضاء والفصل ، وعليه مدار العالم كله ، ومن أجله كانت القيامة ، وبه أخذ الجان ، وله سخر ما في السماوات وما في الأرض ، ففي حاجته يتحرك العالم كله علوا وسفلا ، دنيا وآخرة ، وجعل نوع هذا الإنسان متفاوت الدرجات ، فسخر بعضه لبعضه ، وسخره لبعض العالم ليعود نفع ذلك عليه ، فما سخر إلا في حقّ نفسه ، وانتفع ذلك الآخر بالعرض ، وما خص أحد من خلق اللّه بالخلافة إلا هذا النوع الإنساني ، وملّكه أزمة المنع والعطاء ، فالسعداء خلفاء ونواب ، ومن دون السعداء فنواب لا خلفاء ، ينوبون عن أسماء اللّه في ظهور حكم آثارها في العالم على أيديهم ، وقدم اللّه الإنس على الجان في آيات هذه السورة ، وفي قوله تعالى : «خَلَقَ الْإِنْسانَ» فابتدأ به تقديرا ومرتبة نطقية ، تهمما به على الجن ، وإن كان الجن موجودا قبله ، يؤذن بأنه وإن تأخرت نشأته فهو المعتنى به في غيب ربه ، لأنه المقصود من العالم لما خصه به من كمال الصورة في خلقه باليدين

[ إشارة واعتبار : العوالم أربعة ]

-إشارة واعتبار-اعلم أن العوالم أربعة:

العالم الأعلى وهو عالم البقاء ،

ثم عالم الاستحالة وهو عالم الفناء ،

ثم عالم التعمير وهو عالم البقاء والفناء ،

ثم عالم النسب ،

وهذه العوالم في موطنين : في العالم الأكبر وهو ما خرج عن الإنسان ،

وفي العالم الأصغر وهو الإنسان ،

(فأما العالم الأعلى)

فالحقيقة المحمديةوفلكها الحياة ، نظيرها من الإنسان اللطيفة والروح القدسي ،

ومنهم العرش المحيط، ونظيره من الإنسان الجسم ، ومن ذلك الكرسي ،


ونظيره من الإنسان النفس ،

ومن ذلك البيت المعمور، ونظيره من الإنسان القلب ،

ومن ذلك الملائكةونظيرها من الإنسان الأرواح التي فيه والقوى ،

ومن ذلك زحل وفلكهنظيره من الإنسان القوة العلمية والنفس ،

ومن ذلك المشتريوفلكهنظيرها القوة الذاكرة ومؤخر الدماغ ،

ومن ذلك الأحمروفلكهنظيرهما القوة العاقلة واليافوخ ،

ومن ذلك الشمسوفلكهانظيرهما القوة المفكرة ووسط الدماغ ،

ثم الزهرةوفلكهانظيرهما القوة الوهمية والروح الحيواني ،

ثم الكاتب وفلكهنظيرهما القوة الخيالية ومقدم الدماغ ،

ثم القمر وفلكهنظيرهما القوة الحسية والجوارح التي تحس ، فهذه طبقات العالم الأعلى ونظائره في الإنسان ،

(وأما عالم الاستحالة)

فمن ذلك كرة الأثير وروحها الحرارة واليبوسة وهي كرة النار ونظيرها الصفراء وروحها القوة الهاضمة ، ومن ذلك الهواء وروحه الحرارة والرطوبة ونظيره الدم وروحه القوة الجاذبة ، ومن ذلك الماء وروحه البرودة والرطوبة نظيره البلغم وروحه القوة الدافعة ، ومن ذلك التراب وروحه البرودة واليبوسة نظيره السوداء وروحها القوة الماسكة ، وأما الأرض فسبع طباق ، أرض سوداء ، وأرض غبراء ، وأرض حمراء ، وأرض صفراء ، وأرض بيضاء ، وأرض زرقاء ، وأرض خضراء ، نظير هذه السبعة من الإنسان في جسمه ، الجلد والشحم واللحم والعروق والعصب والعضلات والعظام (وأما عالم التعمير)

فمنهم الروحانيون نظيرهم القوى التي في الإنسان ، ومنهم عالم الحيوان نظيره ما يحس من الإنسان ، ومنهم عالم النبات نظيره ما ينمو من الإنسان ، ومن ذلك عالم الجماد نظيره ما لا يحس من الإنسان (وأما عالم النسب)

فمنهم العرض ثم الكيف ثم الكم ثم الأين ، ثم الزمان ، ثم الإضافة ، ثم الوضع ثم أن يفعل ثم أن ينفعل ، وكلها تنسب إلى الإنسان ، ومنهم اختلاف الصور في الأمهات كالفيل والحمار والأسد والصرصر ، نظير هذا القوة الإنسانية التي تقبل الصور المعنوية من مذموم ومحمود ، هذا فطن فهو فيل ، هذا بليد فهو حمار ، هذا شجاع فهو أسد ، هذا جبان فهو صرصر وعلم الرحمن الإنسان الأسماء ، والإفصاح عما علمه بقوله :


المراجع:

(3) الفتوحات ج 3 / 6 - ج 1 / 119 ، 125 - ج 2 / 1204">1204">441 - كتاب فصوص الحكم - الفتوحات ج 2 / 1204">1204">441 - ج 3 / 417 - ج 2 / 106 - ج 1 / 120 ، 121

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!