موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الرحمن (55)

 

 


الآيات: 30-31 من سورة الرحمن

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (30) سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ (31)

[ «سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ» الآية : ]

وفيه ترتيب الفعل ، وقال تعالى ذلك في حق الثقلين خاصة على طريق الوعيد والتخويف ، حيث لم يجعلوا نواصيهم بيده ، وهو أن يتركوا إرادتهم لإرادته فيما أمر به ونهى ، وما سمى اللّه الإنس والجان بهذا الاسم إلا ليميزهما بالثقل عمن سواهما ، دائما حيث كانا ، فلا تزال أرواحهما تدبر أجساما طبيعية وأجسادا دنيا وبرزخا وآخرة ، فما لهما نعيم إلا بالمشاكل لطبعهما ، وسمانا الحق بالثقلين لما فينا من الثقل ، ثقل الكون ، وهو عين تأخرنا بالوجود ، فأبطأنا ، ومن عادة الثقيل الإبطاء ، كما أنه من عادة الخفيف الإسراع ، فنحن


والجن من الثقلين ونحن أثقل من الجن للركن الأغلب علينا وهو التراب ، فالإنسان آخر موجود في العالم ، فما سمي الإنس والجن بالثقلين إلا لما في نشأتهما من حكم الطبيعة ، فهي التي تعطي الثقل ،

وأما قوله تعالى : «سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ» فمن وجوه

- الوجه الأول -كلمة تهديد للجن والإنسان الحيوان ، لهما يفرغ الحق ليقيم عليهما ميزان ما خلقا له ، والإنسان الكامل لا يتوجه عليه هذا الخطاب

- الوجه الثاني -وصف الحق تعالى نفسه في هذه الآية بأنه لا يفعل أمرا حتى يفرغ من أمر آخر ، مع أنه تعالى لا يشغله شأن عن شأن ، ولكن لخلقه أصناف العالم أزمانا مخصوصة وأمكنة مخصوصة لا يتعدى بها زمانها ولا مكانها ، لما سبق في علمه ومشيئته في ذلك فقال : «سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ»

أي سنفرغ لكم من الشؤون التي قال فيها : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) في هذه الدنيا ، فيفرغ لنا منا ، ولا شغل له إلا بنا ، فمنا يفرغ لنا ، وتنتقل الشؤون إلى البرزخ والدار الآخرة ، فلا يزال الأمر من فراغ إلى فراغ ، إلى أن يصل أوان عموم الرحمة التي وسعت كل شيء ،

فلا يقع بعد ذلك فراغ يحده حال ولا يميزه ، بل وجود مستمر ، ووجوده ثابت مستقر إلى غير نهاية في الدارين ، دار الجنة ودار النار ،

هكذا هو الأمر في نفسه ، فإن الفراغ الإلهي إنما كان من الأجناس في الأيام الستة التي خلق فيها الخلق ، وأما أشخاص الأنواع فلا ، فبقي الفراغ بالأزمان لا عن الأشخاص ، وهو قوله تعالى : «سَنَفْرُغُ لَكُمْ» ففي هذه الآية نسبة الزمان إلى الحق ،

وهو انقضاء المدة التي سبق في علم اللّه مقدارها ، وهو زمان الحياة الدنيا في كل شخص شخص

- إشارة -في هذه الكلمة «سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ» إشارة للحوق الرحمة بهما ، وذلك في فتح اللام الداخلة على ضمير المخاطب في «لَكُمْ» وإن كان الفتح الإلهي قد يكون بما يسوء كما يكون بما يسر ، ولكن رحمته سبقت غضبه ، وجاء بآلة الاستقبال وهي السين ،

وآخر درجة الاستقبال ما يؤول إليه أمر العالم من الرحمة التي لا غضب بعدها ، لارتفاع التكليف واستيفاء الحدود ، ولما جاء بضمير المخاطب في قوله «لَكُمْ»

وعلمنا من الكرم الإلهي أبدا أنه يرجح جانب السعداء وجانب الرحمة على النقيض لذلك ،

جاء بحرف الخطاب ليفتح اللام ، وليعلم بآلة الخطاب أنهم قوم مخصوصون ،

لأنه لا يفقد من العالم ضمير الغائب ، فلا بد له من أهل ،

مثل قوله في السعداء : (لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي) فأتي بضمير الغائب فغابوا عن هؤلاء المخاطبين ، وفتح اللام فتح رحمة تعطيها قرائن الأحوال


[تحقيق : من أي حقيقة نودي محمد ص قف إن ربك يصلي]

-تحقيق -من هذه الحقيقة نودي صلّى اللّه عليه وسلّم لما طلب الدنو في معراجه : يا محمد قف إن ربك يصلي ، أي لا يجمع بين شغلين ، يريد بذلك العناية بمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم ، حيث يقيمه في مقام التفرغ له ، فهو تنبيه على العناية به .


المراجع:

(31) الفتوحات ج 1 / 426 - ج 3 / 391 ، 404 ، 315 -ح 4 / 35 - ج 3 / 315 ، 55 ، 342 - ج 4 / 12 - ج 3 / 495 - ج 4 / 12 - ج 1 / 677 - ج 2 / 518 - ج 3 / 315 ، 55

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!