موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الحديد (57)

 

 


الآيات: 12-13 من سورة الحديد

يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)


يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ13) (

«يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا» وهم المؤمنون «انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ» لهم من جانب الحق «ارْجِعُوا وَراءَكُمْ» كما رجعتم عندما رأيتم نور الهدى في الدنيا على أعقابكم ، فكانوا في ظلمة الكون «فَالْتَمِسُوا نُوراً»

هنالكم ولن تجدوه ، انظروا إلى موجدكم هنالكم ، ولن تجدوه ، وقيل لهذه الطائفة ذلك القول وهو حق ، لأن اللّه من ورائهم محيط وهو النور ، فلو لم يضرب بالسور بينه وبينهم لوجدوا النور الذي التمسوه حين قيل لهم «فَالْتَمِسُوا نُوراً» أي لا يكون لأحد نور إلا من حياته الدنيا ، فإن الحياة الدنيا محل اكتساب الأنوار بالتكاليف ، وإنها دار عمل مشروع ، فهي دار ارتقاء واكتساب ، فلما أقبلوا على الآخرة صارت الدنيا وراءهم ، فقيل لهم «ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً» فحال سور المنع بينهم وبين الحياة الدنيا ،

فقال تعالى «فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ»

- الوجه الثاني -[ سور الأعراف : ]

السور يسمى الأعراف بين الجنة والنار ، وجعله اللّه مكانا لمن اعتدلت كفتا ميزانه ، فلم ترجح إحداهما على الأخرى ،

وقال فيه : «لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ» هذه الآية يستدل بها على عموم رحمة اللّه في المآل ، فإن السور الذي بين الجنة والنار أخفى اللّه رحمته في باطنه ، وجعل العذاب في ظاهره لاقتضاء الموطن والزمان والحال ، فالسور الحائل بين الدارين الجنة والنار ، لا بين الصفتين الرحمة والعذاب ، فإن السور في نفسه رحمة ، وعينه عين الفصل بين الدارين ، لأن العذاب من قبله ما هو فيه والرحمة فيه ، فلو كان العذاب فيه لتسرمد العذاب على أهل النار كما تتسرمد الرحمة على أهل الجنة ، فالسور لا يرتفع ، وكونه رحمة لا يرتفع ، ولا بد أن يظهر ما في الباطن على الظاهر ، فلا بد من شمول الرحمة لمن هو قبل ظاهر السور ، وأهل الجنة مغموسون في الرحمة ، فإذا أراد أهل الجنة أن يتنعمو


برؤية أهل النار ، يصعدون على ذلك السور ، فينغمسون في الرحمة ، فيطلعون على أهل النار ، فيجدون من لذة النجاة منها ما لا يجدونه من نعيم الجنة ، لأن الأمن الوارد على الخائف أعظم لذة عنده من الأمن المستصحب ، وينظر أهل النار إليهم بعد شمول الرحمة فيجدون من اللذة بما هم في النار ، ويحمدون اللّه تعالى حيث لم يكونوا في الجنة ، وذلك لما يقتضيه مزاجهم في تلك الحالة ، فلو دخلوا الجنة بذلك المزاح لأدركهم الألم ولتضرروا ، فالسور باطنه فيه الرحمة الخالصة ، وظاهره من قبله العذاب ،

ولم يقل : الآلام ؛ آلام العذاب ، لعلمه بما يؤول إليه الأمر ، فأبان تعالى أن باطن هذا الموجود فيه الرحمة ، والظاهر منه لا يتصرف إلا بحكم الباطن ، فلا يكون أمر مؤلم في الظاهر إلا عن رحمة في الباطن ، فإن الحكم للباطن في الظاهر ، فما كان العذاب في ظاهر السور إلا عن قصد الرحمة به التي في باطن السور ،

فليس الألم بشيء سوى عدم اللذة ونيل الغرض ، فما عند اللّه باب يفتح إلا أبواب الرحمة ، غير أنه ثمّ رحمة ظاهرة لا ألم فيها ، وثم رحمة باطنة يكون فيها ألم في الوقت لا غير ، ثم يظهر حكمها في المآل ، فالآلام عوارض واللذات ثوابت ، فالعالم مرحوم بالذات متألم بما يعرض له ، ولا بد من الكشف فتظهر رحمة باطن السور فتعم ، فهناك لا يبقى شقي إلا سعد ولا متألم إلا التذ ، ومن الناس من تكون لذته عين انتزاح ألمه ، وهو الأشقى ، وهو في نفسه في نعيم ، ما يرى أن أحدا أنعم منه ، كما قد كان يرى أنه لا أحد أشد عذابا منه ،

وسبب ذلك شغل كل إنسان أو كل شيء بنفسه ، الإنسان يضرب ابنه أدبا ، ويؤلمه بذلك الضرب عقوبة لذنبه ، وهو يرحمه بباطنه ، فإذا وفّى الأمر حقه أظهر له ما في قلبه وباطنه من الرحمة به وشفقة الوالد على ولده ، جعلنا اللّه والسامعين من أهل الرحمة الخالصة التي لا ألم لها بمنّه- إشارة - أنت سر الأعراف

، سور باطنه الرحمة ، وهو ما عندك من الرحمة بنفسك ، حيث تسلك بها مسالك السعادة ، وظاهره من قبله العذاب ، حيث تظهر على ذلك من المجاهدات ما يكون أشد العذاب على النفوس .


المراجع:

(13) إيجاز البيان آية 145 - الفتوحات ج 2 / 144 - ج 4 / 14 - ج 3 / 439 - ج 4 / 405 ، 14 ، 405 ، 14 - ج 3 / 207 - ج 4 / 405 - ج 3 / 207 - كتاب النجاة

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!