موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الحشر (59)

 

 


الآية: 17 من سورة الحشر

فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ (17)

المقلد إن مشى متبوعه مشى وإن وقف وقف ، فهو معه حيثما كان إما في النجاة وإما في التلف (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ ، فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) «فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ» فأسكنه تقليده دار البوار «فَكانَ


عاقِبَتَهُم» أي جاءهما عقيب هذا الواقع «أَنَّهُما فِي النَّارِ» فأعقب الشيطان برجوعه إلى أصله ، فإنه مخلوق من النار فرجع إلى موطنه ، وكان للإنسان عقوبة على كفره ، حيث ظلم بقبول ما جاء به الشيطان ، ولم يقبل ما جاء به الرسول ،

ثم قال : «خالِدَيْنِ فِيها» لأنها موطنهما ، الواحد خلق منها وهو الشيطان ، والآخر خلق لها وإن كان فيه منها ، فسكناها بحكم الأهلية ، وعذّبا فيها بحكم الجريمة ما شاء اللّه ، فخلد الشيطان في منزله وداره ، وخلد الإنسان جزاء لكفره ، ولهذا تبرأ منه للافتراق الذي بينهما في العاقبة ،

وقوله : «وَذلِكَ» أشار ببنية الواحد ولم يثن الإشارة إلى العقاب فإنهما ما اشتركا فيه ، لأن الذي أتى للإنسان عقيب ذنبه إنما هو العذاب ، والذي كان سهم الشيطان الذي أتاه عقيب فعله وقوله رجوعه إلى أصله الذي منه خلق ، فلا يغتر العاقل «جَزاءُ الظَّالِمِينَ» لأن الكفر هنا هو الشرك وهو الظلم العظيم ،

فكان قوله تعالى : «وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ» يريد المشركين ، فإنهم الذين لبسوا إيمانهم بظلم ، فإن قيل : كيف يخلد إبليس في النار وهو لم يكفر ؟

قيل : إن إبليس لا ينفعه تبريه من المشرك ومن الشرك ، فإنه هو الذي قال له : اكفر ؛ فحار عليه وزر كل مشرك في العالم وإن كان موحدا ، فإن من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها ، وما سن إبليس الشرك ووسوس به حتى تصوره في نفسه على الصورة التي حصلت في نفس المشرك ، فزالت عنه صورة التوحيد ، فكان إبليس مشركا في نفسه بلا شك ولا ريب ، ولا بد أن يحفظ في نفسه بقاء صورة الشريك ليمد بها المشركين مع الأنفاس ، فإنه خائف منهم أن تزول عنهم صفة الشرك فيوحدوا اللّه فيسعدوا ،

فلا يزال إبليس يحفظ صورة الشرك في نفسه ، ويراقب بها قلوب المشركين الكائنين شرقا وغربا وجنوبا وشمالا ، ويرد بها الموحدين في المستقبل إلى الشرك ممن ليس بمشرك ، فلا ينفك إبليس دائما على الشرك ، فبذلك أشقاه اللّه ، لأنه لا يقدر أن يتصور التوحيد نفسا واحدا لملازمته هذه الصفة ، وحرصه على بقائها في نفس المشرك ،

فإنها لو ذهبت من نفسه لم يجد المشرك من يحدثه في نفسه بالشرك فيذهب الشرك عنه ، فدل أن الشريك يستصحب إبليس دائما ، فهو أول مشرك باللّه ، وأول من سن الشرك ، وهو أشقى العالمين .


المراجع:

(17) كتاب التنزلات الموصلية - الفتوحات ج 3 / 143 - ج 4 / 161 - ج 3 / 143 - ج 1 / 232

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!