موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة التحريم (66)

 

 


الآية: 6 من سورة التحريم

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ (6)

لما كانت الملائكة نورا عمّت جميع الجهات ، فلا أثر للهواء في النور ، ألا ترى النور في الشمس والسراج وفي كل جسم مستنير ، نسبته إلى العلو والجنبات نسبة واحدة ، والملائكة مخلوقون من نور ، فلا أثر للهوى فيهم ، فلا يعصون اللّه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، فعالم الغيب أمر بلا نهي ، ولهذا سموا عالم الأمر ، وذلك لأن عالم الغيب عقل مجرد لا شهوة لهم ، فلا نهي عندهم في مقام التكليف ، فإن اللّه فطر الملائكة على المعرفة والإرادة لا الشهوة ، وأمرهم وأخبر أنهم لا يعصونه لما خلق لهم من الإرادة ، ولولا الإرادة ما أثنى عليهم بأنهم لا يعصونه ، فإن الملائكة لما أمرت بالسجود امتثلت وبادرت ، فأثنى اللّه عليهم بقوله : «لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ» فهم كما أثنى اللّه عليهم في كتابه العزيز ، فإن الأرواح الملكية لا نهي عندها ، ولهذا لم يذكر لهم نهي عن شيء لأن حقائقهم لا تقتضيه ، ولو لم تكن في قوة الملائكة ونشأتهم ما يقتضي رد أمر اللّه وما يقتضي قبوله ، ما أثنى اللّه عليهم بما أثنى به من نفي العصيان عنهم وفعلهم ما أمرهم به ، فإن المجبور لا ثناء عليه ، فالملك لا يتصور منه المخالفة ، وقد شهد اللّه له بذلك لتعريه عن لباس البشرية ، فلا يعصي اللّه ما أمره ، لأنه ما هو على حقائق متضادة تجذبه في أوقات ، وتغفله وتنسيه عما دعي إليه كما يوجد ذلك في النشأة العنصرية ، والإنسان نشأة عنصرية تطلبه حقائق متجاذبة بالفعل ، صاحب غفلة ونسيان ، يؤمر وينهى فيتصور منه المخالفة والموافقة ، فالملك أشد موافقة للّه من الإنسان لما تعطيه نشأته ونشأة الإنسان ، فالملك أفضل في الموافقة لأمر اللّه ، والخليفة الإنسان أعلم بالأسماء الإلهية ، فالخليفة أتم في الجمعية وأفضل ، والملك أفضل من وجه خاص أو وجهين ، لكن ما له فضل الجمع ، والصورة لا تكون إلا بالمجموع- تحقيق - [ «لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ» الآية ]

أثنى اللّه تعالى على الملائكة بقوله : «لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ» والحقيقة تنادي من خلف هذا الثناء : لا يعصون اللّه ما أراد منهم ؛ ثم قرن الأمر منه بإرادته فقال : «وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ» ولما لم تعص الملائكة أمر اللّه أجابها اللّه في كل ما سألته فيه ، حتى أن العبد إذا وافق في الصلاة تأمينه تأمين الملائكة غفر له ، فكما أمر اللّه عبده فعصاه ، كذلك دعاه عبده فلم يجبه فيما سأل فيه كما أمره فلم يطعه ، فلا يلومن العبد إلا نفسه إذا دعا الحق في أمر فلم يجبه.


[سورة التحريم (66) : الآيات 7 إلى 8]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (7) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)

[ الناس لا يسعون يوم القيامة إلا في أنوارهم : ]

اعلم أن يوم القيامة ليس له ضوء جملة واحدة ، والناس لا يسعون فيه إلا في أنوارهم ، ولا يمشي مع أحد منهم غيره في نوره ، فلكل مخلوق نور على قدره ينفهق منه ، وهو النور الذي يمشون فيه يوم القيامة ، قال تعالى في المؤمنين: «نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ» يريد ما قدموه من الأعمال الصالحة عند اللّه ، فالمؤمن من كان قوله وفعله مطابقا لما يعتقده في ذلك الفعل ، ورد في الخبر أن الصراط يظهر يوم القيامة متنه للأبصار على قدر نور المارين عليه ، فيكون دقيقا في حق قوم عريضا في حق آخرين ، يصدق هذا الخبر قوله تعالى : «نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ» والسعي مشي ، وما ثمّ طريق إلا الصراط ، وإنما قال «وَبِأَيْمانِهِمْ» لأن المؤمن في الآخرة لا شمال له ، كما أن أهل النار لا يمين لهم .


المراجع:

(6) إيجاز البيان آية 40 - ج 2 / 30 - ج 3 / 489 - ج 4 / 306 - ج 2 / 30 ، 308 ، 30 - ج 3 / 379 ، 268 ، 217 ، 352 ، 254

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!