المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
إشارات في تفسير القرآن الكريم
للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى
سورة المعارج (70)
الآية: 23 من سورة المعارج
الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ (23)
[ تفسير من باب الإشارة : «الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ» ]
المراد أنهم كلما جاء وقتها فعلوها ، وإن كان بين الصلاتين أمور ، فلهذا حصل الدوام في فعل خاص مربوط بأوقات معينة
- تفسير من باب الإشارة –
من رأى روح الصلاة
هو الحضور مع اللّه دائما ومناجاته ، كانت جميع أفعاله صلاة ، فإن روح الصلاة لا ينفك دائما ، وهم أهل الحضور مع اللّه على الدوام ، والمشار إليهم بهذه الآية ، فإذا كان العبد في جميع أفعاله في صلاة فإنه يكون من الذين هم على صلاتهم دائمون ،
وهم الذاكرون اللّه في كل أحيانهم ، فهم يناجونه في جميع الأحوال كلها ، فإن المصلي يناجي ربه ، والمناجاة ذكر ، واللّه جليس من ذكره سبحانه ، والدوام على مناجاته أن يكون العبد في جميع أحواله وتصرفاته مع اللّه كما هو في صلاته ، يناجيه في كل نفس ،
وسبب ذلك كونه لا بد أن يكون في حال من الأحوال ، ولا بد أن يكون للشارع وهو اللّه في ذلك الحال حكم ، أي حكم كان ، وهو سبحانه حاضر مع أحكامه حيث كانت ،
فالمراتب تناجيه في كل حال محظور وغير محظور ، لأن الأفعال والتروك - وهي أحوال العبد التي تعلقت بها أحكام الحق - مقدرة فلا بد من وقوعها ، وهو سبحانه خالقها ، فلا بد من حضوره فيها ، فيناجيه هذا العبد الذي قد عرف بحضور الحق معه في حاله ، فهذا هو الدوام على الصلاة ،
وقالت عائشة تخبر عن حال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم [ إنه كان يذكر اللّه على كل أحيانه ]
تشير إلى ما قلناه ، فإنه قد كان يأتي البراز ، وهو ممنوع أن يذكر بلسانه ربه في تلك الحال ، وقد كان من أحيانه يمازح العجوز والصغير ، ويكلم الأعراب ،
ويكون في هذه الأحوال كلها ذاكرا ، وهذا هو الذي يقال فيه ذكر القلب ،
الخارج عن اللفظ وذكر الخيال ، وهو قوله صلّى اللّه عليه وسلّم [ اعبد اللّه كأنك تراه ]
فمن ذكر اللّه بهذا الذكر فهو جليسه دائما ، وهو الذي أثنى عليه ربه وألحقه بالذين هم على صلاتهم دائمون ، ولما فسر اللّه الصلاة ما فسرها إلا بالذكر ،
وهو التلاوة ، فالعارف هو الذي على صلاته دائم ، وفي مناجاته بين يدي ربه قائم ، في حركاته وسكناته ، فما عنده وقت معين ولا غير معين .
- وجه آخر -ما أثنى اللّه تعالى على أحد من عباده في كتابه العزيز ، ولا على لسان نبيه في حديثه ، إلا كان الثناء عملا من الأعمال ، ما مدحهم إلا بالأعمال ،
وهذا غاية الكرم والجود ، أن يمنحك ويعطيك ويثني عليك بعد ذلك بما ليس لك ، فإنه سبحانه آخذ بناصيتك ، قائدك إلى كل فعل أراده منك أن يوجده فيك وعلى يدك ،
وأنت في غفلة لا تشعر ، فمن شعر بتولي الحق سبحانه وتعالى له في أفعاله فهو من الذين قال اللّه تعالى فيهم «الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ» لأنهم في مشاهدة الفاعل ومناجاته ، ومن لم يشعر فهو من الذين قال اللّه تعالى فيهم (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) .
واللّه لو فتح اللّه لك بابا إلى مشاهدة توليه لك فيها ، وأخذه بناصيتك إلى عملك لبهرك المقام ، ولخرست وما أعطاك الحال أن تقول :
صليت ولا صمت ولا كنيت عن نفسك بشيء من هذه الأفعال ، فمن عرف سر وضع الصلوات ، لم يزل يستعمله في عموم الحالات على تنوع التصرفات ، فلا يبرح على صلاته دائما ، وبسرها حاكما ، ولا يقنع بالاقتصار على المحافظة على الأوقات ، فإنه لأهل الأشغال والغفلات ، ولا شغل للعارفين إلا بربهم ،
ولا مراقبة لهم في شيء إلا في قلبهم ، فإنه الذي وسعه ، وناداه فسمعه ، فهو في كل الأحيان شاهده ، وسره مع الأنفاس عابده ، فقابل الدوام بالدوام ، وزاد على اليقين المفضل عند أصحاب الليالي والأيام ، فجواد همته في ميدان الديمومية سائح ،
ونون سره في بحرها المتلاطم سابح ، وإن كانت الصلاة مرتبتين محققتين ، مرتبة عميمة ومرتبة مخصوصة ، وأسرارها عند المحققين الذين هم على بينة من ربهم منصوصة ،
والدوام إنما يقع في المرتبة العامة وهي المناجاة ، وأما المرتبة المخصوصة فلا يتمكن فيها الدوام لاختلاف المقامات ، وتنوع التنزلات لتنوع الحالات ، فمن وقف على سر الحضور ،
لم يقتصر به على بعض الأمور ، وفيه يصح الدوام عند علماء الإلهام ، فقد تبينت الرتب ، وتحققت النسب ، جعلنا اللّه وإياكم ممن داوم على صلاته في الحكمين ، ففاز بالعلمين .
المراجع:
(23) الفتوحات ج 1 / 344 ، 385 - ج 3 / 479 ، 222 - ج 1 / 389 - كتاب مواقع النجوم - كتاب التنزلات الموصليةالبحث في التفسير
بعض كتب الشيخ الأكبر
[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]
شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:
[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]
شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:
[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]
بعض الكتب الأخرى:
[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]
بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:
[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]