The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة القيامة (75)

 

 


الآيات: 3-8 من سورة القيامة

يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ (3) بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ (4) بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ (5) يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ (6) فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ (7)

وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8)


[بحث في الكسوف والخسوف: ]

إن النفوس ما تنبعث وتهتز إلا للآيات الخارقة للعادة ، والآيات الإلهية منها معتاد وغير معتاد ، والقرآن قد ورد في الآيات المعتادة كثير في قوله (وَمِنْ آياتِهِ)

(وَمِنْ آياتِهِ) ويذكر أمورا معتادة ثم يقول : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) ولكن لا ترفع العامة بها رأسا لجري العادة ، واستيلاء الغفلة ، وعدم الحضور .

والكسوف آية من آيات اللّه يخوف اللّه به عباده ، وسبب كسوف الشمس والقمر معروف ، وقد جعل اللّه الكسوف آية على ما يريد أن يحدثه من الكوائن في العالم العنصري ، وفي العالم الذي يظهر فيه الكسوف وفي الزمان ،

فإنه قد يكسف ليلا ، ويكون الحدث أيضا بحسب البرج الذي يقع الكسوف فيه ، وهو علم قطعي ، أعني علم وقوع الكسوف ، لا علم ما يحدث اللّه فيه أو عنده ، ويكون الكسوف في مكان أكثر منه في مكان آخر ،

وفي مكان دون مكان ، ويبتدئ في مكان وفي مكان آخر ما ابتدأ ، بل هو على حاله ، وهذا كله يعرفه العلماء به ، فإنه راجع إلى حركات معلومة معدودة عند أهل هذا الشأن ، وسبب كسوف الشمس من القمر إذا كان في مسامتتها ، فعلى قدر ما يسامتها منه يغيب منها عن أبصارنا ، فذلك الظل الذي نراه في الشمس هو من جرم القمر ،

وقد يحجبها كلها فيظلم الجو ، فيقع الإبصار على جرم القمر ، فتتخيل العامة أن ذلك المرئي هو ذات الشمس ، والشمس نيرة في ذاتها على عادتها إلى أن يشاء اللّه تكويرها ، ولذلك يعرف زمان كسوفها ومقداره عند العارفين بتسيير الكواكب ،

ولا يكون أبدا إلا في آخر الشهر العربي ، فإن القمر في ذلك الزمان يكون في المحاق والاحتراق تحت الشعاع ، فإن أعطى الحساب ما يؤدي إلى المسامتة عندنا وقع الكسوف بلا شك . وكذلك كسوف القمر إنما هو أن يحول ظل الأرض بينه وبين الشمس ، فعلى قدر ما يحول بينهما يكون الكسوف في ذلك الموضع ، ولهذا يعرف ، والخطأ فيه قليل جدا ، ولو لم يكن الأمر على هذا ما علم ، فإن الأمور العوارض لا تعلم إلا بإعلام اللّه على لسان من شاء من عباده ، والأمور جارية على أصولها ثابتة لا تنخرم ، يعلمها العالم بتلك الأصول ، وهي معتادة موضوعة للّه تعالى واضعها ، ما هي عقلية ، ولا سبب ذلك طبيعي ، ولهذا يجوز خرق العادة فيها ، وهكذا كل موضوع إلى أن يخرم اللّه ذلك الأصل ، فلله المشيئة في ذلك . فالكسوف لا يكون إلا عند الكمال في النيرين في القمر ليلة بدره ، وكسوف الشمس في ثمانية وعشرين يوما من سير القمر في جميع منازل الفلك . ولا يكون للكسوفات حكم في الأرض إلا في


الأماكن التي يظهر فيها الكسوف ، وأما الأماكن التي لا يظهر فيها الكسوف فلا حكم يظهر فيها له ولا أثر ، أي ما يفعل اللّه عند ذلك شيئا في العالم من الكوائن التي يفعلها عند ظهور الكسوف ، حتى أن الشمس إذا أعطى الحساب أنها تكسف ليلا لم يكن لذلك الكسوف حكم في ظاهر الأرض التي لم يظهر الكسوف فيها ، وكذلك كسوف القمر في الحكم ، سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن الكسوف فقال [ ما تجلى اللّه لشيء إلا خشع له ] .

وهو ما يظهر لعين الرائي من التغيير في الشمس أو القمر وإن لم يتغيرا في أنفسهما ، فأبدى الحق لعين الرائي ما في نفس الشمس والقمر في ذلك الزمان من الخشوع للّه في صورة ذهاب النور ، فما هلك من البدر إلا نوره لا عينه ، وبقيت ذاته وكونه ،

فقد كان ذا نور فاظلم ، واستترت الأشياء حين أعتم ، فقال تعالى مع علمه بالخبر خسف القمر،

وعين القمر هو الظاهر في الكسوفين ، والمتجلي في الوجودين ، وهذا لا يمنع الأسباب المؤدية للكسوف المعلومة لدى العلماء بالفلك ، فإن اللّه من وراء الأسباب ،

وكما لا يتعين للكسوف وقت ، لا يتعين للصلاة له ، لأن الصلاة تابعة للأحوال ، وقد ثبت الأمر بالصلاة لها ، وما خص وقتا من وقت ، وهي صلاة مأمور بها بخلاف النافلة ، فإن حملنا الصلاة على الدعاء ،

دعونا في الوقت المنهي عن الصلاة فيه وصلينا في غيره من الأوقات ، فصلاة الكسوف سنّة ، والخلاف في صفتها وردت فيها روايات مختلفة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، ما بين ثابت وغير ثابت ، وما من رواية إلا وبها قائل ،

فأي شخص صلاها على أي رواية كانت جاز له ذلك فإنه مخير ، والرواية التي هي أحب إليّ هي دعاء اللّه تعالى بتضرع وخشوع حتى تنجلي ، فإذا انجلى صلى الإنسان ركعتين شكرا للّه تعالى وانصرف ،

وهذه الرواية أحب إليّ لما فيها من احترام الجناب الإلهي ، والرحمة بالأمة المصلين لها ، فإنهم لاستيلاء الغفلات والبطالات عليهم لا يوفون بشروط ما تستحقه الصلاة من الحضور والآداب ، فربما يمقت المصلي ولا يشعر ، أو تثقل عليه تلك العبادة فيتبرم منها ،

فلذلك جعلنا رواية الدعاء من غير صلاة أولى ، والصلاة في جماعة أولى إن قدر عليها ، والذي أذهب إليه أنه يستحب للإمام أن يخطب الناس ليذكرهم ويحذرهم ، فإن الكسوف من الآيات التي يخوف اللّه بها عباده ، وقد ثبت أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ذكر الناس بعد الفراغ من الصلاة .



المراجع:

(8) الفتوحات ج 1 / 498 ، 492 - ج 4 / 391 - ج 1 / 492 ، 498 ، 492

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!