موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الفجر (89)

 

 


الآية: 3 من سورة الفجر

وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3)

[ «وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ» الآية : ]

لا بد من رب وعبد ، فقد ثبت الجمع وتعين الشفع ، فالشفعية حقيقة العبد ، إذ العبادة تناقض التوحيد ، فإنها تطلب عابدا ومعبودا ، والعابد لا يكون المعبود ، فإن الشيء لا يذل لنفسه ، والوترية لا تنبغي إلا للّه من حيث ذاته ، وتوحيد مرتبته أي مرتبة الإله لا تنبغي إلا للّه من غير مشاركة ، فأبرز العالم في الشفعية لينفرد سبحانه بالوترية ، فيصح الاسم الواحد الفرد ، ويتميز السيد من العبد ، والعبودية عبوديتان : عبودية اضطرار ويظهر ذلك في أداء الفرائض ، وعبودية اختيار ويظهر ذلك في النوافل ،

وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم [ إن اللّه وتر يحب الوتر ]

وأوتر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بواحدة وبثلاث وبالخمس وبالسبع وبالتسع وبإحدى عشرة ، وكل فرد وتر بالغا ما بلغ ، وكل مشفع وترا أحد ، وكل موتر شفعا وتر وفرد وأحد ، ويسمى وترا لأنه طالب ثأر من الأحد الذي شفع فرديته ، فإن الحكم للأحد في شفع الفرد ، ليس للفرد ولا للوتر ، فلما انفرد به الأحد طلب الفرد ثأره من الأحد بالوتر ،

فإن الوتر في اللسان العربي بلحنهم هو الذّحل ، وهو طلب الثأر ، وهو قوله صلّى اللّه عليه وسلّم في الذي تفوته صلاة العصر في الجماعة [ كأنما وتر أهله وماله ]

كأن صلاة الجماعة في العصر طلبت ثأرها من المصلي فذا مع تمكنه من الجماعة ، وإذا أوتر بواحدة سميت البتيرا ،

لأن من شأن الوتر على حكم الأصل أن يتقدمه الشفع ، فإذا أوتر بواحدة لم يتقدمها شفع فكانت البتيرا على التصغير ، والأبتر هو الذي لا عقب له ،

وهذه البتيرا ما هي بتيرا لكونها لا عقب لها ، وإنما هي بتيرا لكونها ليست بمنتجة ولا نتجت ، فإذا تقدمها الشفع لم تكن

بتيرا لأنها ما ظهرت إلا عن شفع ، ولهذا كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لا يسلم من شفعه إلا في وتر ذلك الشفع ، فيصله بالشفع ليعلم أنه منه ،

هذا كله ليتميز من الأحد فإن الأحد لا يدخله اشتراك ولا يكون نتيجة عن شفع أصلا ،

وإن كان عن شفع فليس بواحد ، وإنما هو ثلاثة أو خمسة فما فوق ذلك ، وتقول في سادس الخمسة أنه واحد لأنه ليس بسادس ستة ، فقد تميز عن الشفع بما هو منفصل ، وليس إلا الأحد ،

بخلاف الفرد والوتر ، فإنه لما كانت الثلاثة أول الأفراد من العدد إلى ما لا يتناهى ، والشفعية المعبر عنها بالاثنين أول لأزواج إلى ما لا يتناهى في العدد ،

فما من شفع إلا ويوتره واحد ، يكون بذلك فردية ذلك الشفع ، وما من فرد إلا ويشفعه واحد ، يكون به شفعية ذلك الفرد ، فالأمر الذي يشفع الفرد ويفرد الشفع هو الغني الذي له الحكم ولا يحكم عليه ، ولا يفتقر ويفتقر إليه ،

فأحدية الحق اتصفت بالوتر لطلب الثأر من الأحدية للواحد الذي أظهر الاثنين بوجوده ، فما زاد إلى ما لا يتناهى ، فلما أزال بهذا الظهور حكم الأحدية ،

فصارت أحدية الحق تطلب ثأر الأحدية المزالة التي أذهب عينها هذا الواحد ، الذي بوجوده ظهرت الكثرة ، وتطلب الوحدانية ، فتسمى بالوتر لهذا الطلب ،

ولكن لما كانت الأحدية لم تذهب ، بل الذي أعطاه الواحد هو ما يقتضيه حقيقة ذاته ، وهي أحدية الاثنين وأحدية الثلاثة والأربعة ، بالغا ما بلغ العدد ،

وذلك لتستدل أعيان الأعداد بأحديتها تلك على أحدية الحق ، فما سعى الواحد إلا في حق الأحدية ومن أجلها ، فإن الأعداد ما ظهرت في الكون إلا من حكم الأسماء الإلهية ، فإنها كثرة ، ومع كثرتها فالأحدية لها متحققة ،

فأراد الواحد أن لا يجهل أعيان الأعداد أحدية الأسماء ، حتى لا تتوهم الكثرة في جناب اللّه ، فأعطى في كل عدد أحدية ذلك العدد ، غيرة من وجود الكثرة المذهبة لعين الأحدية والوحدة ، فقبل الاسم الوتر عذر الاسم الواحد ،

وعلم أنه متخلق في ذلك بأخلاق أحدية الحق في إقامة أحدية الأسماء الكثيرة ، ومشى عليه اسم الوتر للغيرة ، فإن اللّه يحب الوتر ، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم [ إن للّه تسعة وتسعين اسما ، مائة إلا واحدا ، من أحصاها دخل الجنة ، فإنّ اللّه وتر يحبّ الوتر ] فأوتر التسعة والتسعين واستثنى الواحد من المائة ،

ولم يقل : مائة إلا وترا أو فردا ، لأن الاشتراك في الفردية والوترية ، وليس في الأحدية اشتراك ، فقوة الأحد ليست لسواه ، وأحدية الكثرة أبدا إنما هي فرد أو وتر ، لا يصح أن تكون واحدا ، وسواء كانت الكثرة


شفعا أو وترا ، وإنما أحب اللّه الوتر لأنه طلب الثأر ، والحقّ سبحانه قد نوزع في أحديته بالألوهية ، فلمّا نوزع في ألوهيته جاء بالوتر ، أي بطالب الثأر ، ليفني المنازع ويفرد الحق بالأحدية ، أحدية الذات ، لا أحدية الكثرة التي هي أحدية الأسماء ، فإن أحدية الأسماء شفع الواحد ، لأن اللّه كان من حيث ذاته ولا شيء معه ، فما شفع أحديته إلا أحدية الخلق ، فظهر الشفع

- لطيفة-غارت الأحدية إذ سمعت الوترية تصحب العبادة

وذلك بصلاة المغرب ، فشرعت وتر صلاة الليل لتشفع وتر صلاة النهار ، فتأخذ بوتر الليل ثأرها من وتر صلاة النهار .


المراجع:

(3) الفتوحات ج 4 / 361 - ج 1 / 489 - كتاب التدبيرات - الفتوحات ج 4 / 276 - ج 3 / 462 - ج 2 / 291 - ج 4 / 276

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!