The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة البلد (90)

 

 


الآية: 10 من سورة البلد

وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ (10)

[ «وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ» الآية ]

أي بيّناهما له ، أي بيّنا له الطريقين ، فبان الصبح لذي عينين ، لما هداه النجدين ، وأقيم المكلف في الوسط ، فمنهم من أقسط ومنهم من قسط ، فالمقسط أخذ ذات اليمين ، فارتفع في عليين ، والقاسط أخذ ذات الشمال فنزل إلى سجين ، فما عدل بكل واحد سوى طريقه ، وطريقه ما خرج عن حكم تحقيقه ، فالطريق ساقه وقاده ، إما إلى شقاء وإما إلى سعادة ، فاعرف الطريق واختر الرفيق ، تنج من عذاب الحريق ، فإنه وإن كان المآل إلى السعادة في الدارين ، فإنه لا يعلم قدر ما قررناه إلا ذو عينين ، لا ذو عين واحدة ، ومن وقف بين النجدين فرأى غاية كل طريق ، فسلك طريق سعادته التي لا يتقدمها شقاء ، فإنها طريق سهلة بيضاء ، مثلي نقية لا شوب فيها ولا عوجا ولا أمتا ، والطريق الأخرى وإن كانت غايتها سعادة ، ولكن في الطريق مفاوز ومهالك وسباع عادية وحيات مضرة ، فلا يصل مخلوق إلى غايتها حتى يقاسي هذه الأهوال ، والطريقان متجاوران ، ينبعثان من أصل واحد ، وينتهيان إلى أصل واحد ، ويفترقان ما بين الأصلين ، ما بين البداية والغاية ، فيشاهد صاحب المحجة البيضاء ما في طريق صاحبه ، لأنه بصير وصاحبه أعمى ، فليس يرى الأعمى طريق البصير ، فيطرأ على البصير من مشاهدة تلك الآفات التي في طريق الأعمى مخاوف ، لما يرى من الأهوال ويتوهم في نفسه لو كان فيها ما يقاسيه ، ويرى الأعمى ليس عنده خبر من هذا كله لما هو عليه من العمى ، فلا يبصر شيئا فيسير ملتذا بسيره ، حتى يتردى في حفرة أو تلدغه حية من تلك الحيات ، فحينئذ يحس بالألم ويستغيث بصاحبه ، فمن الأصحاب من يغيثه ومن الأصحاب من يكون قد سبقه ، فلا يسمعه فيبقى مضطرا ما شاء اللّه فيرحمه اللّه فيسعده - وجه آخر - اعلم أن التجلي دائم لا حجاب عليه ، ولكن لا يعرف أنه هو ، وذلك أن اللّه لما خلق العالم أسمعه كلامه في حال عدمه ، وهو قوله كن ، وكان مشهودا له سبحانه ، ولم يكن الحق مشهودا له ، وكان على أعين الممكنات حجاب العدم ، لم يكن غيره ، فلا تدرك الموجود وهي معدومة ، كالنور ينفر الظلمة ، فإنه لا بقاء للظلمة مع وجود النور ، كذلك العدم والوجود ، فلما أمرها بالتكوين لإمكانها واستعداد قبولها سارعت لترى ما ثمّ ، لأن في قوتها الرؤية كما في قوتها السمع من حيث الثبوت لا من حيث الوجود ، فعند ما وجد الممكن انصبغ بالنور ، فزال العدم ، وفتح عينيه فرأى


الوجود الخير المحض ، فلم يعلم ما هو ، ولا علم أنه الذي أمره بالتكوين ، فأفاده التجلي علما بما رآه ، لا علما بأنه هو الذي أعطاه الوجود ، فلما انصبغ بالنور التفت على اليسار فرأى العدم فتحققه ، فإذا هو منبعث منه ، كالظل المنبعث من الشخص إذا قابله النور ، فقال : ما هذا ؟

فقال له النور من الجانب الأيمن : هذا هو أنت ، فلو كنت أنت النور لما ظهر للظل عين ، فأنا النور وأنا مذهبه ، ونورك الذي أنت عليه إنما هو من حيث ما يواجهني من ذاتك ، ذلك لتعلم أنك لست أنا ، فأنا النور بلا ظل ، وأنت النور الممتزج لإمكانك ، فإن نسبت إليّ قبلتك ، وإن نسبت إلى العدم قبلك ، فأنت بين الوجود والعدم ، وأنت بين الخير والشر ،

فإن أعرضت عن ظلك فقد أعرضت عن إمكانك ، وهو شهودك ظلك ، وإن أعرضت عن إمكانك جهلتني ولم تعرفني ، فإنه لا دليل لك على أني إلهك وربك وموجدك إلا إمكانك ، وهو شهودك ظلك ، وإن أعرضت عن نورك بالكلية ، ولم تزل مشاهدا ظلك لم تعلم أنه ظل إمكانك ، وتخيلت أنه ظل المحال ،

والمحال والواجب متقابلان من جميع الوجوه ، فإن دعوتك لم تجبني ولم تسمعني ، فإنه يصمك ذلك المشهود عن دعائي ، فلا تنظر إليه نظرا يفنيك عن ظلك ، فتدعي أنك أنا فتقع في الجهل ، ولا تنظر إلى ظلك نظرا يفنيك عني فإنه يورثك الصمم فتجهل ما خلقتك له ، فكن تارة وتارة ، وما خلق اللّه لك عينين إلا لتشهدني بالواحدة ، وتشهد ظلك بالعين الأخرى ، وقد قلت لك في معرض الامتنان «لَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ» أي بيّنا له الطريقين ، طريق النور والظل «إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً» فإن العدم المحال ظلمة ، وعدم الممكن ظل لا ظلمة ، ولهذا في الظل راحة الوجود .


المراجع:

(10) الفتوحات ج 3 / 239 ، 470- ج 4 / 375 - ج 3 / 418 - ج 2 / 303

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!