موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة التكاثر (102)

 

 


الآيات: 2-7 من سورة التكاثر

حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ (2) كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ (7)

[ اليقين : ]

اليقين هو كل ما ثبت واستقر ولم يتزلزل ، فله علم وعين وحق ، أي وجوب حكمه ، فلا يضاف إلى اليقين إلا ما يقبله ، فإن كان مما تدل عليه علامة أضيف إليه العلم ، وإن لم يكن فلا يضاف إليه ، وإن كان مما يشهد أضيف إليه العين ، وإن لم يكن فلا تضاف


إليه ، وإن كان ممن له في نفس الأمر حكم واجب على أحد من المخلوقين أضيف إليه الحق ، فقيل : حق اليقين لوجوبه ، فلو كان علم اليقين وعينه وحقه نفس اليقين ما صحت الإضافة ، لأن الشيء الواحد لا يضاف إلى نفسه ، لأن الإضافة لا تكون إلا بين مضاف ومضاف إليه ، فتطلب الكثرة حتى يصح وجودها ، ومن أخذ الأشياء عن عين اليقين اتصف بالعلم اليقيني ، فإن الجاهل قد يتصف بالعلم فيما جهله ولا يتصف باليقين ، ولهذا جاز أن يضاف العلم إلى اليقين ، وليس من إضافة الشيء إلى نفسه ، لا لفظا ولا معنى ، فأما اللفظ فإن لفظة اليقين ، ما هي لفظة العلم ، فجازت الإضافة . ومن طريق المعنى ، إن اليقين عبارة عن استقرار العلم في النفس ، والاستقرار ما هو عين المستقر ، بل الاستقرار صفة للمستقر ، وهي حقيقة معنوية لا نفسية ، فليست عين نفس العلم فجازت الإضاقة ، وإنما قلنا : إن الجاهل قد يتصف بالعلم فيما هو جاهل به ، فهو قوله تعالى : (فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى) فذكر أعلم في الصنفين ، ومن لم يفرق بين اليقين والعلم ويقول : إن العلم هو اليقين ، وقد ورد في كتاب اللّه مضافا ، احتاج إلى طلب وجه في ذلك تصح له به الإضافة ليؤمن بما جاء من عند اللّه ، فقال : قد يكون المعنى واحدا ويدل عليه لفظان مختلفان ، فيضاف أحد اللفظين إلى الآخر ، فإنهما غيران بلا شك في الصورة ، مع أحدية العين ، هكذا قال أصحاب اللسان ، وهو قول صحيح ، غير أن الإضافة هنا قد تقع في الصورة ، والصورة صورتان ، فإن في ذكر لفظين مختلفين صحة الإضافة لحق اليقين وعلم اليقين وعين اليقين. وإنما احتال من احتال هذه الحيلة لقصور فهمه عما تدل عليه الألفاظ من الموضوعات من المعاني ؛ فلو علم ذلك لعلم أن مدلول لفظة العلم غير مدلول لفظة اليقين ، فقد علمنا علما يقينيا أن في العالم بيتا يسمّى الكعبة ، ببلدة تسمى مكة ، لا يتمكن لأحد الجهل بهذا ، ولا أن يدخله شبهة ، ولا يقدح في دليله دخل ، فاستقر العلم بذلك ، فأضيف إلى اليقين الذي هو الاستقرار أن للّه بيتا يسمى الكعبة ، بقرية تسمى مكة ، تحج الناس إليه في كل سنة ، ويطوفون به ، ثم شوهد هذا البيت عند الوصول إليه بالعين المحسوسة ، فاستقر عند النفس بطريق العين كيفيته وهيئته وحاله ، فكان ذلك عين اليقين الذي كان قبل الشهود علم يقين ، وحصل في النفس برؤيته ما لم يكن عندها قبل


رؤيته ذوقا ، ثم فتح اللّه عين بصيرته في كون ذلك البيت مضافا إلى اللّه مطافا به ، مقصودا دون غيره من البيوت المضافة إلى اللّه ، فعلم علة ذلك وسببه ، بإعلام اللّه لا بنظره واجتهاده ، فكان علمه بذلك حقا يقينا مقررا عنده لا يتزلزل ، فما كل حق له قرار ،

ولا كل علم ، ولا كل عين ،

فلذلك صحت الإضافة ، فإذا تقرر هذا فقد علمت معنى علم اليقين وعينه وحقه .

فكل ما ثبت له القرار بعلامة مخصوصة به ولا تكون علامة إلا عليه فذلك هو علم اليقين ، ولا بد من شهود تلك العلامة وتعلقها بالعين واختصاصها به فذلك هو عين اليقين ،

ولا بد من وجود حكمه في هذه العين وفي هذا العلم ، فلا يتصرف العلم إلا فيما يجب له التصرف فيه ، ولا تنظر العين إلا فيما يجب لها النظر إليه وفيه ، فذلك هو حق اليقين الذي أوجبه على العلم والعين .


المراجع:

(7) الفتوحات ج 2 / 570 ، 628 ، 570 - ج 3 / 267 - ج 2 / 570

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!