The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة آل عمران (3)

 

 


الآية: 135 من سورة آل عمران

وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135)

الإصرار من الأعمال المنهي عن عملها ، ولا يزيلها إلا التوبة ، فإن مات خيف عليه ولم يقطع ، وإذا زلّ العبد فقامت به الذلة والحياء والانكسار ، كان ذلك عين الترقي ، فإذا فقد الإنسان هذه الحالة في زلته ، ولم يندم ولا انكسر ولا ذلّ ولا خاف مقام ربه ، كان جليس إبليس ، بل إبليس أحسن حالا منه ، لأنه يقول لمن يطيعه في الكفر (إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : [ الندم توبة ]

سورة آل‌عمران (3) : آية 136

أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (136)

" نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ» ] «أَجْرُ الْعامِلِينَ» بأمره ، فإن اللّه تعالى أخبر أن أصحاب الأعمال الحافظين لحدود اللّه تعالى ، الموفين ما عاهدوا اللّه عليه ، المشتغلين بكل عمل توجه عليهم منه في أوقاتهم ، أن لهم الآخرة والأولى ، وأعطاهم ملك الدارين ، ونزههم في العالمين ، وذكرهم بلسان صدق فيمن عنده ، وفي كتابه العزيز منة منه وطولا ، واللّه ذو الفضل العظيم ، واعلم أن اللّه تعالى ما أثنى على أحد من عباده في كتابه العزيز ، ولا على لسان نبيه في حديثه ، إلا كان الثناء عملا من الأعمال ؛ ما مدحهم إلا بأعمالهم ، فأعمالهم هي التي ردها سبحانه عليهم ، مع توليه لهم فيها ، وهذا غاية الكرم والجود أن يمنحك ، ويعطيك ، ويثني عليك بعد ذلك بما ليس لك ، فإنه سبحانه آخذ بناصيتك ، قائدك إلى كل فعل أراده منك أن يوجده فيك أو على يديك ، فطائفة أثنى عليهم بالتقوى ، وطائفة بالإيمان ، وطائفة بالعلم وهو من جملة الأعمال ، فقال تعالى : (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) ثم فصّل أعمالهم اعتناء بهم وشرفا وتعليما لنا وهداية وبيانا وموعظة ، فقال تعالى (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ) الآيات ، وقال : (أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ) فما وصفهم لما وصفهم إلا بأعمالهم التي خلق لهم ، ثم أنه سبحانه ما نصّ على مقام يناله العبد عنده إلا قرنه بالعمل الصالح ، كما قال تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ ، لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) وقال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُو) الآية ، وقال : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ

مُقْتَدِرٍ) إلى أمثال هذه الآيات النيرات ، فقد شاء سبحانه وتعالى أن لا تنال المقامات على تفاصيلها بتفاضل بعضها على بعض إلا بعمل ، والصبر والرضى من جملة الأعمال والأحوال المشروعة لنا ، المأمور بها شرعا ، كما قال تعالى : (وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ) ولا يكون الصبر إلا على بلاء ومشقة . وأصل السعادة الجامعة لها موافقتنا للحق تعالى فيما أمر به ونهى شرعا ، مع التوحيد في باطنه بنفي الأغيار ، وتلك الموافقة عناية من اللّه تعالى ببعض عباده ، ولكن ينبغي للعبد أن يعتقد أن أعماله لم توصله إلى نيل تلك المقامات ، وإنما أوصله إلى ذلك رحمة اللّه تعالى به الذي أعطاه التوفيق للعمل والقدرة عليه والثواب . فحصول السعادة أعني دخول دار الكرامة ابتداء إنما هو برحمة اللّه تعالى ، كما قال صلّى اللّه عليه وسلم : [ لا يدخل أحد الجنة بعمل ، قيل له : ولا أنت يا رسول اللّه ؟ قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني اللّه برحمته ] فالدخول برحمة اللّه ، وقسمة الدرجات بالأعمال ، والخلود بالنيات ، وكذلك في دار الشقاوة ، دخول أهلها فيها بعدل اللّه ، وطبقات عذابهم بالأعمال . وخلودهم بالنيات.

وأصل ما استوجبوا به العذاب المؤبد المخالفة ، كما كانت السعادة في الموافقة . وكذلك من دخل من العاصين النار ، لولا المخالفة ما عذبهم اللّه شرعا . وأول ما يجب عليك ، إن رزقت الموافقة والتوفيق ، العلم بالأمور التي مهدناها لك ، فإذا علمتها توجه عليك العمل بها ، وإن كان طالب العلم في عمل من حيث طلبه ، ولكن يعطيك العلم العمل بأمور أخر ، توجه عليك بها خطاب الشارع ، كما أن العلم لم يصح طلبه إلا بالعلم . فمن حصل له العلم بالأحكام التي يحتاج إليها في مقامه ، فلا يكثر مما لا يحتاج إليه ، فإن التكثير مما لا حاجة فيه سبب في تضييع الوقت عما هو أهم ، فيأخذ منها ما توجه عليه في الوقت من علم تكليف ذلك الوقت ، فإذا عرفت هذا ، ولازمت العمل ، فأنت الموفق السعيد . واعلم أن عدد الأعضاء المكلفة ثمانية : وهي العين والأذن واللسان واليد والبطن والفرج والرجل والقلب ، فعلى كل واحد من هذه الأعضاء تكليف ، يخصه من أنواع الأحكام الشرعية ، ثم تصرفها على الوجه الشرعي في محلين خاصة إما في ذاتك وإما في غير ذاتك . فالذي في ذاتك منه ما يلحقك عليه المذمة الشرعية والمحمدة عند اللّه تعالى ، فالمحمدة كالصوم والصلاة وما أشبه ذلك ، والمذمة كضربك نفسك بالسكين لتقتلها . ومنها ما لا يلحقك فيه مذمة ولا محمدة ، كصنف المباح ، ولا يجوز لك هذا الفعل إلا في ذاتك .وأما في غير ذاتك فلا إلا بشرط

ما . والذين هم غيرك ثمانية أصناف خارجون عنك : الولد والوالدان والزوجة وملك اليمين والبهيمة والجار والأجير والأخ الإيماني والطيني . وكل فعل حسن للجوارح أسه انتباه القلب ، وهذه الأعمال كلها ليس لها زوال عن شخص حتى يموت ، فإن عدمها في أحواله وطريقه فهو مخدوع ، والواصل لا يتصور منه ترك لها أصلا ، وإن ادعى الوصول ، وفارق المعاملات استصحابا ، فدعواه كاذبة . ولو فتح له في علم الكونين وسر العالم فمكر واستدراج . فلا سبيل إلى الوصول إلى نهاية صحيحة عن الشوب الإبليسي ، خالصة عن الغرض النفسي ، ما لم يزل المريد أوّلا عن رعونة النفس وكدورة البشرية . ومن لم يتخلق لم يتحقق .وعلامة من صح وصوله الخروج عن الطبع والأدب مع الشرع واتباعه حيث سلك ، والشفاء الشافي والدواء الكافي لهذا الداء العضال العلم بشرط التوفيق ، فإذا اجتمعا فلا حائل بينك وبين التحقيق .


المراجع:

(135) الفتوحات ج 3 / 9 - ج 1 / 232

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!