موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة آل عمران (3)

 

 


الآية: 154 من سورة آل عمران

ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (154)

قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ» لا إيجاد لمخلوق في عقدنا ، بل الأمر كله للّه ، فإنه هو الفاعل والموجد للعمل ، الذي له خلق الأعمال من الأحوال والقدرة عليها .


سورة آل‌عمران (3) : الآيات 155 إلى 159

إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156) وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158) فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)

«فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ» أي إنما كان برحمة اللّه «لِنْتَ لَهُمْ» فإن النفوس مجبولة على حبّ من أحسن إليها ، فإياك أن تصلح رعيتك بالخوف الشديد فتزيدهم نفورا ، فإنه يأتي باللين

476

ما يأتي بالقهر والفظاظة ، ولا يأتي بالقهر ما يأتي باللين ، فإن القهر لا يأتي بالرحمة والمودة في قلب المقهور ، وباللين ينقضي المطلوب وتأتي بالمودة ، فتلقيها في قلب من استملته باللين ، وصاحب اللين لا يقاوم ، فإنه لا يقاوم لما يعطيه اللين من الحكم ، فالرخاوة في الدين من الدين ، ولهذا امتن اللّه فجعل نبيه من أهل اللين فقال «فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ» وبهذا فضلهم ، واللين خفض الجناح والمداراة والسياسة ، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : [ مداراة الناس صدقة ] والدعوة إلى اللّه تحتاج إلى علم السياسة ، فإن صورتها من الداعي تختلف باختلاف صورة المدعو ، فثم دعاء بصفة غلظة وقهر ، وثمّ دعاء بصفة لين وعطف «وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ» فلو كان فظا غليظا في فعله وقوله لانفضوا من حوله ، فهم مع العفو واللين لا يقبلون ، فكيف مع الشدة والفظاظة ، لن يزالوا مدبرين «فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ» ليس للرسول من حيث رسالته المشاورة ، فمشاورته لأصحابه في غير ما شرع له ، وذلك من مقام الخلافة لا الرسالة . فلما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم من الخلفاء قيل له «وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ» فأمر الحق نبيه صلّى اللّه عليه وسلم بمشاورة أصحابه في الأمر الذي يعنّ له إذا لم يوح إليه فيه شيء ، لأن للحق وجها خاصا في كل موجود ، لا يكون لغير ذلك الموجود . فقد يلقي إليه الحق سبحانه في أمر ما ما لا يلقيه لمن هو أعلى منه طبقة ، كعلم الأسماء لآدم مع كون الملأ الأعلى عند اللّه أشرف منه ، ومع هذا كان عند آدم ما لم يكن عندهم . واللّه تعالى يعطي بسبب ، وهو الذي كتبه القلم من علم اللّه في خلقه ، ويعطي بغير سبب ، وهو ما يعطيه من ذلك الوجه ، فلا تعرف به الأسباب ولا الخلق ، فوقعت المشورة ليظهر عنها أمر يمكن أن يكون من علم ذلك الوجه ، فيلقي إليه من شاوره في تدبيره علما قد حصل له من اللّه ، من حيث ذلك الوجه الذي لم يكتب علمه ولا حصل في خلقه ، ولهذا قال اللّه لرسوله «فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ» يعني على إمضاء ما اتفقتم عليه في المشورة ، أو ما انفردت به دونهم . وقوله تعالى : «فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ» في مثل هذا ما لم يقع الفعل ، فإن العزم يتقدم الفعل ، فقيل له: توكل على اللّه ، فإنه ما يدري ما لم يقع الفعل ما يلقي اللّه في نفسك من ذلك الوجه الخاص الإلهي ، فلا يطلع على مراتب العقول إلا أصحاب المشاورة ، ولا سيما في المسامرة ، فإنها أجمع للهمّ والذكر ، وأقدح لزناد الفكر .فعرض الإنسان ما يريد فعله على الآراء دليل على عقله التام ، ليقف على تخالف الأهواء ، فيعلم

477

مع أحدية مطلوبه أنه وإن تفرد فله وجوه متعددة . واعلم أن هذا موطن ، يجب أن تكون المعاملة فيه كما ذكر وأنه قال في موطن آخر (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) *فإن للمواطن أحكاما ، فافعل بمقتضاها تكن حكيما[ الفرق بين النية والإرادة والقصد والهمة والعزم والهاجس]

- تحقيق - الفرق بين النية والإرادة والقصد والهمة والعزم والهاجس ، اعلم أن اللّه تعالى إذا أراد إيجاد فعل ما ، بمقارنة حركة شخص ما ، بعث إليه رسوله المعصوم ، وهو الخاطر الإلهي المعلوم ، ولقربه من حضرة الاصطفاء ، هو في غاية الخفا ، فلا يشعر بنزوله في القلب إلا أهل الحضور والمراقبة في مرآة الصدق والصفا ، فينقر في القلب نقرة خفية ، تنبه لنزول نكتة غيبية ، فمن حكم به فقد أصاب في كل ما يفعله ، ونجح في كل ما يعمله ، وذلك هو السبب الأول عند الشخص الذي عليه يعول ، وهو نقر الخاطر عند أرباب الخواطر ، وهو الهاجس عند من هو للقلب سائس ، فإن رجع عليه مرة أخرى فهو الإرادة ، وقد قامت بصاحبه السعادة ، فإن عاد ثالثة فهو الهمّ ، ولا يعود إلا لأمر مهم ، فإن عاد رابعة فهو العزم ، ولا يعود إلا لنفوذ الأمر الجزم ، فإن عاد خامسة فهو النية ، وهو الذي يباشر الفعل الموجود عن هذه البنية ، وبين التوجه إلى الفعل وبين الفعل يظهر القصد ، وهو صفة مقدسة يتصف بها الرب والعبد.


المراجع:

(154) الفتوحات ج 3 / 436

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!