موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة النساء (4)

 

 


الآية: 101 من سورة النساء

وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً (101)

[قصر الصلاة ]

السفر يؤثر في الصلاة القصر باتفاق ، إلا عائشة رضي اللّه عنها قالت : لا يجوز القصر إلا للخائف لقوله عزّ وجل «إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا» .والذي أقول به إن القصر للمسافر فرض متعين في كل سفر ، قريبا كان أو بعيدا . فالمعتبر فيه اللسان ، قربة كان أو مباحا أو معصية .ومدة القصر الأولى عندي فيها أن ينظر في مدة إقامة النبي صلّى اللّه عليه وسلم بمكة إلى أن رجع إلى المدينة ، فإنه كان يقصر في تلك المدة . واتفق العلماء كلهم على الجمع بين الظهر والعصر في أول الظهر يوم عرفة ، وعلى الجمع بين المغرب والعشاء بتأخير المغرب إلى وقت العشاء بالمزدلفة ، فلا يصح الجمع بين الصلاتين إلا فيما ذكرناه من عرفة وجمع
[ السفر ]

- إشارة - السفر حال لازم لكل ما سوى اللّه في الحقائق الإلهية ، بل لكل من يتصف بالوجود ، وهو سفر الأكابر من الرجال ، فهو سفر بالعلم والتحقق ، وسفر في الأسماء الإلهية بالتخلق ، وهو سفر حاله نازل عن الحال الأول ، وسفر ثالث في الأكوان بالاعتبار ، وهو حال دون الحالين ، وسفر جامع لهذه الأسفار كلها في أحوالها ، وهو أعظم أسفار الكون ، والأول أعظم الأسفار وأجلها ، والقصر في الخوف ، فإن العبد مطلوب في كل نفس بمراقبة الحق في حكمه تعالى في ذلك النفس بما شرع له تعالى فيه خاصة ، وما كل أحد يقدر على مراعاة هذا المقام مع الحق ، فلا يزال في خوف دائما ، فالعارف إذا حصل فيه وخاف أن يلتبس عليه مناجاة الحق في الأنفاس ، اقتصر من المناجاة على ما يختص بذلك النفس ، فكان الخوف سببا للقصر .

سورة النساء (4) : آية 102

وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً (102)

وأما صلاة الخوف فالذي أذهب إليه أن الإمام مخيّر في الصورة التي ثبتت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، فبأي صورة صلاها أجزأته صلاته وصحت صلاة الجماعة ، إلا الرواية التي فيها الانتظار بالسلام ، فإن عندي فيها نظر ، لكون الإمام يصير فيها تبعا تابعا ، وقد نصبه اللّه متبوعا ، وسبب توقفي في ذلك دون جزم من طريق المعنى ؛ فإن النبي صلّى اللّه عليه وسلم أمر الإمام أن يصلي بصلاة المريض وأضعف الجماعة ، والخلاف في صورة صلاة الخوف مسطور في كتب الحديث . وأما الصلاة عند المسايفة فالذي أذهب إليه أن العبد مأمور في ذلك الوقت بالصلاة على قدر ما يمكنه أن يفعله منها .

سورة النساء (4) :آية 103

فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً (103) .

"كِتاباً مَوْقُوتاً "أي مفروضة في وقت معيّن ، سواء كان موسعا أو مضيقا ، فإنه معيّن ولا بد ، بقوله موقوتا .

فمن أخرج صلاة مفروضة عن وقتها المعيّن له ، كان ما كان ، من ناس أو متذكر ، فإنه لا يقضيها أبدا ولا تبرأ ذمته ، فإنه ما صلى الصلاة المشروعة ، إذ كان الوقت من شروط صحة الصلاة . فليكثر النوافل بعد التوبة ، ولا قضاء عليه عندنا لخروج وقتها الذي هو شرط في صحتها .

ووقت الناسي والنائم وقت تذكره واستيقاظه من نومه ، وهو مؤد ولا بدّ ، ولا يسمى قاضيا على الاعتبار الذي يراه الفقهاء ، لا على ما تعطيه اللغة ، فإن القاضي والمؤدي لا فرق بينهما في اللسان ، فكل مؤد للصلاة فقد قضى ما عليه ، فهو قاض بأدائه ما تعيّن عليه أداؤه من اللّه . واتفق علماء الشريعة أن وقت الظهر الذي لا تجوز قبله هو الزوال ؛ جاء في الحديث الثابت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : [ لا يخرج وقت صلاة حتى يدخل وقت الأخرى ] يعني في الأربع صلوات ، فإنه إذا خرج وقت الصبح لم يدخل وقت الظهر حتى تزول الشمس ، بخلاف الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، وجاء في الحديث الثابت في إمامة جبريل النبي صلّى اللّه عليه وسلم أنه صلى الظهر في اليوم الثاني في الوقت الذي صلى فيه العصر في اليوم الأول ، وفي حديث ثابت آخر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال : [ آخر وقت الظهر ما لم يدخل وقت العصر ] فحديث إمامة جبريل يعطي الاشتراك في الوقت ،

والحديثان الآخران يعطي الزمان الذي ينقسم ، فيرتفع الاشتراك . والقول هنا أقوى من الفعل ، لأن الفعل يعسر الوقوف على تحقيق الوقت به ، وهو قول الصاحب على ما أعطاه نظره . وقول النبي صلّى اللّه عليه وسلم يخالف ما قال الصاحب وحكم به على فعل صلاة جبريل عليه السلام بالنبي صلّى اللّه عليه وسلم ؛ فيكون كلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم مفسرا للفعل الذي فسره الراوي .

والأخذ بقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم هو الذي أمرنا اللّه أن نأخذ به ، فكان ينبغي في مسئلة آخر وقت الظهر وأول وقت العصر وأمثالها أن لا يتصور خلاف ، ولكن اللّه جعل هذا الخلاف رحمة لعباده واتساعا فيما كلفهم به من عبادته . وآخر وقت الظهر أن يكون ظل كل شيء مثله ، وهو أول وقت العصر .وآخر وقت العصر عندنا قبل أن تغرب الشمس بركعة .

والمغرب وقته موسع وهو ما بين غروب الشمس إلى مغيب الشفق . وقد ورد في إمامة جبريل عليه السلام برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أنه صلى المغرب في اليومين في وقت واحد في أول فرض الصلوات ، والمغرب وتر صلاة النهار كما أخبرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، وذلك قبل أن يزيدنا اللّه وتر صلاة الليل [ إن اللّه قد زادكم صلاة إلى صلاتكم ] وذكر صلاة الوتر [ فأوتروا يا أهل القرآن ] فشبهها بالفرائض وأمر بها . ولما سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم بعد إمامة جبريل عليه السلام به صلّى اللّه عليه وسلم عن وقت الصلاة ، صلى بالناس يومين ، صلى في اليوم الأول في أول الأوقات ، وصلى في اليوم الثاني في آخر الأوقات ، الصلوات الخمس كلها وفيها المغرب ، ثم قال للسائل [ الوقت ما بين هذين ] فجعل للمغرب وقتين كسائر الصلوات ، فوسع وقتها كسائر الصلوات ، وهو الذي ينبغي أن يعول عليه ، فإنه متأخر عن إمامة جبريل ، فوجب الأخذ به ، فإن الصحابة كانت تأخذ بالأحدث ، فالأحدث من فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، وإن كان صلّى اللّه عليه وسلم كان يثابر على الصلاة في أول الأوقات فلا يدل ذلك على أن الصلاة ما لها وقتان ، وما بينهما ، فقد أبان عن ذلك وصرح به ، وما عليه صلّى اللّه عليه وسلم إلا البلاغ والبيان ، وقد فعل صلّى اللّه عليه وسلم . وأول وقت العشاء مغيب حمرة الشفق ، وآخر وقتها طلوع الفجر . واتفق الجميع على أن أول وقت الصبح طلوع الفجر وآخره طلوع الشمس ، واختلفوا في الإسفار والتغليس بصلاة الصبح ، والتغليس بها أفضل عندنا . وقد كتب اللّه تعالى الصلاة على المؤمنين دون العالم لعموم الإيمان فإنه يشمل المقلد والعالم ، فلو كتبها اللّه على العلماء دون المؤمنين لما وجبت على المقلدين ، والعلماء لهم صفة الإيمان ، فكتب على الوصف العام .


المراجع:

(101) الفتوحات ج 1 / 468

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!