موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة النساء (4)

 

 


الآيات: 115-116 من سورة النساء

وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (115) إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً (116)

إذا كان الحق حرّم على نفسه المغفرة للمشرك ، وجبت المؤاخذة في الشرك ولا بدّ .

واعلم أن اللّه لم يغفر للمشركين ولا لأهل التبعات ، بل ضمن التباعات ، وجعل مغفرتهم موقوفة على رضا المظلومين ، فيصلح بينهم يوم القيامة . جاء في الخبر أن اللّه تعالى يقول يوم القيامة لأهل الحشر «يا عبادي ما كان بيني وبينكم فقد غفرته لكم فانظروا فيما بينكم فإنّه لا يجاوزني ظلم ظالم» . ويظهر في الشرك أنه فيما بينه وبينهم فلما ذا أخذ به ولم يغفره ؟ فاعلم وفقك اللّه أن الشرك باللّه باب من التباعات وظلم الغير ولهذا أخذ اللّه به ، فإن التباعات على ضروب في الدماء والأموال والأعراض ، والشرك من باب تباعات الأعراض ، وهو من باب الفرية ، وأن يقال في الشيء ما ليس فيه ، وهو البهتان . وليس الشرك من الأمور التي بين اللّه وبين العبد . وهو من أكبر الكبائر .

فإذا كان يوم القيامة وحشر الناس في صعيد واحد وضج المظلومون عند معاينة ما لا طاقة لهم بحمله من الأهوال ؛ ضجت الأصناف الذين اتخذوا آلهة من دون اللّه من حجر وشجر وحيوان وإنسان وكوكب وروحاني وقالو:

يا ربنا خذ لنا حقنا ممن افترى علينا ، ونسب إلينا ما ليس فينا وقال : إنا آلهة فعبدونا ، ونحن لا نضر ولا ننفع ، وليس لنا من الأمر شيء ، فخذ لنا حقنا . وهنا يقع تفصيل ، فأمّا كل من عبد من دون اللّه من حجر وشجر وإنسان مشرك أشرك نفسه مع اللّه وحيوان وروحاني مشرك أيضا ، فإنهم يدخلون مع الذين عبدوهم في نار جهنم ليكون أنكى لهم إذا عاينوهم ؛ ومن كان ارتضى منهم ما ينسب إليه كفرعون وغيره ، فهو مشارك لهم في عذابهم . ومثل الأحجار والأشجار ، فلم تدخل للعذاب ، ولكن دخلت لنكايتهم أن تكون معهم آلهتهم كما قال اللّه تعالى «إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ» .

ويقول المشركون هناك «لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ» .وقال تعالى «وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ» *وهم المشركون ، وهم الأصنام المعبودون من دون اللّه ، ونفى الأصناف الذين سبقت لهم الحسنى وكانوا عن النار مبعدين ، وهم الذين اتخذوا مثلة على صورتهم عبدوها كالصليب للنصارى والصور التي يصورونها للمشركين التي صنعوها على صورة هذا المعصوم السعيد كائنا من كان ؛ فتلك الأمثال تدخل معهم النار ، وهذا ينكيهم جد .

ووجه آخر من نكاية اللّه لهم : إن لأهل الجنة اطلاعا على أهل النار يعاين هؤلاء هؤلاء وهؤلاء هؤلاء ، فيزيد نعيم هؤلاء ويزيد عذاب هؤلاء ؛ يقول اللّه تعالى «فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ قالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ» «وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ


ضَلالًا بَعِيداً» لأنهم أوقعوا أنفسهم في الحيرة لكونهم عبدوا ما نحتوا بأيديهم وعلموا أنه لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنهم من اللّه شيئا ، فهي شهادة من اللّه بقصور نظرهم وعقولهم .


المراجع:

(116) الفتوحات ج 3 / 518 - كتاب القسم الإلهي - الفتوحات ج 4 / 106

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!