موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة النساء (4)

 

 


الآيات: 143-145 من سورة النساء

مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (143) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ تُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً (144) إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (145)

إذا كان يوم القيامة يحشر اللّه هذه الأمة وفيها منافقوها ، فإذا انبعثت كل أمة إلى ما كانت تعبد ، ودخلت الأمم النار ، ونصب الصراط على جسر جهنم ، أتي بالمنافقين الذين أظهروا الإيمان بألسنتهم وصلوا وصاموا ، وقاموا بفروع الشريعة في الصورة الظاهرة كما قام المؤمنون ، أتى بهم اللّه تعالى حتى انفهقت لهم الجنة بما تحويه من الخير والسرور ، فتنعموا برؤيتها وظنوا أنهم داخلوها ، فكانت تلك النظرة والفرح الذي قام لهم بالطمع بدخولها جزاء لما جاءوا به من الأعمال الظاهرة ظاهرا بظاهر ، عدلا منه سبحانه .
فإذا طابق الجزاء أعمالهم وأخذوا حقّهم ، وهم لا يعلمون أنهم يصرفون عنها ، ضرب اللّه بينهم وبين الجنة سورا ، باطنه الجنة ، وظاهره من قبله العذاب ، فيؤمر بهم إلى النار ، فهذا هو استهزاء اللّه بهم وسخرية اللّه بهم ، فجمع سبحانه في هذا الفعل الواحد بين العدل والاستهزاء كما جمعوا بين الإسلام

والكفر. وليس للمنافقين من النار إلا الدرك الأسفل وهي النار التي تطلع على الأفئدة لما هم عليه من إصرار الكفر ، وليس لهم في أعلاها مكان إلا على قدر معاصيهم الظاهرة ولما أتوا به من الأعمال الظاهرة . والكافر يتعذب في النار علوا وسفلا بخلاف المنافق ، فما عنده من يعصمه من نار اللّه ولا من جهنم ، وكلهم في جهنم جميعا : ومن أعجب ما روينا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم كان قاعدا مع أصحابه في المسجد فسمعوا هدة عظيمة فارتاعوا فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: أتعرفون ما هذه الهدة ؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم قال حجر ألقي من أعلى جهنم منذ سبعين سنة ، الآن وصل إلى قعرها . فكان وصوله إلى قعرها وسقوطه فيها هذه الهدة . فما فرغ من كلامه صلّى اللّه عليه وسلم إلا والصراخ في دار منافق من المنافقين ، قد مات وكان عمره سبعين سنة فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : اللّه أكبر فعلم علماء الصحابة أن هذا الحجر هو ذاك المنافق وأنه منذ خلقه اللّه يهوي في نار جهنم وبلغ عمره سبعين سنة ، فلما مات حصل في قعرها ، فكان سماعهم تلك الهدة التي أسمعهم اللّه ليعتبرو. فانظر ما أعجب كلام النبوة ، وما ألطف تعريفه ، وما أحسن إشارته ، وما أعذب كلامه صلّى اللّه عليه وسلم .

واعلم أن جهنم كلها مائة درك من أعلاها إلى أسفلها نظائر درج الجنة التي ينزل فيها السعداء ، فتساوى عدد الدرك والدرج . ويقع الامتياز بأن امتازت النار عن الجنة بأنه ليس في النار دركات اختصاص إلهي ولا عذاب اختصاص إلهي من اللّه ، فإن اللّه ما عرفنا قطّ أنه اختص بنقمته من يشاء كما أخبرنا أنه يختصّ برحمته من يشاء وبفضله ، فأهل النار معذبون بأعمالهم لا غير ، وأهل الجنة ينعمون بأعمالهم وبغير أعمالهم في جنات الاختصاص . ولما كان مذهبنا أن جميع الناس كافة من مؤمن وكافر ومنافق مكلفون مخاطبون بأصول الشريعة وفروعها وأنهم مؤاخذون يوم القيامة بالأصول والفروع ، لهذا كان المنافق في الدرك الأسفل من النار وهو باطن النار ، وأن المنافق معذب بالنار التي تطلع على الأفئدة ، إذ أتى في الدنيا بصورة ظاهر الحكم المشروع من التلفظ بالشهادة وإظهار تصديق الرسل والأعمال الظاهرة ، وما عندهم في بواطنهم من الإيمان مثقال ذرة . فبهذا القدر تميّزوا من الكفار وقيل فيهم : إنهم منافقون ، وقال تعالى : إن المنافقين والكافرين في جهنم جميعا ، فذكر الدار . فالمنافقون يعذبون في أسفل جهنم ، والكافرون لهم عذاب الأعلى والأسفل.


المراجع:

(145) إيجاز البيان - الفتوحات ج 3 / 387 - ج 1 / 298 ، 302 ، 335

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!