The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة المائدة (5)

 

 


الآيات: 46-48 من سورة المائدة

وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (47) وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) «وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ»

[ لا مفاضلة في كلام اللّه من حيث ما هو كلامه ]

لا مفاضلة في كلام اللّه من حيث ما هو كلامه ، فالكتب كلها من إل واحد ، والقرآن جامع ، فقد أغنى ، وأنت منه على يقين ، ولست من غيره على يقين ، لما دخله من التبديل والتحريف ، والمهيمن هو الشاهد على الشيء بما له وعليه وكل أمر يتوقف وجوده على وجود أمر آخر فالأمر المتوقف عليه مهيمن على من توقف وجوده عليه ، «لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً»

[ سبب إنزال الشرائع ]

أنزل اللّه الشرائع لما تتضمنه من المصالح ، فهي الخير المحض بما فيها من الأمور المؤلمة المنازعة لما تتعلق به الأغراض النفسية التي خلقها اللّه بالرحمة .

خلق الأدوية الكريهة ، للعلل البغيضة ، للمزاج الخاص ، والمنهاج هو ما اجتمع عليه في الأديان ، وما اختلفوا فيه من الأحكام فهو الشرعة التي جعل اللّه لكل واحد من الرسل ، وذلك تعيين الأعمال التي ينتهي فيها مدة الحكم المعبر عنه بالنسخ في كلام علماء الشريعة ، فهي أحكام الطريقة وكلها مجعولة

بجعل اللّه ، فمن مشى في غير طريقه التي عين اللّه له المشي عليها ، فقد حاد عن سواء السبيل التي عين اللّه له المشي عليها ، كما أن ذلك الآخر لو ترك سبيله التي شرع اللّه له المشي عليها ، وسلك سبيل هذا سميناه حائدا عن سبيل اللّه ، والكل بالنسبة إلى واحد واحد على صراط مستقيم فيما شرع له . ولهذا خط رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم خطأ ، وخط عن جنبتي ذلك الخط خطوطا ، فكان ذلك الخط شرعه ومنهاجه الذي بعث به ، وقيل له : قل لأمتك تسلك عليه ولا تعدل عنه . وكانت تلك الخطوط شرائع الأنبياء التي تقدمته ، والنواميس الحكمية الموضوعة ، ثم وضع يده على الخط وتلا «وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ» فأصل وضع الشريعة في العالم وسببها طلب صلاح العالم ، ومعرفة ما جهل من اللّه مما لا يقبله العقل ، أي لا يستقل به العقل من حيث نظره ، فنزلت بهذه المعرفة الكتب المنزلة ، ونطقت بها ألسنة الرسل والأنبياء عليهم السلام بما هو وراء طور العقل ، فعينت الرسل الأفعال المقربة إلى اللّه ، وأعلمت بما خلق اللّه من الممكنات فيما غاب عن الناس ، وما يكون منه سبحانه فيهم في المستقبل ، وجاءوا بالبعث والنشور ، والحشر والجنة والنار ، وتتابعت الرسل على اختلاف الأزمان واختلاف الأحوال ، وكل واحد منهم يصدق صاحبه ، ما اختلفوا قط في الأصول التي استندوا إليها وعبروا عنها ، وإن اختلفت الأحكام ، فتنزلت الشرائع ، ونزلت الأحكام ، وكان الحكم بحسب الزمان والحال ، واتفقت أصولهم من غير خلاف في شيء من ذلك . فالشرائع كلها بالجعل ، ولهذا تجري إلى أمد ، وغايتها حكم الحق بها في القيامة في الفريقين ، وأما اختلاف الشرائع فلاختلاف النسب الإلهية ، لأنه لو كانت النسبة الإلهية لتحليل أمر ما في الشرع ، كالنسبة لتحريم ذلك الأمر عينه في الشرع ، لما صح تغيير الحكم ، وقد ثبت تغيير الحكم ، ولما صح أيضا قوله تعالى : «لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً» وقد صح أن لكل أمة شرعة ومنهاجا ، جاءها بذلك نبيها ورسولها ، فنسخ وأثبت ، فعلمنا بالقطع أن نسبته تعالى فيما شرعه إلى محمد صلّى اللّه عليه وسلم ، خلاف نسبته إلى نبي آخر ، وإلا لو كانت النسبة واحدة من كل وجه ، وهي الموجبة للتشريع الخاص لكان الشرع واحدا من كل وجه بقوله تعالى : «لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً» وأما اختلاف النسب الإلهية ، فلاختلاف الأحوال ، وهو قوله تعالى : «كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ» لاختلاف الزمان فإن اختلاف أحوال الخلق سببها اختلاف الأزمان عليها ،

واختلاف الأزمان لاختلاف الحركات الفلكية ، فإنه باختلاف الحركات الفلكية حدث زمان الليل والنهار ، وتعينت السنون والشهور والفصول ، واختلاف الحركات لاختلاف التوجهات ، وهو توجه الحق عليها بالإيجاد ، وهو تعلق خاص من كونه مريدا . وإنما اختلفت التوجهات لاختلاف المقاصد ، فقصد الرضى غير قصد الغضب ، وقصد التنعيم غير قصد التعذيب ، واختلفت المقاصد ، لاختلاف التجليات ، فلكل قصد تجل خاص ما هو عين التجلي الآخر ، فإن الاتساع الإلهي يعطي أن لا يتكرر شيء في الوجود ، واختلفت التجليات لاختلاف الشرائع ، فإن كل شريعة تعطي طريقا موصلة إليه سبحانه ، وهي مختلفة فلا بد أن تختلف التجليات - نظم في الشريعة .

طلب الجليل من الجليل جلال .... فأبى الجليل يشاهد الإجلالا

لما رأى عز الإله وجوده .... عبد الإله يصاحب الإدلالا

وقد اطمأن بنفسه متعزز .... متجبرا متكبرا مختالا

أنهى إليه شريعة معصومة .... فأذلة سلطانها إذلالا

نادى العبيد بفاقة وبذلة .... يا من تبارك جده وتعالى

«وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً» فلم تختلف شرائعكم ، كما لم يختلف منها ما أمرتم بالاجتماع فيه وإقامته . والمراد هنا بضمير منكم في قوله : «لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً» ليس إلا الأنبياء عليهم السلام لا الأمم ، لأنه لو كان للأمم ، لم يبعث رسول في أمة قد بعث فيها رسول إلا أن يكون مؤبدا لا يزيد ولا ينقص ، وما وقع الأمر كذلك فإن جعلنا الضمير في قوله : «منكم» للأمم والرسل جميعا ، تكلفنا في التأويل شططا لا نحتاج إليه ، فكون الضمير كناية عن الرسل أقرب إلى الفهم وأوصل إلى العلم

[ - إشارة - إلى الشريعة والحقيقة ]

- إشارة - الشريعة هي الطرق كما قال تعالى : «لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً» والحقيقة : عين واحدة هي غاية لهذه الطرق وهو قوله: «وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ» .


المراجع:

(48) الفتوحات ج 4 / 400 ، 205 - كتاب الأعلاق - الفتوحات ج 4 / 274 - ج 3 / 413 - ج 2 / 414 ، 217 - ج 1 / 322 - ج 3 / 164 - ج 1 / 265 - ج 3 / 413 - ج 4 / 131 - ج 3 / 153

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!