موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة المائدة (5)

 

 


الآيات: 53-54 من سورة المائدة

وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُو هؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ (53) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (54)

اعلم أن حب العبد لولا ما أحبه أولا ما رزقه محبته ولا وفّقه إليها ولا استعمله فيها ، وهكذا جميع ما يكون فيه العبد من الأمور المقربة إلى اللّه عزّ وجل ، قال صلّى اللّه عليه وسلم عن اللّه :

إن اللّه تعالى يقول : (ما تقرب المتقربون بأحب إلي من أداء ما افترضته عليهم) فبحب اللّه للعبد يوفقه بهذه المحبة لاتباع رسوله فيما جاء به من الواجبات عليه ، وهي الفرائض ، والترغيب في أن يوجبوا على أنفسهم صورة ما أوجبه عليهم ويسمى نافلة ، فيحبهم اللّه إذ يقول صلّى اللّه عليه وسلم عن اللّه تعالى : (ولا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت له سمعا وبصرا ويدا ومؤيدا) وقد أعلمنا الرسول صلّى اللّه عليه وسلم أننا إذا اتبعناه فيما جاء به أحبنا اللّه ، فقال تعالى : «إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ» فالحب الثاني هو عين الحب الأول ، فالأول حب عناية والثاني حب جزاء وكرامة بوافد محبوب بالحب الأول ، فصار حب العبد ربه محفوظا بين حبين إلهيين ، كلما أراد أو همّ أن يخرج عن هذا الوصف بالسلو وجد نفسه محصورا بين حبين إلهيين ، فلم يجد منفذا ، فيبقى محفوظ العين بين حب عناية ما فيها من فطور ، وبين حب كرامة ما فيها استدراج - مسئلة - إن اللّه أحب أولياءه ، والمحب لا يؤلم محبوبه ، وليس أحد بأشد ألما في الدنيا ولا بلاء من أولياء اللّه ، رسلهم وأنبيائهم وأتباعهم المحفوظين المعانين على اتباعهم ، فمن أي حقيقة استحقوا هذا البلاء مع كونهم محبين ؟ فنقول : إن اللّه قال : «يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ»

[ من أي حقيقة ابتلي أولياء اللّه تعالى ]

فمن كونهم محبين ابتلاهم، ومن كونهم محبوبين اجتباهم واصطفاهم ، في هذه الدار وفي القيامة ، وأما في الجنة فليس يعاملهم الحق إلا من كونهم محبوبين خاصة ،والبلاء لا يكون أبدا إلا مع الدعوى ، فمن لم يدع أمرا ما لا يبتلى بإقامة الدليل على صدق دعواهفلو لا الدعوى ما وقع البلاء .

ولما أحب اللّه من أحب من عباده رزقهم محبته من حيث لا يعلمون ، فوجدوا في نفوسهم حبا للّه ، فادعوا أنهم من محبي اللّه فابتلاهم اللّه من كونهم محبين .

وأنعم عليهم من كونهم محبوبين ، فإنعامه دليل على محبته فيهم وللّه الحجة البالغة ، وابتلاؤه إياهم لما ادعوه من حبهم إياه ، فلهذا ابتلى اللّه أحبابه من المخلوقين ، والحق تعالى محب محبوب فمن حيث هو محب ينفعل لتأثير الكون ، ومن حيث هو محبوب يبتلي . والعبد أيضا محب للّه محبوب للّه ، فمن حيث هو محب للّه يبتلى لأجل الدعوى فيفتضح صاحب الدعوى الكاذبة ، ويظهر صاحب الدعوى الصادقة ، ومن حيث أنه محبوب يتحكم على محبه ، فيدعوه فيستجيب له ، ويرضيه فيرضى ويسخطه فيعفو ويصفح مع نفوذ قدرته وقوة سلطانه ، إلا أن سلطان الحب أقوى «أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ» .

وقد شرع لنا الود في اللّه والبغض في اللّه ، وجعل ذلك من العمل المختص

له ليس للعبد فيه حظ إلا ما يعطيه اللّه من الجزاء عليه ، وهو أن يعادي اللّه من عادى أولياءه ويوالي من والاهم ، ولكن بالحق المشروع له للّه لا لنفسه ، فإن اللّه لا يقوم لأحد من عباده إلا لمن قام له . ولهذا قال : «يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ» فإن حق اللّه أحق بالقضاء من حق المخلوق إذا اجتمعا ، فإنه ليس لمخلوق حق إلا بجعل اللّه فإذا تعين الحقان في وقت ما ، بدأ العبد الموفق بقضاء حق اللّه الذي هو له ثم أخذ في أداء حق المخلوق الذي أوجبه اللّه .

سورة المائدة (5) : الآيات 55 إلى 60

إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ (56) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57) وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ (58) قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ (59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (60)

كان المسخ في بني إسرائيل ظاهرا بالصورة فمسخهم اللّه قردة وخنازير .


المراجع:

(54) الفتوحات ج 1 / 474 - ج 4 / 102 - ج 2 / 20 ، 345 - ج 4 / 37

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!