موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة المائدة (5)

 

 


الآيات: 107-109 من سورة المائدة

فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ (107) ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (108) يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (109)

[قول الرسل عليهم السلام يوم القيامة "لا علم لن "]

الوجه الأول :من لا ينطق عن الهوى لا يسأل عما يقول سؤال مناقشة وحساب ، ولكن قد يسأل سؤال استفهام لإظهار علم يستفيده السامعون ، كسؤال الحق رسله وهم لا ينطقون عن الهوى يوم يجمعهم فيقول : «ما ذا أُجِبْتُمْ» فيقولون : «لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ» ، فيعلم أهل الموقف أصحاب الكشف أنّ الرسل هم أتم العالم كشفا ، ومع هذا فما أطلعهم اللّه على إجابة القلوب من أممهم ، ولا إجابة من وصلت إليهم دعوتهم ولم يكونوا حاضرين ، ولا من كان حاضرا وأجابه بلسانه ، هل أجابه بقلبه كما أجابه بلسانه ؟

فإن قلت : فقد سمع إجابة من أجابه بلسانه وما أجابه به ، قلنا : لقرائن الأحوال حكم لا يعرفه إلا من شاهدها ، وقد عرفنا من عين جواب الرسل عليهم السلام أنهم فهموا عن اللّه عند هذا السؤال أنه أراد إجابة القلوب ، فإنهم قالوا : «لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ» فلو فهموا من سؤاله تعالى إجابة الألسنة لفصّلوا بين من سمعوا إجابته بإقراره بلسانه ، وبين من لم يسمعوا ذلك منه ، فلما ذكروا في الجواب «الْغُيُوبِ» علمنا أن السؤال كان عن جواب القلوب ، واستفدنا من هذا أنّ الذي يكشف له ما يلزم أن يعم كشفه كل شيء ، لكن عنده استعداد الكشف لا غير ، فما جلى له الحق من أسرار العالم في مرآة قلبه إن كان معنى ، أو في مرآة بصره إن كان صورة كشفه ورآه لا غير . وأما عن سؤال الحق الرسل وطلبه منهم العلم فإنهم أصحاب الكشف الأتم ، ولكنهم لا يعرفون ما آل إليه أمر المبصرات في زمان رفع الكشف هل بقوا على ما كانوا عليه ؟

أو هل انتقلوا عن ذلك فقالوا : «لا عِلْمَ لَنا» والجواب بالظنون لا يليق ، ثم تمموا فقالوا : «إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ» فقيدوه بالغيوب فإنه في يوم تبلى فيه السرائر ، والسرائر غيوب العالم بعضهم عن بعض ، فعلمنا الحق بهذه الآية التأدب مع أصحاب الكشف ، وأن نعلم مراتب الكشف لئلا ننزل صاحب

الكشف فوق منزلته ، ونطلب منه ما لا يستحقه حاله ، فنتعبه ولا نعذره ونصفه بالجهل في ذلك ولا علم لنا بأنا جهلنا ، فتكون جهالتان.

الوجه الثاني :لما يعلم الرسل عليهم السلام بقرينة الحال أن السؤال سؤال استفهام عن إجابتهم بالقلوب فيقولون «لا عِلْمَ لَنا» أي لم نطلع على القلوب «إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ» تأكيد وتأييد بأن الحكم في الآخرة للعلم لا للقول ، وعلمنا نحن من هذه الآية من قول الرسل عليهم الصلاة والسلام أن العلم بالإجابة من علوم الغيوب ، فلا يعلم من أجاب إلا من هويته غيب ، وليس إلا اللّه .

الوجه الثالث :من هنا علمنا أن الرسل لما وجهوا دعوا إلى اللّه تعالى أممهم ظاهرا وباطنا بدعوة واحدة ، فلو كلفوا الظواهر لم يكن قولهم «لا عِلْمَ لَنا» جوابا ، ومن هنا لم يصح جميع فروع أحكام الشريعة من المنافق ، لأنه ما أجاب بباطنه لدعوته ، مثل ما أجاب بظاهره ، وصحت فروع أحكام الشريعة من العاصي المؤمن بباطنه ، فعلمنا أن المقصود للشرع الباطن ، ولكن بشرط مخصوص ، وهو أن يعم الإيمان جميع فروع الأحكام وأصولها.

الوجه الرابع :أن الرسل ما تسأل يوم القيامة إلا لأجل إنكار الأمم التبليغ الذين لم يجيبوا في الدنيا إذا رأوا العذاب نازلا بهم ، أو اعترافهم بالإجابة ولم تقع منهم ، لذلك قال تعالى : «يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ» وقد أخبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أنه غير داخل في هذا الجمع بقوله تعالى : «وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ» أي ما عليك سؤال ، هل أجابوك أم لا ؟ فيكون مزيد درجة راحة للنبي عليه السلام يوم القيامة على سائر الرسل .

تحقيق :صدق الرسل عليهم السلام حيث قالوا : «لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ» فإنه كذا هو الأمر فلا علم لأحد إلا أن يعلمه اللّه ، وما عدا الطريقة الإلهية في التعليم وهي قوله : «إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً» فإنما هو غلبة ظن ، أو مصادفة علم ، أو جزم على وهم ، وأما علم فلا ، فإن جميع الطرق الموصلة إلى العلم فيها شبه ، لا تثق النفس الطاهرة التي أوقفها اللّه على هذه الشبه أن تقطع بحصول علم منها إلا بالطريقة الإلهية المذكورة .


المراجع:

(109) الفتوحات ج 3 / 184 - ج 1 / 327 - ج 4 / 162 - ج 2 / 83 - إيجاز البيان آية 120 - الفتوحات ج 4 / 80

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!