The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الأنعام (6)

 

 


الآيات: 58-59 من سورة الأنعام

قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ
(
(58

وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (59)

[ «وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ» ]

«وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ» كل معدوم العين ظاهر الحكم والأثر ، فهو على الحقيقة المعبر عنه بالغيب ، فإنه من غاب في عينه فهو الغيب ، والطبيعة غائبة العين في الوجود فليس لها عين فيه ، وعن الثبوت وليس لها عين فيه ،

فهي عالم الغيب المحقق ، وهي معلومة ، كما أن المحال معلوم ، غير أن الطبيعة وإن كانت مثل المحال في رفع الثبوت عنها والوجود فلها أثر ويظهر عنها صور ، والمحال ليس كذلك ،

ومفاتيح هذا الغيب هي الأسماء الإلهية التي لا يعلمها إلا اللّه العالم بكل شيء ، والأسماء نسب غيبية إذ الغيب لا يكون مفتاحه إلا غيبا .

وهذه الأسماء تعقل منها حقائق مختلفة معلومة الاختلاف كثيرة ،

ولا تضاف إلا إلى الحق فإنه مسماها ولا يتكثر بها ، فلو كانت أمورا وجودية قائمة به لتكثر بها ، فعلمها سبحانه من حيث كونه عالما بكل معلوم ،

وعلمناها نحن باختلاف الآثار منها فينا ، فسميناه كذا من أثر ما وجد فينا ، فتكثرت الآثار فينا ، فكثرت الأسماء والحق مسماها فنسبت إليه

ولم يتكثر في نفسه بها ، فعلمنا أنها غائبة العين . ولما فتح اللّه بها عالم الأجسام الطبيعية باجتماعها بعد ما كانت متفرقة في الغيب ، معلومة الافتراق في العلم ، إذ لو كانت مجتمعة لذاتها لكان وجود عالم الأجسام أزلا لنفسه لا للّه ، وما ثم موجود - ليس هو اللّه - إلا عن اللّه . وما ثم واجب الوجود لذاته إلا اللّه ، وما سواه فموجود به لا لذاته ، وبالمشيئة ظهر أثر الطبيعة وهي غيب فالمشيئة مفتاح ذلك الغيب ، والمشيئة نسبة إلهية لا عين لها فالمفتاح غيب ، فالغيب هو النور الساطع العام الذي به ظهر الوجود كله ، وما له في عينه ظهور ، فهو الخزانة العامة التي خازنها منها ، وقد تكون مفاتح الغيب هي استعدادات القوابل ، وهي غير مكتسبة بل منحة إلهية ، فلهذا لا يعلمها إلا اللّه ولا تعلم إلا بإعلام اللّه ، وعالم الغيب قد يظهر على غيبه من يرتضيه من رسله ، وهو غيب الوجود أي ما هو في الوجود ، ومغيب عن بعض الأبصار والبصائر ، وهذا الغيب هنا ما ليس بموجود ، فمفتاح ذلك الغيب لا يعلمه إلا اللّه ، فلا يعلم ما هو مفتاح غيب خاص في مفرد مفرد من الغيوب ، فإذا حصل الاستعداد من اللّه تعالى حصل المفتاح وبقي الفتح حتى يقع التعليم ، فإنه هو الفتاح العليم فانفرد سبحانه بعلم مفاتح هذا الغيب ، ونفى العلم عن كل ما سواه بها ، فالممكنات كلها وأعني بكلها ميزها عن المحال والواجب ، لا أن أعيانها يحصرها الكل ، ذلك محال هي في ظلمة الغيب ، فلا يعرف لها حالة وجود ، ولكل ممكن منها مفتاح ، لا يعلمه إلا اللّه ، فلا موجد إلا هو ، خالق كل شيء وموجده ، وما من ممكن يظهره اللّه إلا وله ظل ممدود في الغيب ، لا يمكن خروجه . فظاهر الإنسان ما امتد من الإنسان فظهر ، وباطنه ما لم يفارق الغيب فلا يعلم باطن الإنسان أبد . «وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها» وهي ما تسقط إلا من خشية اللّه كما قال (وإن منها لما يهبط من خشية اللّه) «وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ» [ الطبيعة ]

أمهات الطبيعة أربعة : الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة ، وقد جعل اللّه اثنين منها أصلا في وجود الاثنين الآخرين ، فانفعلت اليبوسة عن الحرارة ، والرطوبة عن البرودة ، فالرطوبة واليبوسة موجودتان عن سببين هما الحرارة والبرودة ، ولهذا ذكر اللّه في قوله تعالى : «وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ» لأن المسبب يلزم من كونه مسببا وجود السبب ، أو منفعلا وجود الفاعل كيف شئت فقل ، ولا يلزم من وجود السبب وجود المسبب فإن المنفعل يطلب الفاعل بذاته ، فإنه منفعل لذاته ولو لم يكن منفعلا لذاته ما قبل الانفعال والأثر

وكان مؤثرا فيه ، بخلاف الفاعل فإنه يفعل بالاختيار إن شاء فعل فيسمى فاعلا ، وإن شاء ترك ، وليس ذلك للمنفعل . ولهذه الحقيقة ذكر تعالى «وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ» فذكر المنفعل ولم يذكر ولا حار ولا بارد لما كانت الرطوبة واليبوسة عند العلماء بالطبيعة تطلب الحرارة والبرودة اللتين هما منفعلتان عنهما ، كما تطلب الصنعة الصانع ، لذلك ذكرهما دون الأصل ، وإن كان الكل في «كِتابٍ مُبِينٍ» فهذه الآية من فصاحة القرآن وإعجازه حيث علم أن الذي أتى به - وهو محمد صلّى اللّه عليه وسلم - لم يكن ممن اشتغل بالعلوم الطبيعية فيعرف هذا القدر ، فعلم قطعا أن ذلك ليس من جهته ، وأنه تنزيل من حكيم حميد ، وأن القائل بهذا عالم ، وهو اللّه تعالى . فعلم النبي صلّى اللّه عليه وسلم كل شيء بتعليم اللّه إياه وإعلامه ، لا بفكره ونظره وبحثه .


المراجع:

(59) الفتوحات ج 3 / 397 ، 542 - ج 2 / 101 - ج 3 / 350 - ج 2 / 584 - ج 3 / 279 ، 228 - ج 1 / 142 ، 593

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!