The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الأنعام (6)

 

 


الآيات: 72-73 من سورة الأنعام

وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (72) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (73)

" وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ»

وقال تعالى : «وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ»

[ - بحث في الحق المخلوق به - هو العقل الأول وهو القلم ]

- بحث في الحق المخلوق به - هو العقل الأول وهو القلم الأعلى ، فأول ما أوجد اللّه من العالم العقول المدبرة جوهرا بسيطا ليس بمادة ولا في مادة ، عالم بذاته في ذاته ، علمه ذاته لا صفة له مقامه الفقر والذلة والاحتياج إلى باريه وموجده ومبدعة ، له نسب وإضافات ووجوه كثيرة ، لا يتكثّر في ذاته بتعددها .

فياض بوجهين من الفيض:فيض ذاتي ، وفيض إرادي .

فما هو بالذات مطلقا لا يتصف بالمنع في ذلك ، وما هو بالإرادة فإنه يوصف فيه بالمنع والعطاء وله افتقار ذاتي لموجده سبحانه الذي استفاد منه وجوده ، وسماه الحق سبحانه وتعالى في القرآن : حقا ، وقلما ، وروحا ، وفي السنة : عقلا وغير ذلك من الأسماء .

وهو أول عالم التدوين والتسطير ، وهو الخازن الحفيظ العليم الأمين على اللطائف الإنسانية التي من أجلها وجد ، ولها قصد ، فهو العقل من حيث العلم باللّه ، وهو القلم من حيث التدوين والتسطير ، وهو الروح من حيث التصرف ، وهو العرش من حيث الاستواء ، وهو الإمام المبين من حيث الإحصاء ، ولا يزال هذا العقل مترددا بين الإقبال والإدبار ، يقبل على باريه ، مستفيدا فيتجلى له ، فيكشف في ذاته من بعض ما هو عليه ، فيعلم من باريه قدر ما علم من نفسه ، فعلمه بذاته لا يتناهى وطريقة علمه به التجليات ، وطريقة علمه بربه علمه به ، ويقبل على من دونه مفيدا هكذا أبد الآباد في المزيد فهو الفقير الغني ، العزيز الذليل ، العبد السيد ، ولا يزال الحق يلهمه طلب التجليات لتحصيل المعارف ، واختلفت الاعتبارات فاختلفت الأسماء . فنقول في العقل الأول عقلا لمعنى يخالف المعنى الذي لأجله نسميه قلما ، يخالف المعنى الذي لأجله نسميه روحا ، يخالف المعنى الذي لأجله نسميه قلبا ، فهذه ألقاب كثيرة اختلفت على شيء واحد لظهوره في مراتب متعددة ، قابل بذاته كل مرتبة صالح لها . - وجه آخر - راجع النحل آية 3 «وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ» الملك هو الذي يقضي فيه مالكه ومليكه بما شاء ، ولا يمتنع عنه جبرا فيسمى كرها ، أو اختيارا فيسمى طوعا «يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ» قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : [ أوتيت جوامع الكلام ] وقال تعالى : (وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ) وقال :

(وصدقت بكلمات ربها وكتابه) ويقال : قطع الأمير يد السارق وضرب الأمير اللص ، فمن ألقي عن أمره شيء فهو ألقاه فكأن الملقي محمد عليه السلام ، ألقى عن اللّه كلمات العالم بأسره من غير استثناء شيء منه البتة ، فمنه ما ألقاه بنفسه كأرواح الملائكة وأكثر العالم العلوي ، ومنه أيضا ما ألقاه عن أمره فيحدث الشيء عن وسائط فرجع الكل في ذلك إلى من أوتي جوامع الكلم ، فنفخ الحقيقة الإسرافيلية من المحمدية المضافة إلى الحق نفخها كما قال تعالى : «وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ» قرئ ننفخ بالنون وقرئ بالياء وضمها وفتح الفاء والنافخ إنما هو إسرافيل والقبول من الصور وسر الحق بينهما هو المعنى بين النافخ والقابل ، كالرابط من الحرف بين الكلمتين ، وذلك هو سر الفعل الأقدس الأنزه الذي لا يطلع عليه النافخ ولا القابل ، والصور قرن من نور لأنه نفّر ظلام الأجسام بالأجساد وزال عنها بسرعة التقليب في الصور البقاء على الأمر المعتاد ، والصور هنا جمع صورة بالصاد ، وهو الحضرة البرزخية التي ننتقل إليها بعد الموت ، ونشهد نفسنا فيها ، وسميت بالصور والناقور ، فينفخ في الصور وينقر في الناقور وهو هو بعينه واختلفت عليه الأسماء لاختلاف الأحوال والصفات . «عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ»

[ العالم مظهر الحق على الكمال ]

اعلم أن الغيب ظرف لعالم الشهادة ، وعالم الشهادة كل موجود سوى اللّه تعالى ، مما وجد ولم يوجد أو وجد ثم ردّ إلى الغيب ، كالصور والأعراض وهو مشهود للّه تعالى ، ولهذا قلنا : إنه عالم الشهادة . ولم يزل الحق يخرج العالم من الغيب شيئا بعد شيء إلى ما لا يتناهى عددا من أشخاص الأجناس والأنواع ، ومنها ما يرده إلى غيبه ومنها ما لا يرده أبدا ، فالذي لا يرده أبدا إلى الغيب كل ذات قائمة بنفسها وليس إلا الجواهر خاصة ، وكل ما عدا الجواهر من الأجسام والأعراض الكونية واللونية ترد إلى الغيب ، ويبرز أمثالها واللّه يخرجها من الغيب إلى شهادتها أنفسها . فهو عالم الغيب والشهادة والأشياء في الغيب لا كمية لها ، إذ الكمية تقتضي الحصر وهي غير متناهية ، فإذا ظهرت أعين الجواهر تبعتها النسب بكم وكيف وأين ، فليس في الوجود المحدث إلا الجوهر والنسب التي تتبعه ، فكان الغيب بما فيه كأنه يحوي على صورة مطابقة لعالمه إذ كان علمه بنفسه علمه بالعالم ، فبرز العالم على صورة العالم من كونه عالما به ، فالعالم مظهر الحق على الكمال فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم ، إذ ليس أكمل من الحق تعالى ، فلو كان في الإمكان أكمل من هذا العالم لكان ثم من هو أكمل من موجده ، وما ثم إلا اللّه ، فليس

في الإمكان إلا مثل ما ظهر لا أكمل منه ، ومن ذلك نعلم أن الغيب غيبان : غيب لا يوجد منه شيء فيكون شهادة ولا ينتقل إليه بعد الشهادة ، وما هو محال فيكون عدما محضا ، ولا هو واجب الوجود فيكون وجودا محضا ، ولا هو ممكن يستوي طرفاه بين الوجود والعدم ، وما هو غير معلوم ، بل هو معقول معلوم ، فلا يعرف له حد . وهو الغيب الذي انفرد الحق به سبحانه حيث قال : «عالِمُ الْغَيْبِ» وما قرنه بالشهادة ، والغيب الآخر الغيب الذي قرنه بالشهادة وهو الذي يوجد منه الكائنات ، والغيب الذي ينتقل إليه بعض الكائنات بعد اتصافها بالشهادة ، لذلك قال متمما : «وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ» فإن الحق ما هو فعله مع الأغراض التي أوجدها في عباده ، وإنما هو مع ما تطلبه الحكمة ، والذي اقتضته الحكمة هو الواقع في العالم ، فعين ظهوره هو عين الحكمة ، فإن فعل اللّه لا يعلل بالحكمة ، بل هو عين الحكمة .


المراجع:

(73) كتاب عقلة المستوفز - الفتوحات ج 2 / 858">95 ، 394 ، 50 - ج 1 / 85 - ج 4 / 360 - ج 1 / 305 - ج 3 / 10 ، 79 ، 530

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!