موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الأنعام (6)

 

 


الآية: 75 من سورة الأنعام

وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75)

اعلم أن عالم الملكوت هو المحرك لعالم الشهادة ، وهو تحت قهره وتسخيره ، حكمة من اللّه تعالى لا لنفسه استحق ذلك ، فعالم الشهادة لا تصدر منه حركة ولا سكون ، ولا أكل ولا شرب ، ولا كلام ولا صمت ، إلا عن عالم الغيب .

وذلك أن الحيوان لا يتحرك إلا عن قصد وإرادة وهما من عمل القلب ،

وهو من عالم الغيب ، والحركة وما شاكلها من عالم الشهادة ، وعالم الشهادة ما أدركناه بالحس عادة ، وعالم الغيب ما أدركناه بالخبر الشرعي ،

أو النظر الفكري فيما لا يظهر للحس عادة فنقول : إن عالم الغيب يدرك بعين

البصيرة ، كما أن عالم الشهادة يدرك بعين البصر ، وكما أن البصر لا يدرك عالم الشهادة ما لم يرتفع عنه حجاب الظلم أو ما أشبه من الموانع ، فإذا ارتفعت الموانع وانبسطت الأنوار على المحسوسات أدرك البصر المبصرات ، فإدراكها مقرون بنور البصر ونور السراج وأشباهها من الأنوار ، كذلك عين البصيرة حجابها الريون ، والشهوات ، وملاحظة الأغيار ،

[ حجاب عين البصيرة ]

إلى مثل هذه من الحجب ، فتحول بينها وبين إدراك الملكوت أعني عالم الغيب ، فإذا عمد الإنسان إلى مرآة قلبه وجلاها بأنواع الرياضات والمجاهدات حتى زال عنها كل حجاب ، واجتمع نورها مع النور الذي ينبسط على عالم الغيب ، وهو النور الذي يتراءى به أهل الملكوت ، وهو بمنزلة الشمس في المحسوس ، اجتمع عند ذلك نور عين البصيرة ، مع نور التمييز ، فكشف المغيبات على ما هي عليه ، غير أن بينهما لطيفة معنى ، وذلك أن الحس يحجبه الجدار ، والبعد المفرط ، والقرب المفرط ، والأجسام الكثيفة الحائلة بينه وبين من يريد إدراكه ، وهذا لقصوره عادة ، وقد تنخرق لنبي أو ولي كقول النبي صلّى اللّه عليه وسلم : إني أراكم من وراء ظهري ، وفي الأولياء ابتداء المكاشفات لهم في أول سلوكهم ، فإن المريد أول ما يكشف له عن المحسوسات فيرى رجلا مقبلا أو على حالة ما وبينهما البعد المفرط والأجسام الكثيفة ، بحيث أن يراه بمكة أو يرى الكعبة وهو بأقصى المغرب ، وهذا كثير عند المريدين في أول أحوالهم ، وأما عالم البصيرة فلا إذ عالم الغيب ليس بينه وبين عين البصيرة مسافة ولا بعد ولا قرب مفرط ، وحجابه إنما هو الران والقفل والكن وقد ارتفعت بالمجاهدات ، فلاحت أعلام الغيوب ، لكن ثم أمر تدركه وهو إن انجلت عين البصيرة كما ذكرناه فإن ثم حجابا آخر إلهيا ، وهو أن النور الذي ينبسط من حضرة الجود على المغيبات في الحضرات الوجودية ليس يعمها إلا على قدر ما يريد اللّه تعالى أن يكشف لك منها ، مع أنك في غاية الصفاء والجلاء ، وذلك هو مقام الوحي دليلنا على ذلك قوله تعالى : «قلما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ» مع غاية الصفاء النبوي ، فكيف بالولي الذي ما فتح له من الطريق خرت إبرة ؟ فهذا هو قدر ما يكشف له من عالم الغيب ، فيرى تأثيره في عالم الشهادة فيتكلم به على ذلك الحد ، فيقول : يكون كذا ولا يكون كذا وعاقبة أمر ما إلى كذا على قدر الكشف . وهذا الحجاب الإلهي لا يمكن رفعه عقلا ولو بلغ المرء أعلى الغايات ، بدليل أن هذا الحجاب إنما هو العلم الأزلي المتعلق بمعلومات غير

متناهية ، وكل ما حصره الوجود فهو متناه ، ولا تكشف عين البصيرة إلا ما دخل في الوجود بوجه ما من أوجه مراتب الوجود ، ومهما ظهر ممن حصل في هذا المقام شيء من ذلك على ظاهره في حق شخص ما ، فتلك الفراسة ، وهي أعلى درجات المكاشفة ، لذلك قال تعالى : «وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ» وذلك عين اليقين لأنه عن رؤية وشهود .


المراجع:

(75) كتاب التدبيرات الإلهية - الفتوحات ج 2 / 240 - ج 3 / 340

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!