موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الأنعام (6)

 

 


الآية: 91 من سورة الأنعام

وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91)

قالت اليهود : إن اللّه فرغ من الخلق في يوم العروبة ، واستراح يوم السبت واستلقى على ظهره ، ووضع إحدى رجليه على الأخرى ، وقال : «أنا الملك» . قال اللّه تعالى في مقابلة هذا الكلام وأمثاله : «وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ» وتزعم اليهود أن هذا مما نزل في

التوراة ، فلا نصدقهم في ذلك ولا نكذبهم وقال تعالى ذلك في حقهم لكونهم ليسوا مثله ، فما عرفوه ، ومن جهل أمره لا يقدر قدره ، فهم ليسوا له بمثل ولا هو مثل لهم ، فوصفوه بنفوسهم وبما هم عليه ، ولا يتمكن لهم ذلك ، لأنهم يريدون الوصف الثبوتي ولا يكون إلا بالتشبيه ، ومن جعل مثلا لمن لا يقبل المثل فما قدره حق قدره ، أي ما أنزله المنزلة التي يستحقها ، فذمهم بالجهل حيث تعرضوا لما ليس لهم به علم ، فلو قالوا فيه بما أنزله إليهم لم يتعلق بهم ذم من قبل الحق ، لأن الحاكي لا ينسب إليه ما حكاه ، فلا يتعلق به ذم في ذلك ولا مدح ، فعلم الخلق باللّه لا يدرك بقياس ، وإنما يدرك بإلقاء السمع لخطاب الحق ، إما بنفسه وإما بلسان المترجم عنه وهو الرسول ، مع الشهود الذي لا يسعه معه غير ما سمعه من الخطاب ،

كما قال : (إِنَّ فِي ذلِكَ) إشارة لما تقدم (لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) فأحال على النظر الفكري بتقلب الأحوال عليه (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) وما عدا هذين الصنفين فلا طريق لهم إلى العلم بما يستحقه الحق أن يضاف إليه ، وما يستحقه الخلق أن يضاف إليهم ، وقدر اللّه لا يقدر مفصلا ، لأن الزيادة من العلم باللّه لا تنقطع دنيا ولا آخرة ، فالأمر في ذلك غير متناه «وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ» فيما كيّف به نفسه مما ذكره في كتابه وعلى لسان رسوله من صفاته ، وقدر الأمر موازنته لمقداره ، وهذا لا يعلم من الأمر حتى يكون له ما يعادله في ذاته ، فيكون ذلك المعادل مقدارا له لأنه يزنه ، وقد جعل اللّه لنفسه قدرا لكنه مجهول عند أصحاب هذا الضمير ، ولا يعرف قدر الحق إلا من عرف الإنسان الكامل الذي خلقه اللّه على صورته ، وهي الخلافة ، ثم وصف الحق نفسه في الصورة الظاهرة باليدين والرجلين والأعين ، وشبه ذلك مما وردت به الأخبار مما يقتضيه الدليل العقلي من تنزيه حكم الظاهر من ذلك في المحدثات عن جناب اللّه ، فحق قدره إضافة ما أضافه إلى نفسه مما ينكر الدليل إضافته إليه تعالى ، إذ لو انفرد دون الشرع لم يضف شيئا من ذلك إليه ، فمن أضاف مثل هذا إليه ، عقلا فذلك هو الذي ما قدر اللّه حق قدره ، وما قال أخطأ المضيف ، ومن أضافه شرعا وشهودا ، وكان على بينة من ربه ، فذلك الذي قدر اللّه حق قدره . فالإنسان الكامل الذي هو الخليفة قدر الحق ظاهرا وباطنا ، صورة ومنزلة ومعنى لأنه على صورة الحق ، والعالم قدر الحق وجودا ، وأما في الثبوت فهو أظهر لحكم الأزل الذي هو للممكنات في ثبوتها لأن الإمكان للممكن نعت ذاتي نفسي ، وما ظفر بالأمر

على ما هو عليه إلا من جمع بين التشبيه والتنزيه ، فقال بالتنزيه من وجه عقلا وشرعا ، وقال بالتشبيه من وجه شرعا لا عقلا ، والشهود يقضي بما جاءت به الرسل إلى أممها في اللّه ، وأما في سياق الآية فقوله تعالى : «وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ»

[ حكمة : قدرك عند اللّه موازن لقدره عندك ]

مع إقرارهم أن التوراة نزلت على موسى عليه السلام من عند اللّه ، فكذبوا على اللّه ، فاسودت وجوههم أي ذواتهم ، فلا نور لهم يكشفون به الأشياء ، بل هم عمي لا يبصرون ، لذلك قال تعالى : «قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ ، تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً ، وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ ، قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ» ما أمرنا اللّه إلا أن نقول «الله» ثم أمرنا أن نتركهم في خوضهم يلعبون ، فإنه لما جهل قدره ، عصي نهيه وأمره - حكمة - كل من أنزلته منزلته فقد قدرته حق قدره ، وما بعد ذلك مرمى لرام ، وقدرك عند اللّه موازن لقدره عندك ، وأنت أعرف بنفسك مع ربك .


المراجع:

(91) الفتوحات ج 1 / 466 - ج 3 / 535 ، 317 - ج 4 / 407 ، 132 - ج 3 / 535 - ج 4 / 142 ، 350 ، 435 ، 400

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!