موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة البقرة (2)

 

 


الآيات: 66-67 من سورة البقرة

فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (66) وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُو تَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (67)

المناسبة بين البقر والإنسان قوية عظيمة السلطان ، وكما أن البقر برزخ بين الإبل والغنم

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:

والتهديد لمن ترك العمل بما فيه ، فيكون وقوفكم عليه وقراءتكم له محرضا وتقوية على العمل به ، ويؤيد هذا قوله «وَاذْكُرُوا ما فِيهِ» ثم جاء بلفظة «اذْكُرُوا ما فِيهِ» مما تقدم من أخذ المواثيق في ذلكم عليكم ، ومما يتضمنه من نعم اللّه عليكم ، إذ أوجدكم واصطفاكم بما ذكره فيه زائدا على ما فيه مما شرع لكم «لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» يقول لهم الرسول بأمر اللّه «لَعَلَّكُمْ» فيكون الترجي من الرسول أن تتقوا أو منهم أن يكونوا من المتقين ، وقد ذكرنا تفسير «لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» والمتقي من هو في أول السورة ، ثم قال تعالى (65) «ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ» أي أعرضتم لما رفعنا عنكم ما ظننتم أنه واقع بكم ، وهو الجبل .

وإليه الإشارة «بذلك» وهو قوله تعالى (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ) «فَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ» بكم حيث لم يعاقبكم بسقوط الجبل عليكم فتموتون ناكثين ، فتكونون من الذين لم تربح تجارته وكنتم خاسرين «لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ» قال لهم ذلك ليرجعوا عن توليهم وإعراضهم ونكثهم ، فإن احتجوا بالفاء في قوله «فَلَوْ لا» أنها للتعقيب ، قلنا : كذا وردت ، فإنه سبحانه لما رفع الجبل على رؤوسهم ، لولا فضله ورحمته أسقطه عليهم ، ولم ينتظر بهم أن يأخذوا الكتاب ، لا أنهم بعد التولي الثاني تفضل عليهم بالتوبة ، ثم قال تعالى (66) «وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ» خطابا لبني إسرائيل «الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ» بعّضهم ، أي جاوزوا ما حد لهم أن يفعلوه ويتركوه «فِي» يوم «السَّبْتِ» من ترك الصيد فيه والمثابرة على طاعته ، وهم الذين تولوا ونكثوا ، وما ذكر أنه تاب عليهم ، ثم قال «فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا» هو قوله (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) وقال عليه السلام وهو في غزوة تبوك وقد أبصر شخصا مقبلا على بعد وهو في أصحابه : كن أبا ذر ، فكان أبو ذر ، فكان ، والكون حرف وجودي عند الجماعة ، وعندنا حرف ثبوتي ، فإنه يتوجه على الإيجاد والإعدام ، والعدم يثبت للمعدوم ولا يكون له ، وهذه مسئلة عظيمة القدر ، فإنه ليس في قوتهم أن يكوّنوا أنفسهم «قِرَدَةً» وإنما اللّه يكونهم أي يقلب صورهم قردة ، والحقائق لا تتبدل ، فمن المخاطب بأن يرجع قردا ؟ فقد يصح هنا قول من يقول إن الجواهر متماثلة والصور أعراض فيها ، فسلخ اللّه

في الحيوان المذكى ، فالإنسان برزخ بين الملك والحيوان ، ثم إن البقرة التي ظهر الإحياء بموتها والضرب بها برزخية أيضا في سنها ولونها ، فهي لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك ، فهذا مقام برزخي ، وهي لا بيضاء ولا سوداء بل صفراء ، والصفرة لون برزخي بين البياض والسواد ، فقويت المناسبة بين البقر والنفوس الإنسانية «قالُو تَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ» لأن الجهل صفة مذمومة منهي عنها بقوله تعالى : «فلا تك من الجاهلين» مستعاذ باللّه منه .

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:

الصورة الإنسانية من الجوهر وكساه صورة القرد ، فإن الحرارة لا ترجع برودة ، لكن الحار بقبوله للحرارة إذا زالت عنه زال عنه اسم الحار وقبل البرودة ، فصح عليه اسم البارد ، وما ثبت عندنا من طريق صحيحة أن ظواهرهم رجعت في صورة القردة ، والقدرة صالحة ، فقد يحتمل أن يكون مسخ بواطنهم قردة مع بقاء الصورة الإنسانية ، ويحتمل أن يكون مسخ ظواهرهم قردة مع بقاء علمهم بأنهم ذلك ، ليذوقوا العذاب ، فيكون قردا في الظاهر إنسانا في الباطن ، واللّه على كل شيء قدير ، وما يقع التوقف إلا من عدم صحة النقل لا من حيث الإمكان ، وقوله «خاسِئِينَ» أي مبعودين مطرودين من رحمة اللّه ، ، وقوله (67) «فَجَعَلْناها» يعني هذه الكائنة «نَكالًا» قيدا وحدا يوقف عنده إذ كان النكل القيد يقف عنده الماضي والآتي معتبرا ، وقد يكون قيدا أي ثباتا للممسوخين على هذه الصورة «ل» لأجل «مابَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها وَ» جعلناها «مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ» للذين يخافون مثل هذه الأشياء ، وقد يكون نكالا من النكول وهو العدول ، عدل بهم عن رحمة اللّه لما عدلوا عن طاعته والوفاء بعهده وميثاقه ، وجعلناها بمعنى صيّرناها في عينها للحاضرين الذين يشاهدونها ، وفي الذكر بالخبر عنها لمن يأتي بعدهم ، وذلك أن اللّه لما خلق الإنسان خلقه مستقبلا الآخرة ، فهو يطلبها في سيره ، ومدة ذلك عمره ، وأول منزل يلقاه منها القبر ، وأول حالة تدركه منها الموت ، والساعة أيضا تستقبله ولذا سميت ساعة أي تسعى إليه ، فعند الموت يكون اللقاء بين الإنسان والقيامة ، قال عليه السلام (من مات فقد قامت قيامته) ولا يزال في منازلها يتقلب ويقطعها إلى يوم البعث ، ثم يقطع منازل ذلك اليوم إلى أن يصل إلى الجنة أو إلى النار ، فلهذا ثبت له الأمام لما يستقبله ، والخلف لما يأتي بعده (68) «وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً» القصة : كان سبب هذا أن رجلا قتل عمه وجعله في أرض قوم ليأخذ ديته ، ثم استعدى على أهل تلك الأرض ، وتدافعوا معه بالخصومة فارتفعوا إلى موسى عليه السلام وسألوه أن يبين لهم عن الأمر ، فسأل ربه ، فأمره أن يأمرهم أن يذبحوا بقرة ، فيضرب الميت ببعضها ، فيحييه اللّه ، ليريهم كيف يحيي اللّه الموتى ، ولتبرأ ذمة البريء مما نسب إليه من ذلك ،


المراجع:

(67) الفتوحات ج 1 / 596 ، 728

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!