The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الأنعام (6)

 

 


الآية: 122 من سورة الأنعام

وَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (122)

110

هذا ضرب مثل في الكفر والإيمان ، والعلم والجهل ، فالجهل موت والعلم حياة لذلك قال تعالى : «وَمَنْ كانَ مَيْتاً» أراد بالموت الجهل «فَأَحْيَيْناهُ» بالعلم وهي الحياة العلمية التي تحيى بها القلوب فحياة العلم يقابلها موت الجهل ، وبالنور يقع حصوله كما بالظلمة يكون الجهل «كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ» وهي الضلال «لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها» أي لا يهتدي أبدا .

واعلم أن الموت عبارة عن مفارقة الروح الجسد الذي كانت به حياته الحسية ، وهو طارئ عليها بعد ما كانا موصوفين بالاجتماع الذي هو علة الحياة ، فكذلك موت النفس بعدم العلم ، فان قلت إن العلم بالله طارئ الذي هو حياة النفوس ، والجهل ثابت لها قبل وجود العلم ، فكيف يوصف الجاهل بالموت وما تقدمه علم ؟

قلنا إن العلم باللّه سبق إلى نفس كل إنسان في الأخذ الميثاقي حين أشهدهم على أنفسهم ، فلما عمرت الأنفس الأجسام الطبيعية في الدنيا فارقها العلم بتوحيد اللّه ، فبقيت النفوس ميتة بالجهل بتوحيد اللّه ، ثم بعد ذلك أحيا اللّه بعض النفوس بالعلم بتوحيد اللّه ، وأحياها كلها ، بالعلم بوجود اللّه ، إذ كان من ضرورة العقل العلم بوجود اللّه ، فلهذا سميناه ميتا ،

فقال تعالى : «وَمَنْ كانَ مَيْتاً» يعني بما كان اللّه قد قبض منه روح العلم باللّه ، فقال تعالى في معرض الامتنان : «فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ» فرد إليه علمه فحيى به ، كما ترد الأرواح إلى أجسامها في الدار الآخرة يوم البعث «كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها» يريد مقابلة النور الذي يمشي به في الناس ، وما هو عين الحياة ، فالحياة الإقرار بالوجود ، أي بوجود اللّه لا بتوحيده ، ما تعرض للتوحيد في الإشهاد ،

ولهذا أردف اللّه في الآية حين قال : «فَأَحْيَيْناهُ» فلم يكتف حتى قال : «وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ» يريد العلم بتوحيد اللّه لا غيره ، فإنه العلم الذي يقع به الشرف له والسعادة ، وما عدا هذا لا يقوم مقامه في هذه المنزلة ، ونور العلم ينفر ظلمة الجهل . وقد يكون قوله تعالى : «وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً» به يشهد ، وهو نور الإيمان ، والكشف الذي أوحى اللّه به إليه ، أو امتن به عليه ، فليس مثله «كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ» وإن كان حيا - وجه آخر - «وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ» هو قوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ) ويعني بالنور المجعول هنا الشرع الموحى به (وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا) ولا حكم إلا للنور المجعول وهو الظاهر ، وهذا حكم نور الشرع على نور العقل من قوله تعالى : (نُورٌ عَلى نُورٍ) شعر :

فليس له سوى التسليم فيه *** وليس له سوى ما يصطفيه

فإن أوّلته لم تحظ منه *** بعلم في القيامة ترتضيه

فتحشر في ظلمة جهلك ، ما لك نور تمشي به ، ولا يسعى بين يديك . فترى أين تضع قدمك ، وإذا بلغ العبد مقام المحبة الإلهية كما قال : إذا أحب عبدا كان سمعه الذي يسمع به ، إلى أن قال ورجله التي يسعى بها ، فهو يمشي بهذا النور في الناس من حيث كون اللّه تسمى بالاسم النور (اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)

فهو نور ذاتي من قوله صلّى اللّه عليه وسلم : [ واجعلني كلي نورا ] فهو يمشي في الناس بربه وهم لا يشعرون ، ثم لنعلم أن الأنوار وإن اجتمعت في الإضاءة والتنفير ، فإن لها درجات في الفضيلة ، كما أن لها أعيانا محسوسة ، كنور الشمس والقمر والنجوم والسراج والنار والبرق ، وكل نور محسوس أو منور ، وأعيانا معقولة ، كنور العلم ونور الكشف ، وهذه أنوار البصائر والأبصار ، وهذه الأنوار المحسوسة والمعقولة ، على طبقات يفضل بعضها بعضا ، فنقول عالم وأعلم ، ومدرك وأدرك ، كما تقول في المحسوس نير وأنور ، أين نور الشمس من نور السراج ؟ .


المراجع:

(122) الفتوحات ج 1 / 350 ، 558 - ج 3 / 369 - ج 2 / 274 ، 342 - ج 3 / 100 - فصوص الحكم فص 25 - الفتوحات ج 2 / 618 - ج 4 / 312">312 - ج 2 / 618 - ج 1 / 312">312 - ج 3 / 100 - ج 2 / 342 - ج 4 / 312">312

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!