موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة البقرة (2)

 

 


الآية: 75 من سورة البقرة

أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75)

هذه الآية تدل على أن التوراة ما تغيرت في نفسها ، وإنما كتابة اليهود إياها وتلفظهم بها لحقه التغيير ، فنسب ذلك إلى كلام اللّه فقال : «ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ» أن كلام اللّه معقول عندهم ، وأبدوا في الترجمة عنه خلاف ما هو في صدورهم عندهم وفي مصحفهم المنزل عليهم ، فإنهم ما حرفوا إلا عند نسخهم من الأصل ، وأبقوا

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:

مع كثرة الآيات والنعم تكثر منهم المخالفات وسوء الأدب مع اللّه ، فعقوبة القاتل إخراج مكتومه بإحياء الميت ، وعقوبة قومه على قولهم (تَتَّخِذُنا هُزُواً) لمثل موسى عليه السلام ما ابتلوا به من السؤال عن البقرة حتى رزءوا في أموالهم بما وزنوه من ثمنها ، وأما قوله «وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ» وكل ما يقع منها مما ذكره «مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ» أي من رجائهم وخوفهم ، لأن الخشية تتضمن الرجاء والخوف ، فأما وصفها بتفجير الأنهار فهو كثرة بكائها ، والماء الخارج من التشقق للبكاء الذي لم يبلغ في الكثرة مبلغ الأنهار ، ومنها بكاء فرح وبكاء حزن ، فبكاء الحزن من خوف التفريط فيما كلفته من التسبيح ، كالمياه الكبريتية الحارة المالحة ، وبكاء الفرح والسرور بما وفقت له من ذكر اللّه كالمياه الباردة العذبة ، وما بينهما من أصناف المياه كما بينهن من الأحوال في امتزاجاتها ، من خلط الحزن بالسرور والفرح على حسب ما يغلب عليها ، والمياه شبيه الدموع ، وذكر ما هبط منها في مقابلة ما تكبروا به على أمر اللّه ، ثم هددهم وأوعدهم مجملا فقال «وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ» بالتاء والياء على الغيبة والحضور ، فالحضور له سبحانه ، والغيبة خطاب لموسى ولمن عرفهم بذلك ، ثم قال لمحمد عليه السلام وأمته (76) «فَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ» الآية ، هذه مسئلة مشكلة وليس لها مخرج إلا ما روي عن عيسى عليه السلام لما لقيه إبليس وكان غرضه أن يطيعه ولو في الدلالة على الخير ، فقال له (يا عيسى قل لا إله إلا اللّه) فقال عيسى عليه السلام (أقولها لا لقولك لا إله

الأصل على ما هو عليه ليبقى لهم العلم ولعلمائهم ، فما هو عند علمائهم محرف ، وهم يحرفونه لأتباعهم فأضلهم اللّه على علم ، فالتوراة مع اختصاصها بأن اللّه كتبها بيده لم يحفظها من التبديل والتحريف الذي حرفه اليهود . وحفظ كلام اللّه ، وعصمته إنما يعصم لأنه حكم ، والحكم معصوم ومحله العلماء به ، وتولى اللّه فينا حفظ ذكره واستحفظ كتابه غير هذه الأمة فحرفوه وهم يعلمون بمخالفتهم (راجع المائدة - 14) .

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:

إلا اللّه) وهؤلاء المنافقون قد قالوا آمنا بألسنتهم وهم يعلمون أنه رسول اللّه حقا ، لا يشكون فيه كما لا يشكون في أبنائهم ، وهم مصدقون بقلوبهم لأنهم لا ينكرون علمهم ، وأقروا بألسنتهم للمؤمنين إذا لقوهم ، فلم يبق سلب الإيمان عنهم إلا كونهم لم يقولوا : لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه ، لقوله صلى اللّه عليه وسلم ، قال تعالى (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) لا في قولهم ، فإنهم قالوا حقا ، ولا في بواطنهم ، فإنهم عالمون أنه رسول اللّه من كتابهم ، فلم يبق تكذيب اللّه لهم إلا أنهم أظهروا أنهم قالوها لقوله صلى اللّه عليه وسلم ، ولم يكن كذلك ، فهذا معنى قوله لنبيه عليه السلام وأصحابه «فَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ» فيكون سرهم وعلانيتهم أن قالوها لقولك سواء ، هذا لا يكون منهم ، بل يجرون على ما كان عليه بعض أسلافهم ، وهو قوله «وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ» فيحتمل إضافة سماع الكلام لهم وجهان ، الواحد أن يكون سماعهم من تلاوة موسى عليهم كتابهم ، مثل قوله تعالى (فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ) ويحتمل أنهم سمعوا كلام اللّه كما سمعه موسى حين كلمه ربه على الطور وقد ذكر ذلك ، ووقع الإشكال من قوله «ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ» ما ضبطوه ، فلو لم يذكر التحريف كان يتقوى أنهم سمعوا كلام اللّه حين كلم موسى ، وكان يتعين أنهم السبعون الذين اختارهم ، وقوله «ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ» يغيرونه إما بحذف بعض الكلام ليزول المعنى ، مثل قولهم [ ومن يبتغ الإسلام دينا ] فأزالوا غير ، وإما أن يزيدوا فيه كلاما حتى يتغير المعنى إلى ما يريدونه ، وقوله «وَهُمْ يَعْلَمُونَ» يحتمل أن يكون الضمير يعود على قوم موسى أنهم عالمون بما حرفوا ، ويحتمل أن يعود على يهود المدينة «وَهُمْ يَعْلَمُونَ» أنك رسول اللّه وأنك على الحق ، كما علم أسلافهم وغيّروا ، كذلك هؤلاء إذا فارقوكم يظهرون لإخوانهم أنهم بخلاف ما ظهروا لكم به من الإقرار والانقياد ، ثم قال تعالى (77) «وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا» كان المنافقون إذا لقوا الذين آمنوا «قالُوا آمَنَّا» أي صدقنا «وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ» كان المسلم إذا خلا بأحد من ذوي رحمه من المنافقين يقول له المسلم :إن رسول


المراجع:

(75) الفتوحات ج 3 / 351 - ج 1 / 45">145 - ج 2 / 4

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!