The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة التوبة (9)

 

 


الآيات: 4-6 من سورة التوبة

إِلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4) فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ (6)

نزل القرآن على قلب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أحدي العين ، فتلاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم بلسانه أصواتا وحروفا سمعها الأعرابي بسمع أذنه في حال ترجمته ، فالكلام للّه بلا شك والترجمة للمتكلم به ،

وأضاف الكلام إلى اللّه تعالى لا إلى نبيه صلّى اللّه عليه وسلم ، وجعله مسموعا للعربي المخاطب بحاسة سمعه ، فما أدركه إلا متقطعا متقدما متأخرا ومن لم ينسب ذلك الكلام المسمى قرآنا إلى اللّه فقد جحد ما أنزل اللّه ، فإن كلام اللّه في هذه الآية هو ما أنزله خاصة ،

وإنما سمي الكلام كلاما لما له من الأثر في النفس ، من الكلم الذي هو الجرح في الحس ،

وهذا الكلام هو النوع الثالث من كلام اللّه للبشر في قوله : (أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ) فقد يكون الرسول بشرا ، فأضاف الكلام إلى اللّه ، وما سمعته الصحابة ولا هذا الأعرابي إلا من لسان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم هو الذي تلا عليه القرآن ،

والقرآن كلام اللّه تعالى فناب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم مناب الحق هنا من الاسم الظاهر ، فكأن الحق ظهر في عالم الشهادة بصورة التالي كلامه ، فإن الأعرابي ما سمع إلا الأصوات والحروف من فم

النبي صلّى اللّه عليه وسلم ،

وقال اللّه : إن ذلك كلامي وأضافه إلى نفسه ، ومن وجه آخر كان الحجاب للأعرابي على كلام اللّه محمدا صلّى اللّه عليه وسلم . واعلم أن من المتشابه صفة الكلام ، ومنه نسبة الصوت والحرف إلى كلام اللّه سبحانه ، وقد وردت آيات وأحاديث توهم ذلك ،

وهي مسألة مهمة بعيدة الغور تزلزلت فيها أقدام المتكلمين ، ومذهب أهل الحق أن للّه تعالى كلاما قديما قائما بذاته واحدا في حقيقته ، مخالفا لصفة علمه وإرادته ، منزها عن الظروف المرتبة والأصوات المحدثة ، منزلا على نبيه مقروءا بالألسنة مكتوبا في المصاحف ، مسموعا لموسى صلّى اللّه عليه وسلم حقيقة ، ولمن يريد اللّه تعالى إسماعه ، غير مخلوق في الشجرة ، ولا قائم بالحوادث . وكلام اللّه سبحانه صفته ، وصفة القديم قديمة تتقدس عن الحدوث ، والحروف في إفادة الكلام يلزمها الترتيب وتقدم بعضها على بعض ،

وذلك مستحيل على القديم ، ولما كان الحق تعالى لصفاته مظهران علم أن لكلامه مظهرين ، مظهر علوي روحاني ، وهو روح القدس ، وكلمة العلي ، والحروف والأصوات من لوازم المظهرين ، وكلامه منزه عنها كتنزه القلب في كلامه عن الحروف اللسانية والأصوات الهوائية وإن كانت مظاهر له ، فقوله تعالى : (فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ)

أي بواسطة مظاهره الجسمانية ، وهي أصوات العباد وحروفهم ، وإطلاق كونه سامعا لكلام اللّه بذلك مجاز لما قدمناه أن المظاهر الجسمانية ليست منسوبة إلى اللّه تعالى لغة ، ولا شرعا ، وروي عن عائشة رضي اللّه عنها في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما ، أن الحارث بن هشام سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم كيف يأتيك الوحي ؟

قال : أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي ، فيفصم عني وقد وعيت عنه ، قال : وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول .

وهذا يحقق لك أن لكلام اللّه تعالى في الروحانيات مظهرين ، مظهر جلي يتشكل بالمظاهر الجسمانية وأصواتها وحروفها ، ومظهر آخر له حروف وأصوات خفي روحاني ، لأن الجرس في أصله هو الصوت الخفي ، والصلصلة صوت اليابس الصلب إذا حرك ، ويصح نسبة المسموع حينئذ إلى اللّه تعالى بالتأويل الذي ذكرته لك ، وإفادة الشجرة لإسماع كلام اللّه تعالى إلى موسى عليه السلام ، كإفادة ألسنة القراء ، وكلاهما في ذلك بمثابة القلم في إفادة المكتوب ، وكما أن المكتوب لا يحل بالقلم ، ولا يكون صفة له ، ولا ينتقل به عمن هو صفته ، كذلك الكلام المسموع لا يحل بالألسنة ولا بالمصاحف ولا بالأقلام ، ولا يكون صفة للقارئ ولا ينتقل بالقراءة

والكتابة عن موصوفه تبارك وتعالى . واعلم أن من مقام هذه الآية قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم :

إذا قال الإمام سمع اللّه لمن حمده ، فقولوا : ربنا ولك الحمد ، فإن اللّه قال على لسان عبده سمع اللّه لمن حمده . واعلم أن من سمع كلام اللّه من اللّه استفاد ، ومن سمعه من المحدث ربما عاند وربما قبل بحسب ما يوفق له .

-إشارة -لا تقل نحن إياه ، لقوله فأجره حتى يسمع كلام اللّه ، أنت الترجمان ، والمتكلم الرحمن ، تقيد كلام اللّه بالأمكنة ، بكونه في المصاحف والألسنة . الحروف ظروف ، والصفة عين الموصوف ، فإذا نطقت فاعلم بمن تنطق ، فعليك بالصدق .

- تحقيق -لما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم هو المتكلم بالقرآن ، فليس أحد من خلق اللّه يجوز أن يخبر عن نفسه ولا عن غيره ، وإنما إخبار الجميع عن اللّه ، فإنه سبحانه هو الذي يخلق فيهم بكن ما يخبرون به ، فالعارف يقبل كل كلام ، وينزله في المنزلة التي عينها اللّه على لسان الشرع .


المراجع:

(6) الفتوحات ج 3 / 4">108 - ج 1 / 666 - ج 3 / 283 ، 301 - ج 4 / 455">431 - ج 2 / 375 - ج 1 / 395 ، 644 - ج 2 / 40">77 - ج 4 / 426">402 ، 346 - ج 3 / 4

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!