موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة التوبة (9)

 

 


الآيات: 101-102 من سورة التوبة

وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ (101) وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102)

اعلم أن الشرط المصحح لقبول جميع الفرائض فرض الإيمان ، فما من مؤمن يرتكب معصية ظاهرة أو باطنة إلا وله فيها قربة إلى اللّه ، من حيث إيمانه بها بأنها معصية ، فلا يخلص لمؤمن عمل سيئ دون أن يخالطه عمل صالح ، ولا تخلص له معصية غير مشوبة بطاعة أصلا ، وهي طاعة الإيمان بكونها معصية ، فيؤجر على الإيمان بها أنها معصية ، فهو في مخالفته طائع عاص ،

[ «وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً» ]

قال تعالى : «وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً» فهذا معنى المخالطة فالعمل الصالح هنا الإيمان بالعمل الآخر السيّئ أنه سيّئ . واعلم أنه من المحال أن يأتي مؤمن بمعصية توعد اللّه عليها فيفزع منها ، إلا ويجد في نفسه الندم على ما وقع منه ، وقد قال صلّى اللّه عليه وسلم ، الندم توبة ، وقد قام به الندم فهو تائب فسقط حكم الوعيد ، على عكس قول المعتزلي القائل بإنفاذ الوعيد فيمن مات عن غير توبة ، لحصول الندم فإنه لا بد للمؤمن أن يكره المخالفة ولا يرضى بها ، وهو في حال عمله إياها ، فهو من كونه كارها لها مؤمن بأنها معصية ذو عمل صالح ، وهو من كونه فاعلا لها ذو عمل سيّئ ، فغايته أن يكون من الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا فقال تعالى عقيب هذا القول : «عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ» وهو سبحانه يعلم ما يجريه في عباده ومع هذا جاء بلفظ الترجي ، وقال العلماء :

إن عسى من اللّه واجبة فإنه لا مانع له والتوبة الرجوع فمعناه أن يرجع عليهم بالرحمة وبالمغفرة ، وتبديل السيئات والقبول ، فيغفر لهم تلك المعصية بالإيمان الذي خلطها به ، فإنه وقع الترجي للعبد من اللّه في القبول ، ويرزقهم الندم عليها ، والندم توبة ، فإذا ندموا حصلت توبة اللّه عليهم ، فالمؤمن هنا ذو عمل صالح من ثلاثة أوجه ، الإيمان بكونها معصية ، وكراهته لوقوعها منه ، والندم عليها ، وهو ذو عمل سيّئ من وجه واحد ، وهو ارتكابه إياها ، ومع هذا الندم فإن الرهبة تحكم عليه ، سواء كان عالما بما قلناه أو غير عالم ، فإنه يخاف وقوع مكروه آخر منه ، ولو مات على تلك الرهبة فإن الرهبة لا تفارقه ، وينتقل تعلقها من نفوذ الوعيد إلى العتاب الإلهي والتقرير عند السؤال على ما وقع منه . واعلم أن متعلق عسى هنا رجوعه عليهم بالرحمة ، لا رجوعهم إليه ، فإنه ما ذكر لهم توبة ، وما ذكر لهم قربة ، فما تاب هنا في هذه الآية عليهم ليتوبوا كما قال في موضع آخر : «ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ

لِيَتُوبُو» وإنما هو رجوع بالعفو والتجاوز ، فجاء هنا بحكم آخر ما فيه ذكر توبتهم ، بل فيه توبة اللّه تعالى عليهم فإنه تعالى تمم الآية بقوله : «إن الله غفور رحيم» . فمن هذه الآية نعلم أن الإيمان أصل ، والعمل فرع لهذا الأصل بلا شك ، ولهذا لا يخلص للمؤمن معصية أصلا من غير أن يخالطها طاعة ، فالمخلط هو المؤمن العاصي ، فإن المؤمن إذا عصى في أمر ما ، فهو مؤمن بأن ذلك معصية ، والإيمان واجب فقد أدى واجبا ، فالمؤمن مأجور في عين عصيانه والإيمان أقوى .


المراجع:

(102) الفتوحات ج 2 / 559 - ج 3 / 208 - ج 1 / 336">336 - ج 4 / 476 - ج 2 / 533 - ج 1 / 634 ، 336">336 - ج 4 / 476 - ج 1 / 598">598 - ج 2 / 533 - ج 1 / 598">598 - ج 4 / 476 - ج 2 / 559 - ج 1 / 336">336 ، 553

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!