The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة يونس (10)

 

 


الآية: 92 من سورة يونس

فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ (92)

[ كان حكم آل فرعون في نفس الأمر خلاف حكم فرعون في نفسه ]

كان حكم آل فرعون في نفس الأمر خلاف حكم فرعون في نفسه ، فإنه علم صدق موسى عليه السلام ، وعلم حكم اللّه في ظاهره بما صدر منه ، وحكم اللّه في باطنه بما كان يعتقده من صدق موسى فيما دعاهم إليه ، وكان ظهور إيمانه المقرر في باطنه عند اللّه مخصوصا بزمان مؤقت ، لا يكون إلا فيه ، وبحالة خاصة ، فظهر بالإيمان لما جاء زمانه وحاله ، فغرق قومه آية ، ونجاة فرعون ببدنه دون قومه عند ظهور إيمانه آية ، فمن رحمة اللّه بعباده أن قال «فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ»

يعني دون قومك" لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً "

أي علامة لمن آمن باللّه أي ينجيه اللّه ببدنه أي بظاهره ، فإن باطنه لم يزل محفوظا بالنجاة من الشرك ، لأن العلم أقوى الموانع ، فسوّى اللّه في الغرق بينهم ، وتفرقا في الحكم ، فجعلهم سلفا ومثلا للآخرين ، يعني الأمم الذين يأتون بعدهم ، وخص فرعون بأن تكون نجاته آية لمن رجع إلى اللّه بالنجاة ، فإن الحق خاطب فرعون بلسان العتب وأسمعه

(آلْآنَ» أظهرت ما قد كنت تعلمه (وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)

فهي كلمة بشرى لفرعون عرفنا الحق بها لنرجو رحمته مع إسرافنا وإجرامنا ، ثم قال :" فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ " فبشره قبل قبض روحه «بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً»

يعني لتكون النجاة لمن يأتي بعدك «آيَةً» علامة ،

إذا قال ما قلته تكون له النجاة مثل ما كانت لك ، وما في الآية أن بأس الآخرة لا يرتفع ولا أن إيمانه لم يقبل ، وإنما في الآية أن بأس الدنيا لا يرتفع عمن نزل به إذا آمن في حال رؤيته إلا قوم يونس ،

فقوله : «فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ» إذ العذاب لا يتعلق إلا بظاهرك ، وقد أريت الخلق نجاته من العذاب ، فكان

ابتداء الغرق عذابا ، فصار الموت فيه شهادة خالصة بريئة لم تتخللها معصية ، فقبضت على أفضل عمل ، وهو التلفظ بالإيمان ، كل ذلك حتى لا يقنط أحد من رحمة اللّه ، والأعمال بالخواتيم ، فلم يزل الإيمان باللّه يجول في باطن فرعون ، وجاء طوعا في إيمانه ، وما عاش بعد ذلك ، فقبض فرعون ولم يؤخر في أجله في حال إيمانه ، لئلا يرجع إلى ما كان عليه من الدعوى ، ثم قوله تعالى في تتميم قصته هذه «وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ» وقد أظهرت نجاتك آية أي علامة على حصول النجاة ، فغفل أكثر الناس عن هذه الآية وقضوا على المؤمن بالشقاء ، وأما قوله تعالى : (فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ) فما فيه نص أنه يدخلها معهم ،

بل قال اللّه : (أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ) ولم يقل (أدخلوا فرعون وآله) ورحمة اللّه أوسع من حيث أن لا يقبل إيمان المضطر ، وأي اضطرار أعظم من اضطرار فرعون في حال الغرق ، واللّه يقول : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ)

فقرن للمضطر إذا دعاه الإجابة وكشف السوء عنه ، وهذا آمن للّه خالصا ، وما دعاه في البقاء في الحياة الدنيا خوفا من العوارض ، أو يحال بينه وبين هذا الإخلاص الذي جاءه في هذه الحال ، فرجح جانب لقاء اللّه على البقاء بالتلفظ بالإيمان ، وجعل ذلك الغرق (نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى) فلم يكن عذابه أكثر من غم الماء الأجاج ، وقبضه على أحسن صفة هذا ما يعطي ظاهر اللفظ ، وهذا معنى قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى) يعني في أخذه نكال الآخرة والأولى ، وقدم ذكر الآخرة وأخر الأولى ليعلم أن العذاب - أعني عذاب الغرق - هو نكال الآخرة ، فلذلك قدمها في الذكر على الأولى ، وهذا هو الفضل العظيم .


المراجع:

(92) الفتوحات ج 3 / 164 - ج 2 / 276

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!