موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة هود (11)

 

 


الآية: 7 من سورة هود

وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (7)

[ «وَكانَ عَرْشُهُ» ]

قال تعالى : «وَكانَ عَرْشُهُ» هذا العرش عرش الهوية ، فإنه تعالى أضافه إلى الهوية وهو عرش الحياة ، فأظهر الحياة فيكم ، ففلك الحياة اسم الأسماء ومقدمها وبه كانت «عَلَى الْماءِ» - الوجه الأول - على هنا بمعنى في ، أي : كان العرش في الماء كما أن الإنسان في الماء أي منه تكون ، فإن الماء أصل الموجودات كلها ، وهو عرش الحياة الإلهية ، ومن الماء خلق اللّه كل شيء حي ، وكل ما سوى اللّه حي ، فإن كل ما سوى اللّه مسبح بحمد اللّه ، ولا يكون التسبيح إلا من حي ، فالعرش هنا عبارة عن الملك ، وكان حرف وجودي فمعناه أن الملك موجود في الماء ، أي الماء أصل ظهور عينه ، فهو للملك كالهيولى ظهر فيه صور العالم الذي هو ملك اللّه - الوجه الثاني - كان أول اسم كتبه القلم الأسمى في اللوح المحفوظ المصون دون غيره من الأسماء إني أريد أن أخلق من أجلك يا محمد العالم الذي هو ملكك ،

فأخلق جوهرة الماء ، فخلقتها دون حجاب العزة الأحمى ، وأنا على ما كنت عليه ولا شيء معي في عما ، فخلق الماء سبحانه بردة جامدة كالجوهرة في الاستدارة والبياض ، وأودع فيها بالقوة ذوات الأجسام وذوات الأعراض ، ثم خلق العرش واستوى عليه اسمه الرحمن ، ونصب الكرسي وتدلت إليه القدمان ، فنظر بعين الجلال إلى تلك الجوهرة فذابت حياء وتحلّلت أجزاؤها فسالت ماء ، وكان عرشه على ذلك الماء ، قبل وجود الأرض والسماء ، وليس في الوجود إذ ذاك إلا حقائق المستوى عليه والمستوي والاستواء ، فأرسل النفس فتموج الماء من زعزعه وأزبد ، وصوّت بحمد الحمد المحمود الحق عندما ضرب بساحل العرش ، فاهتز الساق وقال له : أنا أحمد ، فخجل الماء ورجع القهقرى يريد ثبجه ، وترك زبده بالساحل الذي أنتجه ، فهو مخضة ذلك الماء ، الحاوي على أكثر الأشياء ، فأنشأ سبحانه من ذلك الزبد الأرض ، مستديرة النشء مدحية الطول والعرض ، ثم أنشأ الدخان من نار احتكاك الأرض عند فتقها ، ففتق فيه السماوات العلى ، وجعلها محلّ الأنوار ومنازل الملأ الأعلى ، وقابل بنجومها المزينة لها النيرات ، ما زيّن به الأرض من أزهار ونبات «لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا» لما كان العرش على الماء قبل الحياة بذاته فإن اللّه تعالى جعل من الماء كل شيء حي ، ولما كان الماء أصل الحياة وكل شيء حي ، قرن بين العرش المجعول على الماء وبين خلقه الموت والحياة في الابتلاء ، فقال : «وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ» أي يختبركم ، وقال : (خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ) فالحياة للأعيان ، والموت للنسب ، فظهور الروح للجسم حياة ذلك الجسم ، وغيبة الروح عن الجسم زوال الحياة من ذلك الجسم ، وهو الموت ، والابتلاء فتنة . فإبليس ما له نظر إلا في الأوضاع الإلهية الحقيقية ، فيقيم في الخيال أمثلتها ليقال : هي عينها فيغتر بها من نظر إليها ، وما ثمّ شيء كما فعل بابن صياد حيث وضع إبليس عرشه على الماء ، لما علم أن العرش الرحماني على الماء ، يلبّس بذلك على الناس أنه اللّه ،

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لابن صياد : [ ما ترى ؟ قال : أرى عرشا على البحر فقال : ذلك عرش إبليس ]

فإن اللّه قد أعطى إبليس السلطنة على خيال الإنسان ، فيخيل إليه ما يشاء ، فإذا وضع عرشه على الماء ، بعث سراياه شرقا وغربا وجنوبا وشمالا إلى قلوب بني آدم ، إلى الكافر ليثبت على كفره وإلى المؤمن ليرجع عن إيمانه ، وأدناهم من إبليس منزلة أعظمهم فتنة ، فنعوذ باللّه من الخذلان فقوله تعالى :" لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلً "

بالتكليف ، وجعل الحق الاختبار تمحيص عباده ، فكان ابتلاء مدرجا في نعمة ، أو نعمة مدرجة في ابتلاء ، مثل خلق الحياة والموت ، فأحسن المؤمنون فربحوا ، ولم يحسن الكفار فخسروا .

[ - إشارة - بالماء حياة الأحياء ]

- إشارة - بالماء حياة الأحياء ، لما فيه من سرّ الإحياء ، جعل اللّه من الماء كل شيء حي فكان عرشه على الماء ، قبل الاستواء ، ثم استوى عليه ، وأضاف ما أحاط به إليه ، فهو بكل شيء محيط من مركب وبسيط ، وعلم وجيز وبسيط ووسيط ، استوى عليه اسم الرحمن ، وعمّ حكمه الإنس والجان «وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ» .


المراجع:

(7) كتاب عقلة المستوفز - الفتوحات ج 3 / 65 - ج 1 / 4 - ج 2 / 436 - ج 3 / 65 - ج 4 / 493 - كتاب الأعلاق - إيجاز البيان - الفتوحات ج 1 / 259 - ج 4 / 356

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!