The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة هود (11)

 

 


الآيات: 47-54 من سورة هود

قالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ (47) قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ (48) تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49) وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ (50) يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي فَلا تَعْقِلُونَ (51)

وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52) قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (53) إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54)

قال ذلك هود عليه السلام لقومه المكذبين به وبرسالته ، فأشهد عليه السلام قومه مع كونهم مكذبين به على نفسه بالبراءة من الشرك باللّه والإقرار بأحديته ، لما علم عليه السلام أن اللّه سبحانه سيوقف عباده بين يديه ويسألهم عما هو عالم به ، لإقامة الحجة لهم أو عليهم ، حتى يؤدي كل شاهد شهادته ، فقال عليه السلام «وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ» فسأل هود عليه السلام قومه الشهادة مع شركهم لعلمه بأنهم لا بد أن يسألهم اللّه عنه .

[سورة هود (11) : الآيات 55 إلى 56]

مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)

فأتى بالصراط نكرة لأنه على كل صراط شهيد ، وجاء في فاتحة الكتاب في (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) بالتعريف لأنه صراط مخصوص ، وهو المؤدي إلى السعادة ، ومع هذا فإن هذا القول من الكلام القديم ، والقرآن الحكيم ، جاء به الرؤوف الرحيم ، الخبير بما هناك العليم ، فمع الحق مشى من مشى ، وما تشاءون إلا أن يشاء ، فالسعادة كاملة ، والرحمة شاملة ، فإن أهل الاستقامة في الاستقامة هم أهل السلامة في القيامة ، وأما الماشي في الاستقامة بغير استقامة ، فهو المنحاز عن دار الكرامة ، وكما أنه سبحانه في قبلة المصلي ، فهو تعالى من ورائه محيط فهو السائق والهادي ، فهو سبحانه الذي نواصي الكل بيده الهادي إلى صراط مستقيم ، والذي يسوق المجرمين إلى جهنم وردا ، وإليه يرجع الأمر كله ، وإن كان الصراط المستقيم الذي عليه الرب الكريم يتضمن الخير والشر ، والنفع والضر ، والفاجر والبر ،

[ إن ربي على صراط مستقيم ] «ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ» وهو البر الرحيم ،

فلا ينفع الاحتجاج بما سبق وإن كان حقا ، فهي حجة لا تنفع قائلها ولا تعصم حاملها لما يؤدي إليه من درس الطريق الأمم ، الذي أجمع على صحته الأمم «ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها» دخل في حكم هذه الآية جميع ما دبّ علوا وسفلا دخول ذلة وعبودية ، لأنها أعطته بحقيقتها وقبولها التمكن من الأخذ بناصيتها إذلالا ، لأنها عبد ، وكل من أخذ بناصيته فإنه ذليل ، والكل عبيد اللّه تعالى ، فالكل أذلاء بالذات ، وهو العزيز الحكيم ، وإنما جعل يده بناصيتك ابتغاء عافيتك ، فأثبت أمرا هو عليه ، وما سواه ، فانظر من يصل إليه ، وهذا من كرمه وسابقة قدمه ، فما ثمّ إلا مستقيم وعلى منهج قويم ، لأنه بيد الكريم ، وتدل هذه الآية على أنه ما ثمّ إلا من الحق آخذ بناصيته ، ولا يمكن إزالة ناصيته من يد سيده ، ونكّر لفظ دابة فعمّ ، فهو مسلوك به ، سالك بحكم الجبر ، هكذا قال هود عليه السلام ، فلهذا كان المآل إلى الرحمة وإذا أدركه في الطريق النصب ، فتلك أعراض عرضت له ، فإنه أخبر بأنه تعالى على صراط مستقيم ، فما ثمّ إلا من هو مستقيم على صراط الرب ، فهذه الآية دليل لمن قال بالجبر ، ويحتمل أن يكون قوله عليه السلام «إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ» فيما شرع ، مع كونه تعالى آخذ بنواصي عباده إلى ما أراد وقوعه منهم وعقوبته إياهم مع هذا الجبر ، فاجعل بالك ، وتأدب واسلك سواء السبيل ، فهذه آية بشرى لنا ، فما في العالم إلا مستقيم لأن الآخذ بناصيته هو الماشي به ، وهو على صراط مستقيم ، فكل حركة وسكون في الوجود فهي إلهية ، لأنها بيد حق ، وصادرة عن حق موصوف بأنه على صراط مستقيم بإخبار الصادق ، فإن الرسل لا تقول على اللّه إلا ما تعلمه منه ، فهم أعلم الخلق باللّه ، وليس للكون معذرة أقوى من هذه ، فمن رحمة الرسل بالخلق تنبيه الخلق على مثل هذا ، فإن اللّه أخبر عن نبيه ورسوله هود عليه السلام قوله هذا ، وما خطّأ هذا الرسول في هذا القول ، ومعلوم أن تصرف كل دابة قد يتعلق به لسان حمد أو ذم لأمور عرضية في الطريق ، عينتها الأحوال وأحكام الأسماء ، والأصل محفوظ في نفس الأمر ، تشهده الرسل عليهم السلام والخاصة من عباد اللّه ، ومع هذا التحقيق فإن قوله «إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ» من حيث ما يقود الماشي عليه إلى سعادته ، وعلى هذا الصراط كل دابة عموما ما عدا الإنس والجن ، فإنه ما دخل من الثقلين إلا الصالحون منهم خاصة ، ولو دخل جميع الثقلين لكان جميعهم على طريق مستقيم - نصيحة - لا تجعل زمامك إلا بيد ربك ، فإن له كما قال يدين كما

أنه قد أخبرك أن يده بناصيتك اضطرارا ، فاجعل زمامك بيده اختيارا فتجن ثمرة الاختيار والاضطرار بجمعك بين اليدين ، واعلم أن العباد في قبضة الحق ، قال تعالى : «ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها» لما هي مصرفة فيه ، فالكل في قبضته من قضائه في قضائه ، ومع ذلك عليك بأمر الحق فاتبعه ، ولا تغتر بكونك لا ترى شيئا إلا تحت تصريفه وحكم إرادته ، هذا لا ينجيك والأخذ بأمر الحق ينجيك ، لكن انظر ذلك عقدا وتصرّف بالأمر .


المراجع:

(54) الفتوحات ج 3 / 36 - ج 2 / 154

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!