The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة هود (11)

 

 


الآيات: 82-86 من سورة هود

فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83) وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84) وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85) بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (86)

الأصل أن اللّه خلق لنا ما في الأرض جميعا ، ثم حجّر وأبقى ، فما أبقاه سماه بقية اللّه ، وما حجر سماه حراما ، أي المكلّف ممنوع من التصرف فيه حالا أو زمانا أو مكانا مع التحجير ، فإن الأصل التوقف عن إطلاق الحكم فيه بشيء ، فإذا جاء حكم اللّه فيه ، كنا بحسب الحكم الإلهي الذي ورد به الشرع إلينا ، وليس مسمى رزق اللّه في حق المؤمنين إلا بقية اللّه ، وكل رزق في الكون من بقية اللّه ، وما بقي إلا أن يفرق بينهما ، وذلك أن جميع ما في العالم من الأموال ، لا يخلو إما أن يكون لها مالك معيّن أو لا يكون لها مالك ، فإن كان لها مالك معيّن ،

فهي من بقية اللّه لهذا الشخص ، وإن لم يكن لها مالك معيّن ، فهي لجميع المسلمين ، فمال زيد بقية اللّه لزيد ، لما حجّر اللّه عليه التصرف في مال عمرو بغير إذنه ، ومال عمرو بقية اللّه لعمرو لما حجر عليه التصرف في مال زيد بغير إذنه ، فبقية اللّه ، هو ما أحل لك تناوله من الشيء الذي يقوم به أودك ، لتقوم به في طاعة ربك ، وإنما سماه بقية لأنه بالأصالة خلق لك ما في الأرض جميعا ،

فكنت مطلق التصرف في ذلك تأخذ ما تريد وتترك ما تريد ، ثم في ثاني حال ، حجّر عليك بعض ما كان أطلق فيه تصرفك ، وأبقى لك من ذلك ما شاء أن يبقيه لك ، فذلك بقية اللّه" خَيْرٌ لَكُمْ "

وإنما جعلها خيرا لك ، لأنه علم من بعض عباده أن نفوسهم تعمى عن هذه البقية بما يعطيهم الأصل ، فيتصرفون بحكم الأصل

فقال لهم : البقية التي أبقى اللّه خير لكم «إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» أي مصدقين بأني خلقت لكم ما في الأرض جميعا ، فإن صدقتموني في هذا ، صدقتموني فيما أبقيت لكم من ذلكم ، وإن فصلتم بين الأمرين فآمنتم ببعض وكفرتم ببعض لم تكونوا مؤمنين ، فمن اعتنى به اللّه تعالى ، أوصل إليه من البقية لا من غيرها ، واعلم أن الرزق على نوعين في الميزان الموضوع في العالم لإقامة العدل وهو الشرع : النوع الأول يسمى حراما ، والنوع الآخر يسمى حلالا ، وهو بقية اللّه التي جاء نصها في القرآن «بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» فهذه هي التي بقيت للمؤمنين من قوله : «خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً» والإيمان لا يقع إلا بالشرع ، وجاء هذا القول في قصة شعيب عليه السلام صاحب الميزان والمكيال ، فرزق اللّه عند بعض العلماء جميع ما يقع به التغذي من حلال وحرام ،

فإن اللّه يقول : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها) وهو ظاهر لا نص ،

وقال : (فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ) (وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) *

[ الفرق بين رزق اللّه وبين الرزق ]

وقد نهانا عن التغذي بالحرام ، فلو كان رزق اللّه

في الحرام ما نهانا عنه ، فإذا ما هو الحرام رزق اللّه ؟ وإنما هو رزق ، ورزق اللّه هو الحلال ، وهو بقية اللّه التي أبقاها لنا بعد وقوع التحجير وتحريم بعض الأرزاق علينا ، ولتعلم من جهة الحقيقة أن الخطاب ليس متعلقه إلا فعل المكلف لا عين الشيء الممنوع التصرف فيه ، فالكل رزق اللّه ، والمتناول هو المحجور عليه لا المتناول بفتح الواو ، فإن الرزاق لا يعطيك إلا رزقك ، وما يعطي الرزاق لا يطعن فيه ، فلهذا علّق الذم بفعل المكلف لا بالعين التي حجّر عليه تناولها ، فإن المالك لها لم يحجر عليه تناولها والحرام لا يملك ، وهذه مسألة طال الخبط فيها بين العلماء ، وأما قوله (فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّباً) من العامل في الحال ؟ فظاهر الشرع يعطي أن العامل رزقكم ،

فإن من هنا في قوله (فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّباً) للتبيين لا للتبعيض ، فإنه لا فائدة للتبعيض ، فإن التبعيض محقق مدرك ببديهة العقل ، لأنه ليس في الوسع العادي أكل الرزق كله ، وإذا كانت للتبيين وهي متعلقة بكلوا ، فبيّن أن رزق اللّه هو الحلال الطيب ، فإن أكل ما حرّم عليه فما أكل رزق اللّه ، فتدبر وانظر ما به حياتك ، فذلك رزقك ولا بد ، ولا يصح فيه تحجير ، وسواء كان في ملك الغير أو لم يكن ، فإن المضطر لا حجر عليه ، وما عدا المضطر فما تناول الرزق لبقاء الحياة عليه ، وإنما تناوله للنعيم به ، وليس الرزق إلا ما تبقى به حياته عليه ، وهذا لا يمكن ردّه من أحد من علماء الشريعة ،

فإن اللّه يقول : (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) *بعد التحجير ،

وقال : (إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ)

وذلك هو الرزق الذي نحن بصدده ، وهو الذي يعطيه الرزاق .


المراجع:

(86) الفتوحات ج 3 / 335 - ج 4 / 114 - ج 2 / 463

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!