موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة يوسف (12)

 

 


الآية: 53 من سورة يوسف

وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53)

[ النفس ليست أمارة بالسوء من حيث ذاته ]

النفس ليست أمارة بالسوء من حيث ذاتها ، وإنما ينسب إليها ذلك من حيث أنها قابلة لإلهام الشيطان بالفجور ، ولجهلها بالحكم المشروع في ذلك ،

ثم إن قول اللّه تعالى : «إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ» ما هو حكم اللّه عليها بذلك ، وإنما اللّه حكى ما قالته امرأة العزيز في مجلس العزيز ، وهل أصابت في هذه الإضافة أو لم تصب هذا حكم آخر مسكوت عنه ، فهذا الإخبار عن النفس أنها أمارة بالسوء ما هو حكم اللّه عليها ، ولا من قول يوسف عليه السلام ، فبطل التمسك بهذه الآية لما دل عليه الظاهر ، والدليل إذا دخله الاحتمال سقط الاحتجاج به ،

والذي هو للنفس أنها لوامة نفسها إذا قبلت من الشيطان ما يأمرها به ، والنفس ما ينسب إليها ذم إلا بعد تصريفها آلاتها في المذموم ، وما لم يظهر الفعل على

الآلات لم يتعلق بها ذم ، والذي أجرأ النفوس على ارتكاب المحارم والدخول في المآثم هو كونها ليست على بصيرة من المؤاخذة ، فإن اللّه أدخلها في حكم المشيئة «إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي» إلا من عصم اللّه ، بخوف أو رجاء أو حياء ، أو عصمة في علم اللّه به خارجة عن هذه الثلاثة ، ولا خامس لهذه الأربعة المانعة من وقوع المخالفة والتعرض للعقوبة . واعلم أن النفس أشد الأعداء شكيمة وأقواهم عزيمة ، فجهادها هو الجهاد الأكبر ، فمن ثبت قدمه في هذا الزحف ، وتحقق بمعنى ذلك الحرف انتهض بأعضائه في الملكوت مليكا ، وكان له الملك جليسا ، غير أن هذه النفس العدوة الكافرة الأمارة بالسوء لها على الإنسان قوة كبيرة وسلطان عظيم ، بسيفين عظيمين ماضيين ، تقطع بهما رقاب صناديد الرجال وعظمائهم ، وهما شهوتا البطن والفرج ، اللتان قد تعبدتا جميع الخلائق وأسرتهم ، ومن عظمهما وكبير فعلهما حتى أفرد الإمام حجة الإسلام أبو حامد الغزالي رضي اللّه عنه كتابا سمّاه (كسر الشهوتين) في إحياء علوم الدين له ، وكذلك اعتنى بهما كبار العلماء رضي اللّه عنهم ، والذي يتوجه عليك في هذا الباب أن تبدأ بالحسام الواحد الذي هو البطن ، ثم يليه الفرج .

-استدراك وموعظة -لا ينبغي لواعظ أن يخرج في وعظه عن الكتاب والسنة ، ولا يدخل في هذه الطوام ، فينقل عن اليهود والنصارى والمفسرين الذين ينقلون في كتب تفاسيرهم ما لا يليق بجناب اللّه ولا بمنزلة رسل اللّه عليهم السلام ، فإن للّه ملائكة في الأرض سياحين فيها يتبعون مجالس الذكر ، فإذا وجدوا مجلس ذكر نادى بعضهم بعضا هلموا إلى بغيتكم ، وهم الملائكة الذين خلقهم اللّه من أنفاس بني آدم ، فينبغي للمذكر أن يراقب اللّه ويستحي منه ، ويكون عالما بما يورده ، وما ينبغي لجلال اللّه ويجتنب الطامات في وعظه ، فإن الملائكة يتأذون إذا سمعوا في الحق وفي المصطفين من عباده ما لا يليق ، وهم عالمون بالقصص ، وقد أخبر صلّى اللّه عليه وسلم أن العبد إذا كذب الكذبة تباعد منه الملك ثلاثين ميلا من نتن ما جاء به ، فتمقته الملائكة ، فإذا علم المذكر أن مثل هؤلاء يحضرون مجلسه فينبغي له أن يتحرى الصدق ، ولا يتعرض لما ذكره المؤرخون عن اليهود من زلات من أثنى اللّه عليهم واجتباهم ، ويجعل ذلك تفسيرا لكتاب اللّه ، ويقول : قال المفسرون ، وما ينبغي أن يقدم على تفسير كلام اللّه بمثل هذه الطوام ، كقصة يوسف وداود وأمثالهم عليهم السلام ومحمد صلّى اللّه عليه وسلم ، بتأويلات فاسدة وأسانيد واهية ، عن قوم قالوا في اللّه ما ذكر اللّه عنهم ، فإذا أورد

388

المذكر مثل هذا في مجلسه مقتته الملائكة ونفروا عنه ، ومقته اللّه ، ووجد الذي في دينه نقص رخصة يلجأ إليها في معصيته ، ويقول : إذا كانت الأنبياء قد وقعت في مثل هذا ، فمن أكون أنا ؟ وحاشا واللّه الأنبياء مما نسبت إليهم اليهود لعنهم اللّه ، فينبغي للمذكر أن يحترم جلساءه ولا يتعدى ذكر تعظيم اللّه بما ينبغي لجلاله ، ويرغب في الجنة ويحذر من النار وأهوال الموقف ، والوقوف بين يدي اللّه ، من أجل من عنده من البطالين المفرطين من البشر ، فهؤلاء المذكرون الذين يرددون افتراءات اليهود نقلة عن اليهود لا عن كلام اللّه لما غلب عليهم من الجهل ، فواجب على المذكر إقامة حرمة الأنبياء عليهم السلام والحياء من اللّه أن لا يقلد اليهود فيما قالوا في حق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من المثالب ونقلة المفسرين خذلهم اللّه ، ومنها مراعاة من يحضر مجلسه من الملائكة السياحين ، فمن يراعي هذه الأمور ينبغي أن يذكر الناس ، ويكون مجلسه رحمة بالحاضرين ومنفعة .


المراجع:

(53) الفتوحات ج 1 / 286 - ج 2 / 195 - ج 3 / 418 - كتاب مواقع النجوم - الفتوحات ج 3 / 562 - ج 2 / 256

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!