موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة النحل (16)

 

 


الآية: 3 من سورة النحل

خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (3 (

[ «خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ» ]

«خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ» الحق هنا ليس عينا موجودة ، بل الباء هنا بمعنى اللام ، ولهذا قال تعالى في تمام الآية «تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ» من أجل الباء ، والأمر في نفسه في حق السماء والأرض ، وما أنزل (ما بَيْنَهُما) حتى يعم الوجود كله ، مثل قوله (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) كذلك ما خلق السماوات والأرض إلا بالحق ، أي للحق ، فاللام التي نابت الباء هنا منابها عين اللام في قوله «لِيَعْبُدُونِ» فخلق السماوات والأرض للحق ، والحق أن يعبدوه ، ولهذا قال : «تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ» فالحق تعالى لا يخلق شيئا بشيء ، لكن يخلق شيئا عند شيء ، فكل ما يقتضي الاستعانة والسببية فهي لام الحكمة ، فما خلق اللّه شيئا إلا للحق ، والحق أن يعبدوه ، فعلى الحقيقة إن اللّه لا يخلق شيئا بشيء ، وإن خلقه لشيء فتلك لام الحكمة ، وعين خلقه عين الحكمة ، إذ خلقه تعالى لا يعلل ، فالخلق عبد بالذات أثرت فيه العوارض ، ولا سيما الشخص الإنساني ، بل ما أثرت العوارض إلا في الشخص الإنساني وحده دون سائر الخلق ، وما سواه فعلى أصله من التنزيه ، تنزيه خالقه عن الشريك ، من هذا يتضح خطأ من جعل هذا الحق المخلوق به عين علة الخلق ، والحق تعالى لا يعلل خلقه ، هذا هو الصحيح في نفسه ، حتى لا يعقل فيه أمر يوجب عليه ما ظهر من خلقه ، بل خلقه الخلق منة منه على الخلق ابتداء فضل وهو الغني عن العالمين ، وكذلك خطأ من جعل هذا الحق المخلوق به عينا موجودة بها خلق اللّه ما سواها ، وهو صدور معلول عن علة أوجبت العلة صدوره ، وهذا فيه ما فيه «تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ» اعلم أن اللّه هو اللطيف الخبير العلي القدير الحكيم العليم ، الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، لما خلق الأشياء وذكر أن له الخلق والأمر تبارك اللّه رب العالمين ، وضع الأسباب وجعلها له كالحجاب فهي توصل إليه تعالى كل من علمها حجابا ، وهي تصد عنه كل من اتخذها أربابا ، فذكرت الأسباب في أنبائها أن اللّه من ورائها ، وأنها غير متصلة بخالقها - فإن الصنعة

لا تعلم صانعها - ولا منفصلة عن رازقها فإنها تأخذ عنه مضارها ومنافعها ، فخلق الأرواح والأملاك ورفع السماوات قبة فوق قبة على عمد الإنسان ، وأدار الأفلاك ، ودحى الأرض ليميز بين الرفع والخفض ، وعيّن الدنيا طريقا للآخرة ، وأرسل بذلك رسله تترى ، لما خلق في العقول من العجز والقصور عن معرفة ما خلق اللّه من أجرام العالم وأرواحه ولطائفه وكثائفه ، فإن الوضع والترتيب ليس العلم به من حظ الفكر ، بل هو موقوف على خبر الفاعل لها والمنشئ لصورها ، ومتعلق علم العقل من طريق الفكر إمكان ذلك خاصة لا ترتيبه ، ثم إن اللّه تعالى قدّر في العالم العلوي المقادير والأوزان والحركات والسكون في الحال والمحل والمكان والمتمكن ، فخلق السماوات وجعلها كالقباب على الأرض قبة فوق قبة ، وجعل هذه السماوات ساكنة ، وخلق فيها نجوما ، وجعل في سيرها وسباحتها في هذه السماوات حركات مقدّرة لا تزيد ولا تنقص ، وجعلها عاقلة سامعة مطيعة ، ثم إن اللّه تعالى يحدث عند هذه الحركات الكوكبية في الطرق السماوية في عالم الأركان وفي المولدات أمورا مما أوحى في أمر السماء ، وجعل ذلك عادة مستمرة ابتلاء من اللّه ابتلى بها عباده ، فمن الناس من جعل ذلك الأثر عند هذا السير للّه تعالى ، ومن الناس من جعل ذلك لحركة الكوكب وشعاعه ، لما رأى أن عالم الأركان مطارح شعاعات الكواكب ، فأما الذين آمنوا باللّه فزادتهم إيمانا باللّه ، وأما الذين آمنوا بالباطل فزادتهم إيمانا بالباطل وكفروا ، وهم الخاسرون الذين ما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين .


المراجع:

(3) الفتوحات ج 3 / 354 ، 416

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!