موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الإسراء (17)

 

 


الآية: 15 من سورة الإسراء

مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (15)

لما كان العالم في حال جهل بما في علم اللّه من تعيين طريق السعادة ، تعيّن الإعلام به بصفة الكلام ، فلا بد من الرسول ، ومن وجه آخر فإن اللّه ما كلف عباده ولا دعاهم إلى تكليف قط بغير واسطة ، فإنه بالذات لا يدعو إلى ما فيه مشقة ، فلهذا اتخذ الرسل عليهم

الصلاة والسلام ،[ «وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا» ]

وقال جل ثناؤه «وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولً» - الوجه الأول - يعني نبعثه بالآيات البينات على صدق دعواه ، وكذا أخبر اللّه تعالى أنه أيّد الرسل بالبينات ليعذر الإنسان من نفسه ، فإنه قبل إرسال الرسل لم يقيد الإنسان ، بل كان يجري بطبعه من غير مؤاخذة أصلا ، فوجد العذر لمن لم تبلغه الدعوة الإلهية ، فحكمه حكم من لم يبعث اللّه إليه رسولا ، والرسول ما هو رسول لمن أرسل إليه حتى يؤدي رسالته لمن أرسل إليه ، ففي هذه الآية رحمة عظيمة لما هو الخلق عليه من اختلاف الفطر المؤدي إلى اختلاف النظر ، فإن اللّه تعالى قال «وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا» لم يقل حتى نبعث شخصا ، فلا بد أن تثبت رسالة المبعوث عند من وجه إليه ، فلا بد من إقامة الدلالة البينة الظاهرة عند كل شخص شخص ممن بعث إليهم ، فإن ربّ آية يكون فيها من الغموض أو الاحتمال بحيث أن لا يدرك بعض الناس دلالتها ، فلا بد أن يكون الدليل من الوضوح عند كل من أقيم عليه حتى يثبت عنده أنه رسول ، وحينئذ إن جحد بعد ما تيقن تعينت المؤاخذة ، وما فعل اللّه ذلك إلا رحمة بعباده لمن علم شمول الرحمة الإلهية التي أخبر اللّه تعالى أنها وسعت كل شيء - الوجه الثاني - هذه الآية تدل على أن الشرائع قد عمت جميع الخلق من آدم إلى نبينا محمد صلّى اللّه عليه وسلم وقد قال تعالى (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) - الوجه الثالث - قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم في الصحيح : [ من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا اللّه دخل الجنة ] ولم يقل هنا يؤمن ، فإن الإيمان موقوف على الخبر ، وقد قال «وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا» وقد علمنا أن للّه عبادا كانوا في فترات وهم موحدون علما ، وما كانت دعوة الرسل قبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عامة فيلزم أهل كل زمان الإيمان ، فعم بهذا الكلام جميع العلماء بتوحيد اللّه المؤمن منهم من حيث ما هو عالم به من جهة الخبر الصدق الذي يفيد العلم لا من جهة الإيمان وغير المؤمن ، فالإيمان لا يصح وجوده إلا بعد مجيء الرسول ، والرسول لا يثبت حتى يعلم الناظر العاقل أن ثم إلها وأن ذاك الإله واحد ، لا بد من ذلك ، لأن الرسول من جنس من أرسل إليهم ، فلا يختص واحد من الجنس دون غيره إلا لعدم المعارض وهو الشريك ، فإذا حصل التصديق بأنه رسول اللّه تتأهب العقلاء أولو الألباب والأحلام والنهى لما يورده في رسالته هذا الرسول ، فمن مات وهو يعلم أنه لا إله إلا اللّه دخل الجنة بلا شك ولا ريب وهو من السعداء فأما من كان من أهل الفترات فيبعثه اللّه أمة وحده كقس بن

ساعدة ، لا تابع لأنه ليس بمؤمن ، ولا هو متبوع لأنه ليس برسول عند اللّه ، بل هو عالم باللّه .


المراجع:

(15) الفتوحات ج 1 / 209 - ج 3 / 468 - ج 1 / 520 - ج 3 / 135 - ج 4 / 162 - ج 3 / 469 - ج 1 / 326

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!