موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الإسراء (17)

 

 


الآيات: 17-20 من سورة الإسراء

وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (17) مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً (18) وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (19) كُلاًّ نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً (20)

[ «كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ . . .» ] «كُلًّا نُمِدُّ» وذكر المذموم والمحمود ، وهو من إمداد الأسماء الإلهية التي من حقائقها التقابل ، فالنافع ما هو الضار ، ولا المعطي هو المانع ، «هؤُلاءِ» أصحاب الجنة «وَهَؤُلاءِ» أصحاب النار «مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ» فعم العطاء الجميع يعني الطائع والعاصي ، وأهل الخير وأهل الشر مع اختلاف الذوق ، وقد يكون عطاؤه الإلهام ، وقد يكون خلق العمل «وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً» وهذا إبانة عن حقيقة صحيحة بما هو الأمر عليه وفي نفسه ، من أنه لا حول ولا قوة إلا باللّه ، فقوله تعالى «وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً» أي ممنوعا لأنه يعطي لذاته ، والمحال القوابل تقبل باستعدادها ، واستعدادها أثر الأسماء الإلهية فيها ، ومن الأسماء الإلهية الموافق والمخالف ، مثل الموافق الرحيم الغفور وأشباهه ، ومثل المخالف المعز والمذل ، فلا بد أن يكون استعداد هذا المحل في حكم اسم من هذه الأسماء ، فيكون

قبوله للحكم الإلهي بحسب ذلك ، فإما مخالف وإما موافق ، ومن كان هذا حاله كيف يتعلق به ذم ذاتي ؟

والأعراض لا ثبات لها ، فالجود الإلهي مطلق والمنع عدم القبول ، فمن المفيض المعطي وجود جود صرف خالص محض ، وما ثم إلا عطاء في عين منع ومنع في عين عطاء ، فحضرة المنع تعطي المنع بعطاء العين ، فالمنع تبع ، فإن المحل إذا كان في اللون الأبيض فقد أعطاه البياض ، وعين إعطاء البياض منع ما يضادّه من الألوان ، لكن ليس متعلق الإرادة إلا إيجاد عين البياض فامتنع ضده بحكم التبع ، وهكذا كل ضد في العين ، فاللّه يعطي على الدوام والمحال تقبل على قدر حقائق استعداداتها ، فترد الآية مثلا من كتاب اللّه واحدة العين على الأسماع ، فسامع يفهم منها أمرا واحدا ، وسامع آخر لا يفهم منها ذلك الأمر ويفهم منها أمرا آخر ، وآخر يفهم منها أمورا كثيرة ، ولهذا يستشهد كل واحد من الناظرين فيها بها لاختلاف استعداد الأفهام ، فإذا فهمت هذا علمت أن عطاء اللّه ليس بممنوع ، إلا أنك تحب أن يعطيك ما لا يقبله استعدادك ، وتنسب المنع إليه فيما طلبته منه ، ولم تجعل بالك إلى الاستعداد الذي هو على ترتيب الحكمة الإلهية في العالم وما تعطيه حقائق الأشياء ، والكل من عند اللّه ، فمنعه عطاء وعطاؤه منع ، ولكن بقي لك أن تعلم لكذا ومن كذا ، وفي هذه الآية إشارة إلى عدم سرمدة العذاب على أهل النار ، فعطاؤه تعالى عين الرحمة التي سبقت ، فوسعت كل شيء من مكروه وغيره وغضب وغيره ، فما في العالم عين قائمة ولا حال إلا ورحمة اللّه تشمله وتحيط به ، وهي محل له ولا ظهور له إلا فيها ، فبالرحمن استوى على العرش ، وما انقسمت الكلمة إلا من دون العرش من الكرسي فما تحته ، فإنه موضع القدمين وليس سوى انقسام الكلمة ، فظهر الأمر والخلق ، والنهي والأمر ، والطاعة والمعصية ، والجنة والنار ، كل ذلك عن أصل واحد وهي الرحمة التي هي صفة الرحمن .


المراجع:

(20) الفتوحات ج 2 / 286 - ج 3 / 183 - ج 4 / 274 - ج 3 / 183 ، 211 - ج 1 / 287">287 - ج 3 / 183 - ج 4 / 310 - ج 1 / 287">287 - ج 4 / 274

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!