The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الإسراء (17)

 

 


الآية: 79 من سورة الإسراء

وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً (79)

[ «وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ» ] «وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ» المتهجد عبارة عمن يقوم وينام ويقوم وينام ويقوم ، فمن لم يقطع الليل في مناجاته ربه هكذا فليس بمتهجد ، فنوم المتهجد لحقّ عينه وقيامه لحق ربه «نافِلَةً لَكَ» لا تصح نوافل الخيرات إلا بعد كمال الفرائض ، ولا تكمل الفرائض إلا باستكمال حقوقها ، ولذلك منعنا أن تصح لأحد على التعيين نافلة إلا بإخبار أو مشاهدة ،

وذلك أن الفرائض تستغرقها بالتكميل منها ، فإنه قد ورد في الصحيح عن اللّه تعالى أنه يقول يوم القيامة [ انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها ؟ فإن كانت تامة كتبت له تامة ، وإن كان انتقص منها شيئا قال : انظروا هل لعبدي من تطوع ؟

فإن كان له تطوع وهو النافلة قال : أكملوا لعبدي فريضته من تطوعه ] قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : [ ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم ] فالنافلة لا تكون إلا بعد تمام الفريضة ، فمن كانت فريضته من الصلاة ناقصة فإنها تكمل من نوافله ، فإن استغرقت الفرائض نوافل العبد المتهجد ، لم يبق له نافلة وليس بمتهجد ولا صاحب نافلة ، وهذه الآية نص في إثبات النافلة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، فإن اللّه ما شهد لأحد بالنوافل إلا لرسوله صلّى اللّه عليه وسلم ، فقال له آمرا «وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ» فشهد اللّه لمحمد صلّى اللّه عليه وسلم بأن له نافلة ، فلا بد أن يكون سمعه الحق ، وبصره الحق ، وكلامه الحق ، ولم يشهد بها لأحد على التعيين ، فعلامة من لم تستغرق فرائضه نوافله وفضلت له نوافل أن يحبه اللّه تعالى هذه المحبة الخاصة ، وجعل علامتها أن يكون الحق سمعهم وبصرهم ،

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم

عن ربه : [ لا زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ] - الحديث - «عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً» وعسى من اللّه واجبة ، والمقام المحمود هو الذي له عواقب الثناء والمقامات كلها ، أي إليه يرجع كل ثناء ، وإليه تنظر جميع الأسماء الإلهية المختصة بالمقامات ، وهو لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، ويظهر ذلك لعموم الخلق يوم القيامة ، وبهذا صحت له السيادة على جميع الخلق يوم العرض ، فلا يجمع المحامد يوم القيامة كلها إلا محمد صلّى اللّه عليه وسلم ، وهو الذي عبر عنه بالمقام المحمود ، فإنه لما كان إليه ترجع المقامات كلها - وهو الجامع لها - لم يصح أن يكون صاحبه إلا من أوتي جوامع الكلم ، لأن المحامد من صفة الكلام ، فإنه موقف خاص بمحمد صلّى اللّه عليه وسلم يحمد اللّه فيها بمحامد لا يعرفها إلا إذا دخل ذلك المقام ، فمحمد صلّى اللّه عليه وسلم بيده لواء الحمد ، ولآدم عليه السلام علم الأسماء ، ولمحمد صلّى اللّه عليه وسلم علم الثناء بالمقام المحمود ، فأعطي في القيامة لأجل المقام المحمود العمل بالعلم ، ولم يعط لغيره في ذلك الموطن ، فصحت له السيادة ، فقال :

[ آدم فمن دونه تحت لوائي ] وما له لواء إلا الحمد ، وهو رجوع عواقب الثناء إلى اللّه ، وهو قوله الحمد للّه لا لغيره ، وهذا يدلك أن علوم الأنبياء أذواق لا عن فكر ونظر ، فإن الموطن يقتضي هنالك بآثاره أسماء إلهية يحمد اللّه بها ، ما يقتضيه موطن الدنيا ، ولهذا قال صلّى اللّه عليه وسلم في هذا المقام [ فأحمده بمحامد لا أعلمها الآن ]

وهذا المقام المحمود هو المقام المثنى عليه ، الذي أثنى الحق عليه ، الذي يقيم الحق فيه سبحانه محمدا صلّى اللّه عليه وسلم ، هو الوسيلة ، لأن منه يتوسل إلى اللّه فيما توجه فيه من فتح باب الشفاعة ، وهو شفاعته للجميع ، فهو مقام شفاعة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم في الشافعين أن يشفعوا يوم القيامة ، فمن المقام المحمود يفتح باب الشفاعة للملائكة فمن دونهم ، وله الأولية في الشفاعة ،

وأول شفاعة يشفعها عند اللّه تعالى في حق من له أهلية الشفاعة من ملك ورسول ونبي وولي ومؤمن وحيوان ونبات وجماد ، فيشفع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عند ربه لهؤلاء أن يشفعوا ، وأن يخرج الحق من النار أو يدخل الجنة من لم يعمل خيرا قط ، حتى لا يبقى في النار إلا أهلها الذين هم أهلها ،

فيجيبه اللّه لما سأل فيه ، فكان محمودا بكل لسان وبكل كلام ، فله أول الشفاعة ووسطها وآخرها ، فإنه إذا قام الناس ، ومدّت الأرض ، وانشقت السماء وانكدرت النجوم ، وكورت الشمس وخسف القمر ، وحشرت الوحوش وسجرت البحار ، وزوجت النفوس

بأبدانها ، ونزلت الملائكة على أرجائها - أعني أرجاء السماوات - وأتى ربنا في ظلل من الغمام ، ونادى المنادي : يا أهل السعادة ، فأخذ منهم ثلاث طوائف إلى الجنة ، وهم الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون ، والذين كانوا لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر اللّه وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم اللّه أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله ، والطائفة الثالثة هم الذين صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه ليجزي الصادقين بصدقهم ، ثم يخرج عنق من النار فيقبض ثلاث طوائف إلى النار وهم : كل جبار عنيد ، والطائفة الثانية كل من آذى اللّه ورسوله ، والطائفة الثالثة أهل التصاوير الذين يصورون صورا في الكنائس لتعبد تلك الصور والذين يصورون الأصنام ، فإذا ماج الناس ، واشتد الحر وألجم الناس العرق ، وعظم الخطب وجل الأمر ، وكان البهت فلا تسمع إلا همسا ، وجيء بجهنم ، وطال الوقوف بالناس ولم يعلموا ما يريد الحق بهم ،

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : [ فيقول الناس بعضهم لبعض تعالوا ننطلق إلى أبينا آدم فنسأله أن يسأل اللّه لنا أن يريحنا مما نحن فيه فقد طال وقوفنا ، فيأتون آدم فيطلبون منه ذلك ، فيقول آدم : إن اللّه قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وذكر خطيئته فيستحي من ربه أن يسأله ، فيأتون إلى نوح بمثل ذلك فيقول لهم مثل ما قال آدم ، ويذكر دعوته على قومه قوله (وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً)

ثم يأتون إلى إبراهيم عليه السلام بمثل ذلك ، فيقولون له مثل مقالتهم لمن تقدم ، فيقول كما قال من تقدم ، ويذكر كذباته الثلاث ، ثم يأتون إلى موسى وعيسى ويقولون لكل واحد من الرسل مثل ما قالوه لآدم ، فيجيبونهم مثل جواب آدم ، فيأتون إلى محمد صلّى اللّه عليه وسلم وهو سيد الناس يوم القيامة ، فيقولون له مثل ما قالوا للأنبياء ، فيقول محمد صلّى اللّه عليه وسلم : أنا لها ، وهو المقام المحمود الذي وعد اللّه به يوم القيامة ، فيأتي ويسجد ويحمد اللّه بمحامد يلهمه اللّه تعالى إياها في ذلك الوقت لم يكن يعلمها قبل ذلك ، ثم يشفع إلى ربه أن يفتح باب الشفاعة للخلق ، فيفتح اللّه ذلك الباب ، فيأذن في الشفاعة للملائكة والرسل والأنبياء والمؤمنين ، فبهذا يكون سيد الناس يوم القيامة ، فإنه شفع عند اللّه أن تشفع الملائكة والرسل ،

ومع هذا تأدب صلّى اللّه عليه وسلم وقال : [ أنا سيد الناس ] ولم يقل سيد الخلائق فتدخل الملائكة في ذلك مع ظهور سلطانه في ذلك اليوم على الجميع ، وذلك أنه صلّى اللّه عليه وسلم جمع له بين مقامات الأنبياء عليهم السلام كلهم ،

ولم يكن ظهر له على الملائكة ما ظهر لآدم عليه السلام من اختصاصه بعلم الأسماء كلها ، فإذا كان في ذلك اليوم افتقر إليه الجميع من الملائكة والناس من آدم فمن دونه في فتح باب الشفاعة ، وإظهار ما له من الجاه عند اللّه ، إذ كان القهر الإلهي والجبروت الأعظم قد أخرس الجميع ، وكان هذا المقام مثل مقام آدم عليه السلام وأعظم ، في يوم اشتدت الحاجة فيه ، مع ما ذكر من الغضب الإلهي الذي تجلى فيه الحق في ذلك اليوم ، ولم تظهر مثل هذه الصفة فيما جرى في قصة آدم ، فدل بالمجموع على عظيم قدره صلّى اللّه عليه وسلم حيث أقدم مع هذه الصفة الغضبية الإلهية على مناجاة الحق فيما سأل فيه ، فأجابه الحق ، كما جاء في حديث عثمان بن عفان في الصحيح لمسلم بن الحجاج ، وقد أقيم آدم عليه السلام في هذا المقام لما سجدت له الملائكة في الدنيا ، وهو لمحمد صلّى اللّه عليه وسلم في الآخرة ، وإنما ظهر به أولا أبو البشر لكونه كان يتضمن جسده بشرية محمد صلّى اللّه عليه وسلم ، فكانت العاقبة لمحمد صلّى اللّه عليه وسلم في الدار الآخرة ، فظهر في المقام المحمود ، ومنه يفتح باب الشفاعات ، فكان لآدم السجود ، ولمحمد المقام المحمود ، بمحضر الشهود ، وأين المقام المحمود من مقام السجود ؟ سجد المقربون والأبرار ، لبناء قائم من التراب والأحجار ، فالمجد الطريف والتليد ، فيمن اختص بالمقام الحميد .


المراجع:

(79) الفتوحات ج 1 / 164">164">164">164">164">164">164">164 - ج 2 / 268 - ج 1 / 164">164">164">164">164">164">164">164 ، 487 ، 164">164">164">164">164">164">164">164 ، 487 - ج 2 / 126 ، 268 - ج 1 / 164">164">164">164">164">164">164">164 - ج 2 / 86 ، 87 - ج 1 / 164">164">164">164">164">164">164">164 - ج 4 / 286 - ج 2 / 86 - ج 4 / 29 - ج 4 / 29 - ج 3 / 141 - ج 2 / 86 - ج 4 / 29 - ج 2 / 86 - ج 1 / 313 - ج 2 / 86 - ج 4 / 368

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!