The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الإسراء (17)

 

 


الآية: 110 من سورة الإسراء

قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً (110)

[ «قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ . . .» ]

لما أنكروا الاسم الرحمن وقالوا (وَمَا الرَّحْمنُ ؟) قيل لهم «قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ» فما أنكر أحد اللّه وأنكر الرحمن ، فقالوا : وما الرحمن ؟ فكان مشهد الألوهة أعم لإقرار الجميع بها ، فإنها تتضمن البلاء والعافية ، وهما موجودان في الكون ، فما أنكرهما أحد ، ومشهد الرحمانية لا يعرفه إلا المرحومون بالإيمان ، وما أنكره إلا المحرومون من حيث

لا يشعرون أنهم محرومون ، لأن الرحمانية لا تتضمن سوى العافية والخير المحض ، فاللّه معروف بالحال والرحمن منكور بالحال ، فقيل لهم «قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ» من حيث المسمى ، فإنه قال «أَيًّا ما تَدْعُوا» من حيث دلالته على عين المسمى «فَلَهُ» أي لذلك المسمى «الْأَسْماءُ الْحُسْنى» التي اللّه والرحمن منها من حيث ما هي أسماء ، فلم يفرق الحق في دعائه بين الاسم اللّه والاسم الرحمن ، بل جعل الاسمين من الألفاظ المترادفة ، وإن كان في الرحمن رائحة الاشتقاق ، ولكن المدلول واحد من حيث العين المسماة بهذين الاسمين ، والمسمى هو المقصود في هذه الآية ، ولذلك قال «فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى» ومن أسمائه الحسنى اللّه والرحمن ، إلى كل اسم سمى به نفسه مما نعلم ومما لا نعلم ومما لا يصح أن يعلم ، لأنه استأثر بأسماء في علم غيبه ، فالحكم للمدعو بالأسماء الإلهية لا للأسماء ، فإنها وإن تفرقت معانيها وتميزت ، فإن لها دلالة على ذات معينة في الجملة وفي نفس الأمر ، وإن لم تعلم ولا يدركها حدّ فإنه لا يقدح ذلك في إدراكنا وعلمنا أن ثمّ ذاتا ينطلق عليها هذه الأسماء .

الحكم للمدعو بالأسماء *** ما الحكم للأسماء في الأشياء

لكن لها التحكيم في تصريفها *** فيه كمثل الحكم للأنواء

في الزهر والأشجار في أمطارها *** وقتا وفي الأشياء كالأنداء

لعبت بها الأرواح في تصريفها *** كتلاعب الأفعال بالأسماء

وقد وحّد بقوله «فَلَهُ» لما أراد المسمى ولم يراع اختلاف الحقائق التي تدل عليها ألفاظ هذه الأسماء الحسنى ، فإن الأسماء لو لم تختلف معانيها لكانت اسما واحدا كما هي واحد من حيث مسماها ، فإن قلت الرحمن سميته بجميع الأسماء الحسنى ، وإن قلت اللّه سميته بجميع الأسماء الحسنى ، فجميع الأسماء دلائل على الاسم الرحمن والاسم اللّه ، فإنه لما كان اللّه جامعا لكل شيء ، وكان الرحمن جامعا لحقائق العالم وما يكون فيه ، ولهذا قيل : رحمن الدنيا والآخرة ، لهذا قيل لهم «قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى» فإن دعاءهم إنما هو تعلقهم به لمنافعهم على قدر معارفهم وهي عنه - اسمه الرحمن - وهذا الاسم الرحمن يتضمن جميع الأسماء الحسنى إلا اللّه ، فإن له الأسماء الحسنى والرحمن وما يتضمنه الاسم اللّه ، وإذا ناديت اللّه فإنما تنادي منه الرحمن خاصة ، وتنادي من الرحمن الاسم

الذي تطلبه الحقيقة الداعية إلى الدعاء ، فيقول الغريق : يا غياث ، والجائع : يا رزاق ، والمذنب : يا غفار ، يا غفور ، وكذلك في جميع الأسماء ، فافهم ما أشرنا به إليك ، فإنه باب عظيم نافع - بحث في الأسماء الإلهية - الأسماء الإلهية وإن دلت على ذات واحدة ، فإنها تتميز في أنفسها من طريقين :

الواحد من اختلاف ألفاظها ،

والثاني من اختلاف معانيها وإن تقاربت غاية القرب وتشابهت غاية الشبه ، وأسماء المقابلة في غاية البعد ، فلا بد من مراعاة حكم ما تدل عليه من المعاني ، وبهذا يتميز العالم من الجاهل ، وما أتى الحق بها متعددة إلا لمراعاة ما تدل عليه من المعاني ، قال تعالى «وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى»

وليس سوى الحضرات الإلهية التي تطلبها وتعيّنها أحكام الممكنات ، والحضرة الإلهية وهي الاسم اللّه هي الحضرة الجامعة للحضرات كلها ،

لأنه لما كان في قوة الاسم اللّه بالوضع الأول كل اسم إلهي ، بل كل اسم أثر في الكون يكون عن مسماه ، ناب مناب كل اسم للّه تعالى ،

فإذا قال قائل : يا اللّه ، فانظر في حالة القائل التي بعثته على هذا النداء ، وانظر أي اسم إلهي يختص بتلك الحال ،

فذلك الاسم الخاص هو الذي يناديه هذا الداعي بقوله : يا اللّه ، لأن الاسم اللّه بالوضع الأول إنما مسماه ذات الحق عينها ، التي بيدها ملكوت كل شيء ،

فلهذا ناب الاسم الدال عليها على الخصوص مناب كل اسم إلهي ، ويتضمن هذا الاسم أسماء التنزيه - وإن كان كل اسم إلهي بهذه المثابة من حيث دلالته على ذات الحق جل جلاله وعز في سلطانه –

لكن لما كان ما عدا الاسم اللّه من الأسماء مع دلالته على ذات الحق يدل على معنى آخر من سلب أو إثبات بما فيه من الاشتقاق ، لم يقو في أحدية الدلالة على الذات قوة هذا الاسم ، كالرحمن وغيره من الأسماء الإلهية الحسنى ، وإن كان قد ورد قوله تعالى آمرا نبيه صلّى اللّه عليه وسلم «قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى» فالضمير في «له» يعود على المدعو به تعالى ، فإن المسمى الأصلي الزائد على الاشتقاق ليس إلا عينا واحدة ، ثم إن اللّه تعالى قد عصم هذا الاسم العلم أن يسمى به أحد غير ذات الحق جل جلاله ، ولهذا قال اللّه عزّ وجل في معرض الحجة على من نسب الألوهة إلى غير هذا المسمى (قُلْ سَمُّوهُمْ) فبهت الذي قيل له ذلك ، فإنه لو سماه سماه بغير الاسم اللّه ، وأما ما فيه من الجمعية ، فإن مدلولات الأسماء الزائدة على مفهوم الذات مختلفة كثيرة ، وما بأيدينا اسم مخلص علم للذات سوى هذا الاسم اللّه ، فالاسم اللّه يدل على الذات بحكم المطابقة كالأسماء الأعلام على

مسمياتها ، وثمّ أسماء تدل على تنزيه وثمّ أسماء تدل على إثبات أعيان صفات ، - وإن لم تقبل ذات الحق قيام الأعداد - وهي الأسماء التي تعطي أعيان الصفات الثبوتية ، كالعالم والقادر والمريد والسميع والبصير والحي والمجيب والشكور ، وأمثال ذلك ، وأسماء تعطي النعوت فلا يفهم منهم في الإطلاق إلا النسب والإضافات ، كالأول والآخر والظاهر والباطن ، وأمثال ذلك ، وأسماء تعطي الأفعال ، كالخالق والرازق والبارئ والمصور ، وأمثال ذلك من الأسماء ، وانحصر الأمر ، وجميع الأسماء الإلهية - بلغت ما بلغت - لا بد أن ترجع إلى واحد من هذه الأقسام أو إلى أكثر من واحد ، مع ثبوت دلالة كلّ اسم منها على الذات لا بد من ذلك ، فاجعل ذلك كله نسبا أو أسماء أو صفات ، والأولى أن تكون أسماء ولا بد ، لأن الشرع الإلهي ما ورد في حق الحق بالصفات ولا بالنسب ، وإنما ورد بالأسماء فقال «وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى» وليست سوى هذه النسب ، وهل لها أعيان وجودية أم لا ؟

ففيه خلاف بين أهل النظر ، وأما عندنا فما فيها خلاف أنها نسب وأسماء على حقائق معقولة غير وجودية ، فالذات غير متكثرة بها ، لأن الشيء لا يتكثر إلا بالأعيان الوجودية لا بالأحكام والإضافات والنسب «وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها» فإنه يعلم الجهر وما يخفى ، كما أنه يعلم السر وأخفى وأصفى «وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا» فإنه أخفى من السر ، أي أظهر ، فإن الوسط الحائل بين الطرفين المعيّن للطرفين والمميز لهما هو أخفى منهما.


المراجع:

(110) الفتوحات ج 1 / 667">667 - ج 4 / 108 - ج 3 / 126 - ج 4 / 118 - ج 1 / 611">611 - ح4 / 108 - ج 3 / 544 - كتاب الجلال والجمال - الفتوحات ج 1 / 611">611 - ج 4 / 196 ، 294 - ج 1 / 667">667

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!