اعلم أنك إذا غيبت عن هذا التجلي الاول واسدل الحجاب اقمت في هذا التجلي الآخر ترتيبا الهيا حكميا ليس للعقل فيه من حيث فكره قدم بل هو قبول كشفي ومشهد ذوقي ناله من ناله فقام العبد في إنسانيته مقدس الذات منزه المعاني الاحكام تتعشق به الفهوانية تعشق علاقة تظهر اثرها عليه فيكون موسوي المشهد، محمدي المحتد، فلا يزال النظر بالأفق الأعلى الي ان ينادي من الطباق لسفلي احذر من الحد عند نظرك الي الأفق الأعلى فاني مناديك منه ومن هنا فيتدكدك عند ذلك جبلك، ويصعق جسدك، ومدحت نفسك في الذاهبين الي محل التقريب بمشاهدة اليقين فتعطي من التحف ويهدي إليك من الطرف ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .

ثم ترد الي المنظر الأجلي بالأفق الأعلي عند الاستواء الأقدس الأزهي، فيأتيك عالم الفقر والحاجة من ذات جسدك لغريب يسالون نصيبهم من تحف الحبيب فاعطهم ما سالوا على مقدار شوقهم وتعطشهم ولا تنظر الي الحاحهم في المسألة فإن الإلحاح صنعة نفسية وقوة تعليمية ولكن انظر الي ذواتهم بالعين التي لا تستتر عنها الحجب والاستار واقسم عليهم على قدر ما يكشف منهم فمن استوت ذاته فاجزل له في العطية ومن تعاظم عليك وتكبر فكن له اوطأ مطية ولا تحرمه ما تقتضيه ذاته وان تكبر فتكبره عرضي فعن قريب ينكشف الغطاء وتمر الرياح بالأهواء ويبقي الدين الخالص فتحمد عند ذلك عاقبة ما وهبت، والارزاق امانات بأيدي العباد روحانيها وجسمانيها فاد الامانة تسترح عن عبئها وان لم تفعل فأنت الظلوم الجهول وعلي اللّه قصد السبيل.