موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب التنزلات الموصلية

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

36. الباب السادس والثلاثون في معرفة أسرار الفرق بين الفاتحة والسورة.

 

 

36. الباب السادس والثلاثون في معرفة أسرار الفرق بين الفاتحة والسورة.


نور الكواكب موقوف على السور * سورة الحمد: نور الشمس والقمر

فانظر إلى فلك إن دار في فلك * أعطاك علما بمعنى الروح والصور

فسورة الحمد فرقان تبين على * عليّ أطرافها بانفصال الحق م البشر

كما تبيّن: إذا حققت صورتها * إليك قرآنها في برزخ السور

فانظر إلى سور تأتي على صور * بصورة النفع: أحيانا، وبالضرر

نزل الروح الأمين على القلب، وقال: أعلم أن الفاتحة لها طرفان وواسطة، ومقدمتان ورابطة، فهي الفاتحة للتجليات الواضحة، وهي المثاني لما في الربوبية والعبودية من المعاني، وهي الكافية لتضمها البلاء والعافية، وهي السبع المثاني، لا لاختصاصها بصفات المعاني، وهي القرآن العظيم: لأنها تحتوي على سر المحدّث والقديم، وهي أم الكتاب، لأنها جامعة للنعيم والعذاب.

فالطرف الواحد بالحقائق الإلهية منوط، والطرف الآخر بالحقائق الإنسانية مربوط والواسطة تأخذ منهما على قدر ما تخبر به عنهما.

والمقدمة الواحدة سماوية، والمقدمة الأخرى أرضية، والرابطة لهما هوائية.

فيقول الأول: «الحمد للمعين، فيصلح عالم الكون بالهين واللين»، فيقول الآخر حمدني الأول في أبدي، لما علم أنه لا ينقضي أمدي.

ثم يقول الآخر: الحمد للّه رب العالمين، على الحكاية المعقولة.

وما ثبت له في الرواية المنقولة.

فيقول الأول: أثبتني الآخر وملكني، وعليه وعلى غيره سودني، وجعلني مرتبا أينه، ومصلحا عينه.

ثم يقول الأول بسطت رحمانيتك على عامتك، ورحيميتك على خاصتك، فكنت بهذا الفصل: إبراهيمي الأصل.

فيقول الآخر: لقد اثنى على الأول بما جعل عندي من فيضه، وأقامني به بين بسطه وقبضه، وجعلنا حاكما في سماء اللّه وأرضه.

ثم يقول الآخر: الرحمن الرحيم، فيقول الأول أثنى الآخر على حين أسند المحامد إلى، فله عندي ما خبأته وراء حدي، ثم يقول الأول: يا آخر قمت في ملكك وأحطت عينا بما حصل في ملكك ونهيت وأمرت، وشكرت وكفرت، ثم أقر لك بالملك، وسلم لك باب الملك، وناداك الملك بالملك، حين خرجت عن حكم دورة الفلك، واتخذك ربك وكيلا، وما وجدت إلى الانفصال سبيلا، فجاز قومك بأعمالهم، وأوقفهم على أعمالهم.

فيقول الآخر: أن الأول قد أثبت لي الشرف والمجد، ومنحني الرتبة العلية حين ساعدني الجد، فنعم الجد، وفوض إلي تدبير كونه بمغيب عينه.

ثم يقول الآخر: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، فيقول الأول: رد الآخر على وكالتي، وصرف إلي عمالتي، وقال: شهودي إِيَّاكَ يمنعني من التصرف، ونظري إيّاك يحول بيني وبين التعرف، فأنت العلي الماجد، والرب الواحد.

وانتهى الطرف الواحد والمقدمة، وبانت المراتب المسومة.

ثم يقول الأول: يا آخر، إليك أويت بالنزول الذاتي، وبالتنزيل الصفاتي، في ديجور الليل المظلم، لايضاح السر المبهم، ثم أويت إليك لأظهار الصنائع العملية، واستخراج المنافع المعدنية، فأنت ربها وإمامها، وعرافها وعلامها، وبك ثبوتها وقوامها.

فيقول الآخر: الأمر بيننا مشترك، فمن يضمن الدرك، وأنا قد أقمت سؤالك، وقمت أريك أعمالك.

ثم يقول الآخر: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ.

فيقول الأول: إن الآخر قد قام لي في ذلة العبودية، ليثبت عز الربوبية، وقد سأل العون في تدبير الكون، فلي منها شرب وله شرب، ولي السقاية وله الشرب، فله ما سأل، فقل له ينفصل.

فهذا سر الواسطة قد أعلن، ومعنى الرابطة قد بيّن.

ثم يقول الأول للآخر: ابن لي عن طريق العقائد والأعمال، ومراتب الأولياء والأبدال، والخلفاء والإرسال، المبسوط إليهم نعم العارف، والمهدي إليهم حكم اللطائف، وأوضح لي طريق الأشقياء والضلال، ومراتب العلماء به المستدرجين والعمال، فيحق عليهم كلمة العذاب والنقمة، وتحيد منهم كلمة النعيم والرحمة، فيتيهون في قفر الظلمة.

فيقول الآخر: قد نزل الأول بحجابه، واستثر خلف بابه، فله ما سألني عمله، إذ أقامني بدله.

ثم يقول: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ، فيقول الأول: قد سألني أن أهديه سراطه، وأشد رباطه، وأقيمه بالمحبة البيضاء، واجعل متنزهه المهجة الغضاء، واجعله وارثا لرسلي، وقائما بسبلي، واجنبه موارد الهلاك ومصارع الهلاك فله ما سأل وما أمل.

ثم يقول الأول: يا آخر أجبني إلى ما سألتك.

فيقول الآخر: قد أجبت.

ثم يقول الآخر: آمين.

فيقول الأول: إن أخلصت فقد فعلت.

فقد أبانت الفاتحة عن الصورة الصادية، والحكمة العادية، وبقيت الصورة السينية القائمة بالمنازل السنية، وهي في الأعالي والأسافل من مائتين وثمانين وسبع منازل، إلى ثلاث منازل، وتضيق هذه العجالة عن إيرادها فيها، وقد ذكرناها في الفتوحات المكية، في المنازل بأمهات معانيها لمن يعانيها.

وأريد أن أقصد هنا إلى هنا إلى بعض سورة الإسراء، وما تحصل فيها بالتلاوتين من الأنباء فأقول بالتلاوة الإلهية إلي لا تسأل عنها بالكيفية ولا بالماهية وَالنَّجْمِ إِذا هَوى في قلب تعرى عن الهوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى

ولكنه شرب فارتوى وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى لخروجه من كرة الهوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى أنزلناه عليه بلا واسطة: كشفا وتلويحا، فكان به عند نزول الواسطة في عالم الألفاظ عجولا فصيحا عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى بحضرة الإستواء ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى بما أيده به من القوى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى غاية مراتب روحانيات العلى ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى على المقام الأجلي: فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى من المقام الأسنى لأنه خلف حجاب العزة الأحمى فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى فما أمسى عليه يوم ولا أضحى ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى من حسن الرؤى أَ فَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى وهوى بحيث لا يرى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عند الصيحة الكبرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى ومستقر الحسن والبها عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى المحفوفة بالبلوى، حضرة ارتفاع الشكوى المنتجة للنجوى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى فيعدم البصير ويظهر الأعشى ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى ولو طغى لسفل، ولو زاغ ما ارتقا، فتحقق تلاوة هذه المشاهد أيها المشاهد وحصل هذه المنافع من هذا الاسم الجامع.

ثم أقول: بالتلاوة الإنسانية: الجسمانية والروحانية: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى بالسر الأنسى في الموقع الرباني، لتحصل معرفته وتكمل مرتبته ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى.

نقول قد أصاب المطلوب وظفر بالمحبوب وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى لأنه مقدس عن التأليف والتركيب، والتدبير والترتيب إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى من اللّه إلى الرب، كما تقول في شاهد الغيب: من السر إلى القلب عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى رحمن الاستوا: إله الاستوى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى جبار قهار مقتدر أقوى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى فوق فلك الإشارات العلى ثُمَّ دَنا من حضرة المنى فَتَدَلَّى حين تجلى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى أو كحبل الوريد الأدنى فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى لما اشتغل بمنافعه وهو قاعد، وقام بأسبابه وهو راقد ما كَذَبَ الْفُؤادُ النكتة الجامعة الإلهية ما رَأى من الحقائق الإنسانية وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى ولا كون يرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى حضرة ذات الانتها عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى حيث مقام السوا إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى عند صلاة الظهر والعشا ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى لأنه في خط الاستوا.

جعلنا اللّه وإيّاكم ممن عرج به إلى الملأ الأعلى، وهيئت لقدومه الحضرات العلى.


pLZq-cP1UvE

 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!