السر لا يفيد شيئا ولا يصلح حرز الجماعة إلاّ الأهل والعشيرة ومن بحر لا ساحل له والمراد من البحر هو السر المودع في القلب الخالي عن الساحل وهو النفس لامتزاجها مع صفات القلب فلم يبق لها أثر وحيث لم يكن كذلك للبحر ساحل يكسر عليه موجه كان ذلك البحر عظيماً ومحيط يجمع قطر الأرضية المحسوسة والمعنوية ومن ناطق الحقائق بغير لسان وهو المعنى القائم بالقلب فإنه يظهر ذلك الحقائق من غير لسان قال بل بلسان حال والحال أن ليس له مخارق أي الذي يتقوى ويتوسط بها إلى النطق أو فهم السر قد يتعد منه الصوت ومن صامت لا يبرح داعياً وهو القلب أيضاً لأنه أحياناً ناطق وأحياناً صامت بحسب الواردات أو المقام فإذا كان القلب في مقام الهيبة صمت فلم ينطق بشيء وإذا كان في مقام الجمال انبسط ونطق بما حواه في ذلك المقام وقوله لا يبرح داعياً أي مع ذلك الصمت لم يبرح أو لم ينتقل من مقامه ولا غفل عن مرامه بل هو مخاطباً ومناجياً وداعياً إلى ربه على الدوام حالة نطقه وصمته وإلى الله هادياً أي يهدي من تبعه وتمسك بمكانه صار كاملاً مرشداً ومن كرة لا مكان لها وهي الروح فإنه لا مكان لها معين في البدن بل هو سارٍ في جميع البدن سريان الماء في العود الأخضر وإليه الإشارة بقوله ما عرفها أحد لقوله تعالى: ] وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي [ [الإسراء:85]