وهما أيضاً أنموذج خرج عنه والأنموذج هو جزء من العين الكلية يدل ذلك الجزء على ذلك الكل دلالة بالمطابقة فإذا كان الأمر كذلك فله بعض الخطاب فلكل واحد من الملك والجان بعض الخطاب لأن مخاطبة الكل تستلزم مخاطبة الجزء ضرورة الإنسان كلي الكتاب من حيث المعنى المنبه عليه بقوله تعالى: ] مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ [ [الأنعام:38] أي ما تركنا شيئا من الأحكام إلا وأثبتناه فيه أو ما تركنا من نفائس الكون إلا وأثبتناه في هيكل الإنسان ثم عمّ بقوله ] ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ [ بما أوجده ذلك الكتاب كما نبّه على الحقيقة المحمدية التي هي أصل الأنبياء وأول الابتداء وقد عرفت مما تقدم فلازمه ترشد فقال: ] وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ [ [الرعد:39] أصل الكتاب فنحن معاشر العالم الكتاب الأجلى الأنوار والأضواء وهو أي حقيقة المحمدية الإمام الأعلى لعلو شرف مقامه لأنه عين الأرواح ونور الجواهر وثمرة الأثمار وزهر النبات والإنسان الكامل هو الكتاب الجامع تلك الحقائق الربانية والأسرار الأقدسية وكونه الليل المظلم من حيث شهوته ونفسه والنهار المشرق الساطع من حيث تنور قلبه وإخلاصه أو كون الإنسان جامعاً لما ذكرناه حتى الزمان الذي هو عبارة عن اليوم والليلة وأجزئها حتى لاح الأمر في الكون منه