بقتل أنفسهم حيث قال تعالى: ] فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ [ [البقرة:54] فأخذوا يقتلون من الغداة إلى العشي حتى دعا موسى وهرون فنـزلت التوبة وكانت القتلى سبعين ألفاً وكان إذا أصاب ثوب أحدهم أو بدنه نجاسة قرضه بالمقراض فإن طهارة ما أصيب من بدنهم وثوبهم المقراض من النجاسة المقراض لا الماء ولما لطف الحق سبحانه وتعالى بهذه الأمة بحسب قابليتهم وحقيقتهم وكونهم خير أمة أخرجت للناس كان توبتهم الندم والإقلاع والإخلاص وطهارتهم بالماء المطلق وذلك رحمة وفضلاً منه على هذه الأمة الشريفة وأيضاً الصلاة جعلت علينا خمساً مفروضاً وعلى غيرنا خمسون صلاة فاحفظ هذه النعمة عليك وقابله بمزيد الشكر والثناء ] وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ [ في الهواء ] بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم [ [الأنعام:38] محفوظة أحوالها مقدرة أرزاقها وآجالها والمقصود من ذلك الدلالة على قدرته وشمول علمه وسعة تدبيره فألحق البهائم بالأمم من حيث إن كل حيوان تشاهده من الحيوانات الطائرة والحيوانات الماشية فإنها بهيئتها وصورتها وحقيقتها كانت موجودة في الأمم الماضية وكسب كل حيوان قدر قدرته وقابليته من تسبيحه وعبادته ( ق206/أ)

وحكم بذلك وعمّ وحكم بهذا الحكم وعمّ حكمه ولطفه جميع الحيوانات الناطقة وغيرها وكل أمة في أفقها ناطقة أي في مرتبتها من علو شأنها ناطقة بأمر ربها على حسب وهبها وفي أوجها عاشقة أي مقامها من أوج الحضرة عاشقة ولتلك الأنوار ناظرة وساهرة فليس في الوجود جماد ولا حيوان إلاّ ناطق بلسان ذات كلسان حال وقال الإمام البيضاوي t في قوله تعالى: ] وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ [ [الإسراء:44] ينـزهه عما هو من لوازم وتوابع الحدوث بلسان الحال حيث تدل بإمكانها وحدوثها على الصانع القديم الواجب لذاته وكلام القاضي هذا مخالف لكلام الشيخ t هنا حيث قال بلسان ذات لا بلسان حال فتدبّر المقال ثم بالغ الشيخ t فيما أثبت فقال والقائل بخلاف هذا قائل محال أي والقائل بأن الجماد والحيوان ناطق بلسان الحال لا بلسان المقال محال منه لما وقع له من مقام الكشف واطلع على حقيقة ذلك ويؤيد قول الشيخ t قول القاضي البيضاوي t` حيث قال في قوله تعالى: ] وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ [ [الإسراء:44] أيها المشركون لإخلالهم بالنظر الصحيح الذي به يفهم تسبيحهم ويجوز أن يحمل التسبيح على المشترك بين اللفظ والدلالة لإسناده إلى ما