موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


المبحث السابع والأربعون: في بيان مقام الوارثين للرسل من الأولياء رضي اللّه عنهم أجمعين

اعلم أن عدد منازل الأولياء في المعارف والأحوال التي ورثوها من الرسل عليهم الصلاة والسلام، مائتا ألف منزل وثمانية وأربعون ألف منزل وتسعمائة وتسعة وتسعون منزلا لا بد لكل من حق له قدم الولاية أن ينزلها جميعها ويخلع عليه في كل منزل من العلوم ما لا يحصى. قال الشيخ محيي الدين: وهذه المنازل خاصة بهذه الأمة المحمدية لم ينلها أحد من الأمم قبلهم ولكل منزل ذوق خاص لا يكون لغيره ذكره في الباب الثالث والسبعين من "الفتوحات".

* - وقال في الباب التاسع والأربعين وثلاثمائة: كنت أظن قبل أن يطلعني اللّه تعالى على مقامات الأنبياء من حيث كوني وارثا لهم أن من الأدب أن يقال: فلان على قدم الأنبياء ولا يقال: إنه على قلبهم لأن الأولياء على آثار الأنبياء مقتدون ولو أنهم كانوا على قلوب الأنبياء لنالو ما نالته الأنبياء أصحاب الشرائع فلما أطلعني اللّه على مقامات الأنبياء علمت أن للأولياء معراجين أحدهما يكونون فيه على قلوب الأنبياء ما عدا محمدا صلى اللّه عليه وسلم، كما سيأتي لكن من حيث هم أولياء أو ملهمون فيما لا تشريع فيه والمعراج التالي يكونون فيه على أقدام الأنبياء أصحاب التشريع فيأخذون معاني شرعهم بالتعريف من اللّه ولكن من مشكاة نور الأنبياء فلا يخلص لهم الأخذ عن اللّه تعالى ولا عن الروح القدس وما عدا ذلك فإنه يخالص لهم من اللّه تعالى ومن الروح القدس من طريق الإلهام انتهى.

* - وقال في الباب الثامن والثلاثين وأربعمائة: اعلم أن ورثة الأنبياء هم العلماء والأولياء، فالأولياء حفاظ الأحوال والأحكام الباطنة التي تدق عن الأفهام والعلماء حفاظ الأحكام الظاهرة التي تفهم ببادي الرأي وقد يرث هؤلاء أيضا الأنبياء في الأحوال الباطنة كما كان عليه السلف الصالح فكانوا أولياء علماء فلما تخلف الناس عن العمل بكل ما يعلمون سموا علماء فقط وسلبوهم اسم الولي وإلا فالعلماء حقيقة هم الأولياء على ما عليه الناس اليوم كل ولي عالم عامل بلا شك وليس كل عالم وليا لأنه قد يتخلف عن مقام العمل بما علم. فالفقهاء على الحقيقة هم الأولياء لزيادتهم بعلم الأحوال على علم المقام. (فإن قلت): فما الفرق بين الوارث المحمدي والوارث لغيره من الأنبياء عليهم السلام ؟

(فالجواب): أن الفرق بينهما أن ورثة الأنبياء آياتهم في الآفاق من خرق العوائد وغيرها وآية الوارث المحمدي في قلبه فلذلك كان الوارث المحمدي مجهول في العموم معروفا في الخصوص لا غير، لأن خرق العادة إنما هو حال وعلم في قلبه فهو في كل نفس يزداد علما بربه علم حال وذوق لا يزال كذلك كما مرت الإشارة إليه أول مبحث المعجزات

* - وقال في الباب التاسع والثلاثين وأربعمائة: من علامة الوارث المحمدي أن يشهد نفسه خلف كل نبي ولو كانوا مائة ألف نبي لرأى نفسه في أماكن على عددهم فإن جميع الأنبياء والرسل قد جمعت حقائقهم وشرائعهم في محمد صلى اللّه عليه وسلم، فمن آمن به وصدق فكأنه آمن بجميع الأنبياء حقيقة ثم إنه إذا تعددت صورته خلف جميع الأنبياء يصير يعلم أنه هو وليس غيره في كل صورة، وأطال في ذلك.

* - وقال في الباب الثالث والسبعين في الجواب الثامن والخمسين: اعلم أن هذه الدولة المحمدية جامعة لأقدام النبيين والمرسلين فأي ولي رأى قدما أمامه في حضرة الحق فذلك قدم النبي الذي هو له وارث وأما قدم محمد صلى اللّه عليه وسلم، فلا يطأ أثره أحد كما لا يكون أحد على قلبه وكما لا يكون أحد وارثا له على الكمال أبدا لأنه لو ورثه على الكمال لكان رسولا مثله أو نبيا بشريعة تخصه يأخذها عمن أخذ منه محمد صلى اللّه عليه وسلم، ولا قائل بذلك فنعوذ باللّه من التلبيس انتهى.

(فإن قلت): فما المراد بقوله صلى اللّه عليه وسلم: " العلماء ورثة الأنبياء " هل هم المحدثون أو مطلق العلماء ؟

(فالجواب): المراد بهم كل من كان علمه لا تستقل به العقول ولا الحواس بل تحيله العقول من حيث نظرها، وليس المراد بهم ما يستقل العقول والحواس بإدراك علمهم فإن ذلك لا يكون وارثه فافهم. واعلم أنه لا يصح ميراث لأحد إلا بعد انتقال الموروث إلى البرزخ لأن كل ما حصل للعبد بغير انتقال لا يسمى إرثا وإنما يسمى هبة وعطية ومنحة يكون العبد فيها نائبا وخليفة لا وارثا. قال في الباب الثمانين والثلاثمائة: ولا يخفى أن الإرث كله يرجع إلى نوعين معنوي ومحسوس فالمحسوس هو الأخبار المتعلقة بأفعاله صلى اللّه عليه وسلم، وأقواله وأحواله وأما المعنوي فهو تطهير النفس من مذام الأخلاق وتحليتها بمكارمها وكثرة ذكر اللّه عز وجل على كل حال بحضور ومراقبة. (فإن قلت): فمن هو أعظم الورثة للأنبياء عليهم الصلاة والسلام ؟

(فالجواب): كما قاله الشيخ في الجواب الثالث عشر من الباب الثالث والسبعين: إن أعظم الورثة الختمان وأحدهما أعظم من الآخر فواحد يختم اللّه به الولاية على الإطلاق وواحد يختم اللّه به الولاية المحمدية فأما خاتم الولاية على الإطلاق فهو عيسى عليه السلام، فهو الولي بالنبوة المطلقة في زمان هذه الأمة وقد حيل بينه وبين التشريع والرسالة فينزل آخر الزمان وارثا وخاتما لا ولي بعده بنبوة مطلقة كما أن محمدا صلى اللّه عليه وسلم، خاتم النبوة لا نبوة تشريع بعده فيعلم أن عيسى عليه السلام، وإن كان بعده ومن أولي العزم وخواص الرسل فقد زال حكمه من هذا المقام بحكم الزمان عليه الذي هو لغيره فيرسل وليا ذا نبوة مطلقة ويلهم بشرع محمد صلى اللّه عليه وسلم، ويفهمه على وجهه كالأولياء المحمديين فهو منا وهو سيدنا فكان آخر الأمر نبيا كما كان آدم أول الأمر نبيا فختمت النبوة بمحمد والولاية بعيسى. قال الشيخ: وأما خاتم الولاية المحمدية فهو رجل من الغرب من أكرمها أصلا ويدا وهو في زماننا اليوم موجود وقد اجتمعت به في سنة خمس وتسعين وخمسمائة ورأيت العلامة التي أخفاها الحق تعالى فيه عن عيون عباده وكشفها لي بمدينة فاس حتى رأيت خاتم الولاية المحمدية منه ورأيته مبتلى بالإنكار عليه فيم يتحقق به في سره من العلوم الربانية وأطال في ذلك.

ثم قال: واعلم أن الأولياء كثيرا ما يتكلمون بالخوارق فينبغي التسليم لهم ما لم يخرج أحد عن الشرع كأن زعم أحدهم أن اللّه تعالى كلمه كما كلم موسى عليه السلام، فإن ذلك يبطل اختصاص موسى واصطفاءه على الناس بالكلام وفي القرآن العظيموَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ [الشورى: 51] الآية.

(فإن قلت): فلم سمّي الإنسان بشرا ؟

(فالجواب): سمي بشرا لمباشرته للأمور التي تعوقه عن اللحوق بدرجة الروح فلو أنه خلص من العوائق لكلمه اللّه تعالى من حيث كلم الأرواح وارتفاع بشريته محال لأن جزءها يدق ولا ينقطع فلا يصح مكالمة اللّه تعالى كفاحا لأحد من الأمة ولو ارتفعت رتبته.

(فإن قلت): فما الفرق بين الكلام والمحادثة والمناجاة فإن أهل اللّه يمنعون المكالمة دون المحادثة والمناجاة ؟

(فالجواب): الفرق بينهما أن مقام الكلام لا بد وأن يسمع صاحبه كلام الحق، والمحادثة والمناجاة ليس فيهما سماع كلام الحق فهم كالمتهجدين في الأسحار يناجون الحق ويسامرونه ويلهمهم الفهم عنه وبعض أهل اللّه يمنع المحادثة مع الحق أيضا لأحد من الأولياء ويقول:

المراد بحديث: إن يكن من أمتي محدثون فعمر هو المناجاة.

(فإن قلت): فما الفرق بين المحدثين من الأولياء والنبيين ؟

(فالجواب): الفرق بينهما التكليف وذلك أن النبوة لا بد فيها من علم التكليف وحديث المحدثين لا تكليف فيه جملة واحدة وإنما يقع لهم الحديث فيما تنتجه الأحوال والمقامات وأطال الشيخ في ذلك في الباب الثالث والسبعين.

(فإن قلت): فما المراد بحديث: إن للّه عبادا ليسوا بأنبياء يغبطهم النبيون بمقامهم وقربهم من ربهم ؟

(فالجواب): المراد بهم أرباب العلوم وأرباب السلوك الذين اهتدو بهدي أنبيائهم ولكن ليس لهم أتباع لعلو مقامهم فهم مستريحون يوم القيامة لا يحزنهم الفزع الأكبر ولا يخافون على أنفسهم لما عندهم من الاستقامة ولا على غيرهم لأنهم ليس لهم أتباع ذكره الشيخ في الباب المذكور أيضا.

(فإن قلت): قد رأينا في كلام بعضهم تكفير الأولياء المحدثين بفتح الدال المهملة لكونهم يصححون الأحاديث التي قال الحفاظ بضعفها.

(فالجواب): تكفير الناس للمحدثين المذكورين عدم إنصاف منهم لأن حكم المحدثين حكم المجتهدين فكما يحرم على كل واحد من المجتهدين أن يخالف ما ثبت عنده فكذلك المحدثون بفتح الدال وكلاهما شرع بتقرير رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، قال الشيخ محيي الدين في الباب الثالث والسبعين من الجواب السابع والخمسين: وقد وقع لنا التكفير مع علماء عصرنا لما صححنا بعض أحاديث قالوا: بضعفها. قال: ونحن نعذرهم في ذلك لأنه ما قام عندهم دليل على صدق كل واحد من هذه الطائفة وهم مخاطبون بغلبة الظن ولو أنهم وفوا النظر معهم حقه لسلموا لهم حالهم كما يسلم الشافعي للحنفي حكمه ولا ينقض حكم من حكم به من الحكام ومما اعتذروا به قولهم لو صدقت القوم في كل ما يدعونه من نحو ذلك لدخل الخلل في الشريعة لعدم العصمة فيهم فلذلك سددنا الباب وقلنا: إن الصادق من هؤلاء لا يضره سدنا هذا الباب قال الشيخ محيي الدين: ونعم ما فعلوه ونحن نسلم لهم ذلك ونصوبهم فيه ونحكم لهم بالأجر التام على ذلك ولكن إذا لم يقطعوا بأن ذلك الولي مخطىء في مخالفتهم فإن قطعوا بخطئه فلا عذر لهم فإن أقل الأحوال أن ينزلوا الأولياء المذكورين منزلة أهل الكتاب لا يصدقونهم ولا يكذبونهم انتهى. وكذلك قال الشيخ أيضا في أواخر الباب الثالث والستين وثلاثمائة ولفظه: اعلم أن من عدم الانصاف من الناس إيمانهم بما جاء من أخبار الصفات على لسان الرسل وعدم إيمانهم بها إذا أتى بها أحد من خواص أتباعهم من العلماء والأولياء فإن البحر واحد وياليتهم إذ لم يؤمنوا بها إذا جاءت على يد الأولياء يأخذونها على وجه الحكاية فإن الأنبياء كما جاءوا بما تحيله العقول وآمن الناس به كذلك ينبغي الإيمان به إذا جاء على لسان الأولياء فكثيرا ما تهبّ نفحة من نفحات الأنبياء على قلوب أتباعهم تؤديهم إلى الموافقة في الألفاظ التي جاءت به الرسل من صفات الباري جل وعلا فكما سلمنا في الأصل فكذلك نسلم في الفرع بجامع الموافقة فإياك والكفران فإنه خسران انتهى. وقال أيضا في الباب الأحد وثلاثمائة: كثيرا ما يرد على أهل الكشف من الأولياء أمور لا تقبلها العقول ونرمي بها وإذ قالها النبي صلى اللّه عليه وسلم، قبلت إيمانا وتأويلا ولا تقبل من غيره وهذا من عدم الإنصاف فإن الأولياء إذا عملوا بما شرع لهم هبت عليهم من تلك الحضرة نفحات جود إلهي تكشف لهم عما شاء اللّه من أعيان تلك الأمور الإلهية التي قبلت من الأنبياء فإذا جاء بها ولي كفروه مع أنهم يؤمنون به عينها إذا جاء بها النبي فما أعمى بصيرة هؤلاء المكفرين وأقل الأمور أن يقولوا له: إن كان ما تقول حقا وإنك خوطبت به أو كشف لك عنه فتأويله كذا وكذا. إن كان ذلك من أهل التأويل وإن كان ظاهريا يقول قد ورد في الخبر النبوي ما يشبه هذا فإن ذلك ليس هو من شرط النبوة ولا حجره الشارع في كتاب ولا سنة انتهى.

(فإن قلت): فإن سلمنا للأولياء ما جاءوا به فما حكمه إذا خالف ما جاءت به الرسل ؟

(فالجواب): حكمه الرد فإن الولي إذا أتى في كشفه بما يخالفه ما كشف للرسل وجب علينا الرجوع إلى كشف الرسل وعلمنا أن ذلك الولي قد طرأ عليه في كشفه خلل لكونه زاد على كشفه نوعا من التأويل بفكره فلم يقو مع كشفه فهو كصاحب الرؤي يخبر عما رأى وكشفه صحيح، ولكن أخطأ في التعبير فإن الكشف لا يخطئ أبدا وإنم المتكلم في مدلول ذلك يخطئ ويصيب إلا إن كان يخبر عن اللّه تعالى في ذلك انتهى. قال الشيخ أبو تراب النخشبي رحمه اللّه: إذا ألف القلب الإعراض عن اللّه صحبته الوقيعة في أولياء اللّه. قال: ولما علم العارفون من المجادلين بغير علم أنهم لا بد لهم من الإنكار على الطائفة عدلوا إلى الإشارات كما عدلت مريم عليها السلام من أجل أهل الإفك والإلحاد إلى الإشارة فكل آية أو حديث له عندهم وجهان: وجه يرونه في نفوسهم ووجه يرونه فيما خرج عنهم قال تعالى: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ [فصلت: 53] . فيسمون ما يرونه في نفوسهم إشارة ليؤنسوا بذلك المنكرين عليهم ولا يسمونه تفسيرا وقاية لشرهم وتشنيعهم عليهم وذلك لجهلهم بمواقع خطابات الحق تعالى واقتدوا في ذلك بسنن من قبلهم فإن اللّه تعالى كان قادرا على أن ينص ما تأوله أهل اللّه وغيرهم في كتابه ومع ذلك فما فعل بل أدرج في تلك الكلمات الإلهية التي نزلت على لسان العامة علوم معاني الاختصاص الخاص فهمها بالخلص قال: ولو أن هؤلاء المنكرين ينصفون لاعتبروا في نفوسهم إذا نظروا في الآية بالعين الظاهرة التي يسلمونها فيما بينهم فيرون أنهم يتفاضلون في ذلك ويعلو بعضهم على بعض في الكلام في معنى تلك الآية مثلا. ويقر الفاضل منهم بفضل الأفضل والقاصر بفضل غير القاصر فيها وكلهم في مجرى واحد ومع هذا الفضل المشهود لهم فيما بينهم ينكرون على أهل اللّه إذا جاءوا بشيء مما يغمص عن إدراكهم وذلك لأنهم يعتقدون فيهم أنهم ليسوا بعلماء وأن العلم لا يحصل إلا على يد المعلم المعتاد في عرفهم وصدقوا فإن أصحابنا ما حصل لهم العلم إلا بالإعلام الروحاني الرباني فهم عاكفون على حضرته ينتظرون ما يفتح اللّه به على قلوبهم قال تعالى: خَلَقَ الْإِنْسانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيانَ(4) [الرحمن: 3، 4] . وقال تعالى: عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ(5) [العلق: 5] . وقال في حق الخضر: وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً [الكهف: 65] فصدق المنكرون فيم قالوا: إن العلم لا يكون إلا بالتعلم وأخطأوا في اعتقادهم أن اللّه تعالى لا يعلم من ليس بنبي ولا رسول قال تعالى: يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ [البقرة: 269] .

والحكمة هي العلم وجاء بمن وهي نكرة، ولكن لما آثر هؤلاء المنكرون الدنيا على الآخرة وآثروا ما يتعلق بجناب الخلق على ما يتعلق بجناب الحق وتعودو أخذ العلم من الكتب وأفواه الرجال الذين من جنسهم ورأوا في زعمهم أنهم من أهل اللّه تعالى بما علموا وامتازوا عن العامة حجبهم ذلك عن أن يعلموا أن للّه عباد تولى تعليمهم في سرائرهم على يد ملك الإلهام فعلمهم معاني كلامه وكلام رسله وهو تعالى هو العالم الحقيقي وأطال في ذلك. ثم قال: فلهذا صان أهل اللّه تعالى نفوسهم بتسميتهم الحقائق إشارات فإن المنكرين لا يرون الإشارات وأين هؤلاء المنكرون من قول علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه: لو تكلمت لكم في تفسير الفاتحة لحملت لكم سبعين وقرا فهل هذا العلم إلا من العلم اللدني الذي أعطاه اللّه تعالى في القرآن إذ الفكر لا يصل إلى ذلك. وقد كان أبو يزيد البسطامي رضي اللّه عنه، يقول: خطابا للمنكرين عليه في زمانه: قد أخذتم علمكم ميتا عن ميت وأخذنا علمن عن الحي الذي لا يموت، وكان الشيخ أبو مدين إذا سمع أحدا يقول: نقل فلان عن فلان: لا تطعمونا القديد أطعمونا اللحم الطري يرفع بذلك همة أصحابه كأنه يقول:

لا تحدثونا بفتوح غيركم وحدثونا بفتوحكم الجديد في فهمكم لكلام اللّه أو كلام رسوله. فعلم أن أهل اللّه تعالى ما وضعوا الإشارات التي اصطلحوا عليه فيما بينهم لأنفسهم فإنهم يعلمون الحق الصريح في ذلك وإنما وضعوها للدخيل بينهم حتى أنه لا يعرف ما هم فيه شفقة عليه أن يسمع منهم شيئا لا يصل إلى عقله القاصر فينكر عليهم فيحرم ذلك العلم فإنه قد جرب أن ما أحدا أنكر شيئا على أحد من العارفين إلا وحرم ذلك الشيء عقوبة له وأطال في ذلك ثم قال:

وأصل الإنكار كله الحسد المشتمل عليه النوع البشري ولو أن الناس تركو الحسد لأنيرت قلوبهم وأدركوا علوم أهل اللّه تعالى وقد بسطنا الكلام على ذلك في المقدمة أول هذا الكتاب وأطال الشيخ محيي الدين الكلام على ذلك في الباب الثلاثين من الفتوحات المكية واللّه أعلم.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!